علي العريض رئيس وزراء شهدت ولايته اغتيالات في تونس
Read this story in Englishرئيس الوزراء التونسي علي العريض الذي قدم استقالته الخميس تطبيقا لاتفاق للخروج من ازمة سياسية مستمرة منذ اشهر في تونس، رجل حوار ينتمي الى التيار المعتدل في حزب النهضة الاسلامي وقد شهدت ولايته اغتيالات هزت تونس.
وقد اوقف خلال نشاطه في اطار التيار الاسلامي، وتعرض للتعذيب في عهد الرئيس زين العابدين بن علي (1987-2011).
ولد علي العريض (57 عاما) في مدينة مدنين بالجنوب الشرقي التونسي وكان تخرج مهندسا اول من مدرسة البحرية التجارية بسوسة بالساحل الشرقي التونسي.
رأس العريض مجلس شورى حركة "الاتجاه الاسلامي" من 1982 الى 1986 اثر سجن القيادات التاريخية للحركة الاسلامية في تونس وبينهم راشد الغنوشي. وتولى مع رئيس الحكومة المستقيل حمادي الجبالي ادارة قيادة الحركة الداخلية وتوثيق العلاقة مع الوسط السياسي في أجواء من الملاحقة الامنية الشديدة بين محاكمة القيادة في 1981 والانفراج السياسي في 1984.
تم توقيفه للمرة الاولى وحكم عليه بالاعدام في 1987 ضمن عدد من قياديي الحركة قبل ان يصدر بن علي بعد اطاحته بالرئيس الحبيب بورقيبة (1957-1987) في العام ذاته، عفوا عن زعماء الحركة الاسلامية في 1988.
وشغل منصب عضو المكتب التنفيذي للحركة وراس المكتب السياسي في 1988 حتى تاريخ اعتقاله في نهاية 1990. وجاء اعتقاله في سياق حملة نظام بن علي على حركة النهضة اثر الانتخابات التشريعية لعام 1989 التي حصل فيها الاسلاميون على نحو 17 بالمئة بحسب نتائج رسمية والتي اصبحت على اثرها النهضة العدو الاول للنظام الذي جعل من "الخطر الاسلامي" فزاعة والتصدي له اداة لتثبيت وجوده خصوصا لدى الغرب.
وحكم على علي العريض في 1992 بالسجن 15 عاما منها 13 عاما في الحبس الانفرادي. ووسط اجواء الحملة على الاسلاميين تعرض للضغوط والتعذيب مثل الكثير من رفاقه في النهضة. وهدد في السجن بحقنه فيروس الايدز وتمت فبركة شريط فيديو ذا طابع اباحي يصوره في علاقة مع رجل آخر بهدف ضرب مصداقيته وتحطيم معنوياته.
كما تعرضت زوجته وداد، وهي ام اطفاله الثلاثة، الى تحرش جنسي في السجن تم تصويره للضغط على زوجها، بحسب الفدرالية الدولية لحقوق الانسان.
لكن في انتخابات 23 تشرين الاول 2011 وفي خضم "ثورة الحرية والكرامة" نهاية 2010 وبداية 2011، فاز حزبه باكبر عدد من مقاعد المجلس التاسيسي في اول انتخابات حرة في تاريخ تونس.
واصبح الرجل النحيف ذو الشارب والذي يضع نظارتين، وزيرا للداخلية وعلى راس الاجهزة التي كانت بين يدي جلاديه. وقال حينها "كنت قريبا جدا من الموت مرارا في زنازين وزارة الداخلية. لكني افرق بين تلك الفترة والان. الآن جاءت الثورة من اجل ان نتقدم ونرسي عدالة انتقالية وليس من اجل الانتقام".
ويعتبر العريض رجل حوار وينتمي للتيار المعتدل في حزب النهضة مثل الجبالي. ويشير قادة المعارضة التونسية الى انفتاحه مقارنة بغيره من قيادات جيله. غير ان حصيلة عمله لمدة 14 شهرا في وزارة الداخلية ليس موضع اجماع بل ان هناك من اتهمه بالتراخي في مواجهة التيار السلفي العنيف.
وتعرض العريض الى انتقادات شديدة بسبب عدم نشره قوات كافية من الامن حول السفارة الاميركية في 14 ايلول حين كان السلفيون الذي هاجموها يدعون للتظاهر امام المبنى. وعمت الفوضى حينها قوات الامن في البداية وتمكن متظاهرون من الدخول الى محيط السفارة وحرق سيارات كثيرة في مرآبها وايضا المدرسة الاميركية المحاذية. وانتهى الهجوم بمقتل اربعة متظاهرين بايدي الامن.
لكن علي العريض يعتبر "بعبع" السلفيين الجهاديين وكان موضع انتقادات لاذعة من ابي عياض زعيم "انصار الشريعة" في تونس والذي يعتبر منظم الهجوم على السفارة.
وقال ابو عياض منتصف ايلول اثناء حصار الامن لمسجد كان فيه بالعاصمة قبل ان يتمكن من الفرار ان العريض "يؤسس لديكتاتورية جديدة بانشاء عدو موهوم هو تيار السلفية" الجهادية، بحسب قوله.
وفي ما يلي الاجراءات القانونية التي ستكون سارية عقب استقالة رئيس الوزراء التونسي الاسلامي علي العريض الخميس، في عملية من شانها ان تقود البلاد الى انتخابات خلال 2014.
ونظرا لتعليق دستور 1959 ، تتم ادارة تونس بموجب اعلان دستوري صدر في 16 كانون الاول 2011 اطلق عليه "التنظيم الموقت للسلط العمومية" او "الدستور الصغير".
ومن مفارقات هذه الوثيقة انها لم تنص على احتمال استقالة رئيس الحكومة بل فقط على "صورة العجز او الوفاة" او اقالته من قبل المجلس الوطني التأسيسي المنتخب في تشرين الاول 2011 بعد الثورة التي اطاحت بالرئيس زين العابدين بن علي.
غير ان هذا النقص ليست له انعكاسات قانونية اذ انه في القانون مبدئيا "كل ما هو ليس محظور مسموح به" وقد سبق وطرأت مثل هذه الحالة في شباط 2013 مع استقالة حمادي الجبالي.
وبالتالي فان التدابير المقررة في "الدستور الصغير" ستكون سارية المفعول.
وينص الفصل 19 على انه اذا اقيل رئيس الوزراء فان تنحيه لا يبدأ الا بعد تعيين رئيس الحكومة الجديد الذي يجب ان يتم "وفق الاجراءات المنصوص عليها في الفصل 15" وتولي الحكومة الجديدة مهامها.
وينص الفصل 15 على انه بعد الاستقالة يكلف الرئيس المنصف المرزوقي "مرشح الحزب الذي فاز باكبر عدد من المقاعد في المجلس الوطني التاسيسي بتشكيل الحكومة" ويتعلق الامر هنا بحركة النهضة الاسلامية (89 نائبا من اصل 217) التي سترشح مهدي جمعة وفقا لاتفاق توصلت اليه مختلف الاحزاب السياسية في منتصف كانون الاول 2013.
ويتعين حينها على المرشح "قي مهلة لا تتجاوز 15 يوما" ان يشكل حكومته ويعد برنامجا "يطلع عليه رئيس الجمهورية".
وبعد ذلك يتعين على رئيس المجلس الوطني التأسيسي مصطفى بن جعفر ان يعقد جلسة عامة "بعد ثلاثة ايام على اقصى تقدير اعتبارا من تاريخ تشكيل الحكومة للمصادقة عليها بالاغلبية المطلقة من الاعضاء" اي 109 نواب.
وينص "الدستور الصغير" على انه اذا لم يتمكن الشخص المعين من تشكيل الحكومة او لم يحصل على ثقة المجلس الوطني التأسيسي فان الرئيس يقوم حينها "بمشاورات مع الاحزاب والائتلافات والكتل البرلمانية لمنح الشخصية الاوفر حظا لتشكيل الحكومة تبعا لنفس التدابير والاجال".