الراعي: انتخاب رئيس جديد ضروري ومخرج الازمة هو بالعودة للمصلحة الوطنية

أعلن البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي عن "وثيقة بكركي الوطنية"، التي شددت على ان انتخاب رئيس جديد للجمهوري بات "ضرورة"، وأن لا حل للأزمة الراهنة سورى بالعودة الى المصلحة الوطنية العليا.

واثر اجتماع المطارنة الموارنة الدوري الشهري، الاربعاء، قرأ الراعي الوثيقة الوطنية، التي جددت تأكيد الكنيسة على الثوابت التي تؤمن بها، طارحة الهواجس التي تراود الشعب وترسم أسس المستقبل.

وتركز المذكرة على ثلاثة: العيش المشترك، الميثاق الوطني والصيغة.

وشدد على أن العيش المشترك، ليس "شيئاً عرضياً أو شعاراً مرحلياً، إنما لب التجربة اللبنانية، على الرغم من بعض التصرفات التي تحدو بالبعض أحيانا إلى الشك بهذه التجربة".

وأكد ان "صلب العيش المشترك هو الإنتماء إلى مشروع حضاري التقى فيه الإسلام والمسيحية"، مشيراً الى ان هذا المشروع الحضاري "أرسي على ثوابت ثلاث: الحرية، والمساواة في المشاركة، وحفظ التعددية، وهي ثوابت في أساس تكوين الدولة اللبنانية".

واضاف ان الميثاق "لم يكن يوما مجرد تسويات، أو تفاهمات عابرة، يقبل بها اليوم ويراجع في شأنها غدا، أو يتم التراجع عنها في أوقات تضارب المصالح والخيارات"، مردفاً أن "التجربة التاريخية أثبتت بأن لبنان لا يقوم إلا بجناحيه المسلم والمسيحي".

الى ذلك، حذر الراعي من أن الوضع الراهن بلغ "مرحلة الأزمة المصيرية، وهذا لا يخفى على أحد"، لافتاً الى أن الكنيسة "لا يمكنها أن تقف موقف المتفرج مما يهدد مستقبل لبنان".

واعتبر ان "ما ينقذ التجربة اللبنانية، هو مضي اللبنانيين قدما في استكمال إنجاز بناء الدولة وعلى اللبنانيين أن يعوا بأن أي مشروع وطني لا يمكن أن يتجذر في الواقع، إلا إذا أنتج دولة عادلة وقادرة ومنتجة، في كيان مستقر يخدم الإنسان".

وحذر "جميع اللبنانيين، ولا سيما المسؤولين السياسيين، من استمرار التفرد والتعنت والطمع في السلطة، فذلك سيأخذ لبنان نحو الهاوية".

وأكد أن "من النتائج الخطيرة لتكبيل المؤسسات الدستورية تحويل الاستحقاقات الدستورية بمهلها أزمات وجودية، بدلا من أن تكون فرصا للديمرقراطية من أجل تداول سلس للسلطة".

وحذر كذلك من "إقحام لبنان في قضايا الجوار من دون التبصر في ما يعود به ذلك على الوطن وتركيبته".

من هنا شدد على "حياد لبنان الايجابي، المرتكز على قوته الدفاعية بدعم الجيش وسائر القوى الأمنية، والملتزم قضايا الأسرة العربية".

وتابع "كي يتمكن لبنان المحايد من تأدية رسالته، يجب أن يكون قويا للدفاع عن نفسه ولخدمة محيطه. وإلى أن يستطيع استكمال مسيرة هذا الحياد، يجب العمل على تحييده عن الصراعات بين المحاور الإقليمية والدولية، كما نص عليه إعلان بعبدا".

وشدد على أنه لا يجب السماح باستعمال لبنان "مقرا أو ممرا أو منطلقا لأي عمل من شأنه أن يورطه في هذه الصراعات أو في أزمات تتنافى وخصوصيته، والتوصل إلى الإستراتيجية الدفاعية الوطنية المنشودة، التي تمكن لبنان من استرجاع أراضيه وحماية حدوده".

وأكد ان "الخروج من الأزمة الراهنة لا يكون إلا بالعودة إلى المصلحة الوطنية العليا على أسس الميثاق والدستور".

وشدد على "الحوار الداخلي، وكي ينجح في ترسيخ سلام حقيقي يجب أن يحصل في إطار المؤسسات، استكمالا لهيئة الحوار الوطني، وأن تحكمه آليات الديمقراطية التوافقية التي تنطلق من أسس الميثاق والدستور".

وأكد الراعي، صون الدستور والتقيد به والإلتزام الجدي ببناء الدولة العادلة والقادرة والمنتجة من خلال: حفظ السيادة، وحصرية القوة العسكرية في يد الشرعية باستكمال بناء جدي لجيش عصري ومن خلال حماية إستقلالية القضاء، والإلتزام بتفعيل عمل المؤسسات الدستورية وإنفتاح لبنان على قوة أبنائه في الانتشار والعمل على منحهم حقهم في الإقتراع، وعلى إقرار قانون استعادة الجنسية.

وشددت على انتخاب رئيس جديد للجمهورية، كرئيس للدولة وحام للدستور، من ضمن المهلة المحددة دستوريا وخارج أي جدل دستوري.

كما شددت على تأليف حكومات كفية، تعتمد خططا ولا ترتجل السياسات والحلول، وتلتزم ببياناتها الوزارية، وتنهض بالإقتصاد الوطني وتحقق المساواة والعدالة الإجتماعية، وتكافح الفقر والبطالة، وتقفل نهائيا ملف التهجير، وتضع خطة لمعالجة الدَّين العام وعجز الدولة عن إيفائه؛ وتقترح قوانين لحوكمة جيدة للإعلام، تحافظ على حريته المسؤولة، وتساعده على تأكيد استقلاليته، عبر التمويل الذاتي بوسائل معلنة وشفافة.

ودعا الراعي في المذكرة إلى "الاهتمام بالشباب الذين هم ثروة البلاد الكبرى والقوة التجددية في المجتمع والكنيسة وتعزيز مساهمة المرأة في المسؤوليات العامة ومشاركتها في الحياة السياسية".

كما دعا إلى "العمل على إصلاح إدارة الدولة وتحديثها باعتماد الكفاية العلمية والأخلاقية، واعتبار محاربة الفساد أولوية مطلقة، لأنه معطل أساسي لقيام الدولة"،

وشدد على "الحرص على الدعم الدولي لاستقرار في لبنان وتعزيز اقتصاده وتقوية قدرات الجيش اللبناني، والجهد القائم لمواجهة مشكلة النازحين السوريين".