اردوغان يعزي لاول مرة في المجازر الارمنية التي وقت في 1915
Read this story in Englishقدم رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان الاربعاء تعازي تركيا الى الارمن في ضحايا المجازر التي تعرض لها اجدادهم ابان الحرب العالمية الاولى في عهد السلطنة العثمانية، والتي وصفها بانها "الم مشترك" في اهم بادرة تقوم بها تركيا في هذا المجال.
وجاءت التعزية في بيان تحدث فيه رئيس الوزراء التركي لاول مرة بهذه الصراحة عن هذه المأساة التي وقعت بين 1915 و1916 في السنوات الاخيرة للامبراطورية العثمانية، واعترفت بها دول عدة بانها ابادة ولكن لم تعترف تركيا بذلك.
واقر اردوغان ان احداث العام 2015 التي شهدت عمليات ترحيل واسعة للارمن، كان لها "تبعات غير انسانية" لكنه اعتبر انه "من غير المقبول" ان تستخدم كمبرر اليوم للعداء ضد تركيا.
وقال اردوغان في البيان الذي وصفه الاعلام التركي بانه غير متوقع، وصدر بعدة لغات من بينها الارمنية، ان "الاحداث التي وقعت في الحرب العالمية الاولى هي الام مشتركة".
وتسعى ارمينيا الى دفع تركيا الى الاعتراف بان قتل 1,5 مليون ارمني في عهد السلطنة العثمانية، هو عملية ابادة.
الا ان تركيا تقدر عدد القتلى بنحو نصف مليون، وتقول انهم ماتوا بسبب المعارك والمجاعة في الحرب العالمية الاولى، وترفض مصطلح "الابادة" رفضا تاما.
وقال اردوغان "لقد خسر ملايين الناس من جميع الاديان والاعراق حياتهم في الحرب العالمية الاولى".
واكد ان "المعاناة من الاحداث التي كان لها اثار غير انسانية مثل الترحيل، خلال الحرب العالمية الاولى يجب ان لا تحول دون ان تنشأ بين الاتراك والارمن مشاعر الرحمة الانسانية المتبادلة تجاه بعضهم البعض".
واضاف "نامل بل ونؤمن بان الشعبين المتحدرين من منطقتين جغرافيتين قديمتين وفريدتين، ويشتركان في العادات والاطباع، سيتمكنان من التحدث الى بعضهما البعض عن الماضي بنضوج، وان يتذكرا معا ما فقداه بطريقة لائقة".
وتابع "ومن منطلق هذا الامل والايمان، فإننا نتمنى ان يرقد الارمن الذين قتلوا وسط ظروف مطلع القرن العشرين في سلام ونعرب عن تعازينا الى احفادهم".
ووصف اتيان ماهغوبيان الكاتب التركي المعروف من اصل ارمني بيان اردوغان بانه "سابقة".
وصرح لشبكة سي ان ان ترك "انه بيان مهم جدا. ان هذه الاشارة الى المعاناة وتقديم التعزية هي سابقة الاولى من نوعها، حتى وان كانت خطوة رمزية".
في 24 نيسان/ابريل من عام 1915 بدأت في اسطنبول عملية اعتقال وقتل 2000 من قادة الارمن بعد اتهامهم بانهم عملاء لروسيا عدوة الامبراطورية العثمانية حينئذ. وخلال اقل من عام اجبر مئات الاف الارمن على الرحيل من ديارهم وصودرت ممتلكاتهم وقتل العديد منهم.
وبعد مرور قرن، لا تزال تلك المجازر تثير خلافا مريرا يعكر العلاقات بين تركيا والغرب.
الا انه برزت مؤشرات على التغير التدريجي في تركيا حيث وصف وزير خارجيتها احمد داود اوغلو العام الماضي احداث 1915-1916 بانها "غلطة" و"عمل غير انساني" وذلك خلال زيارة الى العاصمة الارمنية يريفان.
وقال اردوغان في بيانه الاربعاء "مما لا شك فيه ان السنوات الاخيرة من عهد الامبراطورية العثمانية كانت صعبة ومليئة بالمعاناة سواء للاتراك او الاكراد او العرب او الارمن او ملايين من مواطني الدولة العثمانية بغض النظر عن دينهم او عرقهم".
لكنه قال "ومع ذلك فان استغلال احداث 1915 كمبرر للعداء ضد تركيا وتحويل هذه المسالة الى نزاع سياسي هو امر غير مقبول".
وتاتي تعزية اردوغان للارمن فيما يواجه وحزب العدالة والتنمية الاسلامي الجذور الذي ينتمي اليه، من متاعب على عدة جبهات من بينها فضيحة الفساد وغضب المحتجين على ما يصفه الناقدون بسلطوية اردوغان المتزايدة.
الا ان النمو الاقتصادي القوي الذي حققته تركيا في ظل حكم اردوغان المستمر منذ 11 عاما مكنه من تحقيق فوز كاسح في الانتخابات المحلية الشهر الماضي.
ولا تزال مجزرة الارمن مسالة حساسة للغاية حتى بعد مرور نحو القرن سواء في تركيا او خارجها. وتضغط ارمينيا والارمن الذين يعيشون في الشتات من اجل الحصول على اعتراف دولي بحدوث عملية ابادة.
وتعد هذه المشكلة من العوائق التي تقف في طريق انضمام تركيا الى الاتحاد الاوروبي.