المصريون يدلون باصواتهم في استفتاء على الدستور يريده السيسي مبايعة له
Read this story in Englishبدأت الثلاثاء في مصر عمليات الاقتراع في استفتاء على الدستور الجديد الذي يريده عبد الفتاح السيسي، القائد العام للقوات المسلحة والرجل القوي في البلاد منذ عزل الرئيس الاسلامي محمد مرسي، مبايعة علنية له.
وقال الفريق اول عبد الفتاح السيسي السبت انه سيترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة "اذا طلب الشعب" منه ذلك وايد الجيش ترشحه، وذلك بعد ستة اشهر من قيامه بعزل مرسي الذي كان اول رئيس مدني منتخب ديموقراطيا في مصر.
في القاهرة تشكلت صفوف من الناخبين منذ الصباح الباكر امام مكاتب الاقتراع التي اقيمت في المدارس فيما انتشرت اعداد كبيرة من رجال الشرطة وجنود الجيش المسلحين امام مكاتب الاقتراع.
في مكتب اقتراع اقيم في مدرسة جمال عبد الناصر في الدقي بالجيزة (غرب القاهرة) وقفت عشرات السيدات في صف طويل وهن يرفعن اعلام مصر ويرددن هتافات مؤيدة للسيسي والجيش.
وجرت اشتباكات بين قوات الامن ومتظاهرين من انصار جماعة الاخوان المسلمين في بعض المحافظات خلفت خمسة قتلى.
وقال بيان لوزارة الصحة المصرية ان اشتباكات جرت على هامش اليوم للاستفتاء خلفت خمسة قتلى وخمسة مصابين عبر البلاد.
ففي محافظة سوهاج (نحو 470 كيلو جنوب القاهرة)، قتل اربعة اشخاص حسبما قالت وزارة الصحة واكد مصدر امني.
وفي محافظة بني سويف (120 كيلومترا جنوب القاهرة)، قتل شخص برصاصة في الصدر، حسبما افاد مدير مستشفى ناصر الحكومي بالمدينة فرانس برس عبر الهاتف.
وفي بلدة الحوامدية (جنوب محافظة الجيزة) اشعل مؤيدو جماعة الاخوان النيران في سيارة شرطة كما فرقت الشرطة تظاهرات لانصار الجماعة في الاسكندرية، بحسب مصدر امني.
وقبل ساعتين من فتح مكاتب الاقتراع في الساعة التاسعة (7,00 تغ)، وقع انفجار بعبوة بدائية الصنع امام محكمة في منطقة امبابة بالجيزة (غرب القاهرة) من دون ان يسفر عن وقوع اصابات او ضحايا، بحسب مسؤول في وزارة الداخلية.
وقال مصور من فرانس برس في موقع الانفجار انه اسفر عن تهشم الواجهة الزجاجية للمحكمة وقسم من واجهة محل وزجاج بنايتين مجاورتين.
واضاف ان العشرات من ابناء الحي تجمعوا بعد الانفجار وهم يحملون صور السيسي ويرددون "حننزل .. حننزل" في اشارة الى تصميمهم على المشاركة في الاستفتاء.
وتنوعت اسباب المشاركة في الاستفتاء فبعض الناخبين اكدوا انهم نزلوا من اجل "الخلاص من الاخوان" بينما قال اخرون انهم يريدون "الاستقرار" بعد ثلاث سنوات من الاضطرابات ادت الى ازمة اقتصادية والى ارتفاع مطرد للتضخم.
وقالت وجدان الحناوي وهي مديرة شركة انطلقت من هاتفها المحمول اغنية "تسلم الايادي" (التي اعدت لتحية الجيش بعد عزله محمد مرسي في تموز) "هذه اسعد لحظة في التاريخ، نحن نصوت للدستور الذي تستحقه مصر".
الطبيبة حنان جاب الله محمد التي حملت علم مصر قالت "هذه خطوة هامة للخلاص من الاخوان. هذا استفتاء من اجل عودة مصر لمسارها الطبيعي، نحن هنا لا نبايع السيسي نحن هنا نختار دستورا جديدا".
في حي السيدة زينت الشعبي قالت ربة المنزل منى صلاح وهي تنتظر دورها للادلاء بصوتها "سأقول نعم للدستور، نعم لكي يقف بلدي مرة اخرى على قدميه".
وفيما كان ينتظر في طابور طويل للناخبين، قال بائع الخبز جلال زكي "الاستفتاء نهاية الاخوان المسلمين. نحن نقول نعم للمستقبل ولا للاخوان المسلمين".
وقام الفريق الاول السيسي بتفقد احد مكاتب الاقتراع في مصر الجديدة (شمال القاهرة) بعد بدء التصويت لتفقد الحالة الامنية وتحدث الى الجنود قائلا "شدوا حيلكم، نريد تأمينا كاملا للاستفتاء".
كما ادلى الرئيس المؤقت عدلي منصور بصوته ودعا المصريين الى المشاركة مؤكدا ان "التصويت ليس لصالح الدستور فقط ولكن لصالح خارطة المستقبل كلها يجب أن يكون فى البلاد رئيس منتخب ومجلس تشريعي منتخب أيضا".
وأضاف "لا بد أن يثبت الشعب للإرهاب الأسود أنه لا يخشى شيئا وأنه مصمم على النزول دائما".
من جانبه قال رئيس الوزراء حازم الببلاوي بعد ان اقترع "اتوقع ان يقبل المصريون بقوة على المشاركة ليؤكدوا ان ثورتهم تسير على الطريق الصحيح" مضيفا "بلدنا في حاجة لكل صوت".
ويقول خبراء ان السلطة الجديدة ترى في هذا الاقتراع وسيلة للحصول على مبايعة شعبية.
واكد اندرو هاموند الخبير في المجلس الاوروبي للعلاقات الخارجية "انهم بحاجة الى اقتراع شعبي بالثقة يتيح للفريق اول السيسي الترشح للرئاسة اذا ما قرر ذلك".
ويرى اسكندر عمراني مدير ادارة شمال افريقيا في مجموعة الازمات الدولية ان الاستفتاء "اختبار لنظام ما بعد مرسي اي للنظام الجديد القائم".
الفريق اول السيسي وزير الدفاع والنائب الاول لرئيس الوزراء وقائد الجيش هو الاكثر شعبية في مصر الان وصوره معلقة في الشوارع وعلى ابواب المحلات وفي بعض الادارات.
لكنه العدو اللدود للاسلاميين المؤيدين لمرسي الذين يتهمونه بالقيام ب"انقلاب عسكري" ويدعون لمقاطعة الاستفتاء.
وكان السيسي هو الذي اعلن في الثالث من تموز اقالة مرسي وعين في اليوم نفسه عدلي منصور رئيسا انتقاليا وتلا امام الكاميرات خارطة الطريق التي تقضي باجراء انتخابات "حرة" في النصف الاول من العام 2014.
ومنذ ذلك الحين قتل اكثر من الف شخص في عمليات القمع واعتقل الاف من الاخوان المسلمين من بينهم الغالبية العظمى من قيادات الجماعة. ومثلهم مثل مرسي، يحاكم قياديو الاخوان بتهمة التحريض على قتل المتظاهرين اثناء توليهم السلطة وهي تهمة تصل عقوبتها الى الاعدام.
عند عزل مرسي في الثالث من تموز استند السيسي الى نزول ملايين المتظاهرين في الشوارع في 30 حزيران للمطالبة برحيل الرئيس الاسلامي الذي اتهموه بالسعي الى تمكين جماعته من كل مفاصل الدولة والفشل في اصلاح اقتصاد على وشك الانهيار.
ولم يتردد السيسي في خطابه السبت في الربط بوضوح بين دعوته للمصريين للمشاركة بكثافة في الاستفتاء والتصويت ب "نعم" للدستور وبين مستقبله السياسي. وكان قال قبل يومين من الاستفتاء انه سيترشح للرئاسة "اذا طلب الشعب" ذلك.
ومشروع الدستور الجديد حذفت منه المواد التي كانت تسمح بأكثر التفسيرات تشددا للشريعة الاسلامية والتي اضيفت الى الدستور الذي اعد تحت حكم مرسي. لكنه وسع صلاحيات الجيش.
يقول هاموند ان "المصريين ليسوا مدعوين في الحقيقة الى الاقتراع على نص لكن المطلوب منهم منح دعمهم لنظام تموز".
من جانبه اعلن الجيش نشر 160 الف جندي لتأمين قرابة 30 الف مكتب اقتراع في البلاد. لكن ربما يبقى العديد من الناخبين في منازلهم خوفا من اعتداءات محتملة مماثلة لتلك التي شهدتها البلاد كثيرا منذ عزل مرسي.