طريق إبن وطى المصيطبة لم تكن سهلة وباسيل وريفي عقدتا الساعات الأخيرة
Read this story in Englishلم يكن يعلم تمام سلام الذي نال ثقة 124 نائبا من أصل 128 في مجلس النواب أنه سيبقى رئيسا "مكلفا" لقرابة 11 شهرا قبل أن يؤلف الحكومة، في فترة زمنية تداخلت معها التعقيدات الإقليمية والوضع السوري، إضافة إلى الشروط المحلية التي كان جبران باسيل وأشرف ريفي أبرز أسمائها.
في السادس من نيسان عام 2013 أسند رئيس الجمهورية ميشال سليمان المهمة المعقدة في تاريخ لبنان الحديث، إلى ابن وطى المصيطبة الذي تولى أبيه صائب سلام هذه المهمة لسبع مرات اخرها في العام 1973.
إلا أن الصعوبات التي واجهت الوالد لم تكن مشابهة للتي واجهت نجله (69 عاما)، وأبرزها الوضع الخطير في سوريا المجاورة والصراع الدولي المحتدم بين روسيا والولايات المتحدة الأميركية والإقليمي المتصاعد بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية.
خلال أحد عشر شهرا أيد سلام جميع أنواع الحكومات، من 30 وزيرا إلى 24 وزيرا، ومن حكومة حيادية إلى أخرى سياسية جامعة إلى تكنوقراط.
واستقبل سلام مختلف الصفات الدبلوماسية في الدولة اللبنانية لتيقنه بأنها اللاعب الأساسي في عملية التأليف، حتى وصل إلى يوم أصيب فيه بفيروس في الأمعاء في 20 تشرين الأول الماضي، لكنه رفض الإعتذار.
في الثالث من أيلول عام 2012 قال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله قبيل تهديد لنجيب ميقاتي بالإستقالة أن الحكومة إذا استقالت "لا يمكن تشكيل اخرى في اقل من سنة" على وقع المشاركة في القتال الدائر في سوريا، ورفض تيار "المستقبل" الجلوس معه في حكومة واحدة قبل الإنسحاب.
إلا ان ما دفع محركات التأليف بعد جمود لأشهر إعلان رئيس الحكومة الأسبق النائب سعد الحريري في 17 كانون الثاني استعداده للجلوس مع الحزب لأن " لبنان يمر في فترة صعبة والخطوط الحمراء تمليها احتياجات البلاد ونحن نريد أن تستقر البلاد" كما قال.
وأتى كلام الحريري في ظل تقارب أميركي إيراني على الملف النووي، وبعد أربعة أيام على كلام إيراني عن "أفضل علاقات التعاون مع دول المنطقة والسعودية ودعم تشكيل الحكومة" من قلب بيروت على لسان وزير الخارجية محمد جواد ظريف.
أما عندما وصلت الأمور إلى مرحلة البحث في الأسماء، عادت الفيتوات وكان كل من جبران باسيل وأشرف ريفي نجميها، حتى حصلت التنازلات ولم يحصل لا الأول على وزارة الطاقة والمياه ولا الثاني على وزارة الداخلية.
في 23 آذار من العام الفائت قدم نجيب ميقاتي استقالته من الحكومة على وقع "سبب معلن" هو عدم التجديد لمدير عام القوى الأمن الداخلي حينها أشرف ريفي، الذي شاءت المصادفات أن يكون هو "السبب المعلن" أبضا لتأخير التشكيل من الجمعة إلى السبت.
وبالرغم من رفض تيار "المستقبل" حقيبة وزارة الطاقة لباسيل، حصل تقارب مفاجئ مع التيار "الوطني الحر" أفضى إلى إنساد الخارجية لباسيل مع الإبقاء على الطاقة ضمن حصة تكتل "التغيير والإصلاح" وتحديدا إلى حزب الطاشناق.
وبعد هذا الإتفاق بقيت عقدة ريفي الذي طرحه "المستقبل" لوزارة الداخلية ما لاقى رفضا من حزب الله، الذي بحسب معلومات صحفية "وعد ريفي سابقا بهذه الوزارة إلا أنه رفضها اليوم بعد هجوم ريفي الدائم على الحزب عندما استقال من الأمن الداخلي".
حتى ظهر السبت كان المشاورات حول الحقيبة التي سيتولاها ريفي "كي لا يموت الذئب ولا يفنى الغنم" فكان أن سرب حديثا إلى قناة الـ"MTV" قائلا أنه يرفض حقيبة الشؤون الإجتماعية أو العمل، ما دفع إلى إعطائه حقيبة العدل التي تعتبر في لبنان الحقيبة السيادية الخامسة.
هذه الصولات والجولات كانت بهندسة خفية للاعبين: وليد جنبلاط للتواصل مع 14 آذار ونبيه بري للتواصل مع 8 آذار. الأول لجم أكثر من مرة تهديد رئيس الجمهورية بتشكيل حكومة أمر واقع، والثاني أقنع حزب الله بالقبول بصيغة 8-8-8 بعدما رفضها سابقا قطعا.وفي النهاية أتت الحكومة "خير من أن لن تأتي أبدا".