تعقب الرحلات التجارية في الوقت الفعلي ممكن لكنه مثير للجدل
Read this story in Englishحرك اختفاء طائرة البوينغ التابعة للخطوط الجوية الماليزية الجدل حول الصندوقين الاسودين وضرورة تزويد الطائرات باجهزة مكلفة تبث الاف المعطيات في الوقت الفعلي، يشكك البعض في مدى فائدتها.
وفي الرحلات التجارية هذه المعلومات تحفظ في الصندوقين الاسودين، احدهما يسجل كل ثانية بيانات الرحلة، بينما الاخر يتولى المحادثات وكل الاصوات والبلاغات التي تسمع في قمرة القيادة.
لكن للاطلاع على هذه البيانات بعد وقوع حادث على المحققين العثور على الصندوقين وهي مهمة سهلة نسبيا في حال تحطمت الطائرة على البر، واصعب بكثير في حال وقع الحادث فوق المحيط.
وهذا ما حصل مع رحلة "ايه اف 447" التابعة للخطوط الجوية الفرنسية والتي فقد اثرها خلال قيامها برحلة بين ريو دي جانيرو وباريس في الاول من حزيران 2009. وتطلب الامر 23 شهرا قبل العثور على الصندوقين الاسودين وكشف ملابسات الحادث الذي اوقع 228 ضحية.
تقنيا بات من الممكن اليوم بث كل المعلومات التي يسجلها الصندوق الاسود في الوقت الفعلي، من خلال الاقمار الاصطناعية. الا ان شركات الطيران التي تريد الحفاظ على اسعار متدنية في منافسة بعضها البعض لا تبدو متحمسة لتحمل هذه الكلفة ولو انها يمكن ان تسرع في عمليات التحقيق.
وقال بيتر غولز المدير السابق للوكالة الاميركية لسلامة النقل في مقابلة مع وكالة فرانس برس ان "العقبات التقنية زالت وفي ما يتعلق بالكلفة الامر ضمن نطاق المعقول". واضاف ان "الحقيقة هي ان شركات الطيران ترفض التحرك طالما انها لا تتلقى امرا بذلك".
وبالنسبة الى الرحلة "ايه اف 447" ، تركت الطائرة اثارا وراءها فقد ارسلت 24 انذارا تلقائيا بوقوع اعطال في غضون اربع دقائق.
وحتى الان اعلنت السلطات الماليزية ان الطائرة المفقودة مزودة بنظام يرسل هذه الانذارات التلقائية الا ان شركة الطيران لم توضح ما اذا تم تلقي اي رسائل.
وقبل 12 عاما قدرت شركة "ال-3" الاميركية المتخصصة في اجهزة الملاحة الجوية ان الكلفة السنوية لتزويد طائرات شركة طيران معينة بانظمة بث بالوقت الفعلي تبلغ 300 مليون دولار، بحسب مجلة "بلومبورغ بيزنسويك".
الا ان غولز يعتبر انه "ليس من الضروري بث كل المعطيات بشكل متواصل".
ويمكن بالتالي برمجة النظام ليبث فقط بعض البيانات عندما تسير الامور على ما يرام وارسال اقصى قدر من المعلومات في حال رصد اي عطل او خلل.
وتبقى مسالة التطبيق. ويقول غولز ان الحل الامثل يكون في ان تفرض السلطات المدنية على شركات الطيران التزود بهذه الانظمة كما هو الامر بالنسبة الى اجهزة تفادي الاصطدام ورصد الدخان في مقصورة الحقائب في الطائرة.
وتساءل جون كوكس الطيار السابق والذي يراس الان شركة تقدم استشارات لشركات الطيران "التكنولوجيا موجودة لكن السؤال هو لماذا نستثمر هذه المبالغ؟" واضاف ان ما يثني عن اعتماد هذه الوسائل هو "الكم الهائل من المعلومات" التي ستتعين معالجتها تضاف الى ذلك مخاطر تحليلها بشكل خاطئ.
وختم كوكس بالقول "على ضوء دراسة حالات سابقة، يتبين لنا ان عدد الطائرات التي اختفت دون ان تترك اثرا لم يكن كبيرا. كما ان التكنولوجيا المتوفرة الان تتيح لنا معرفة ملابسات الحوادث الجوية بشكل كاف".