خوان كارلوس بطل الانتقال الديموقراطي في اسبانيا الذي هزت صورته الفضائح
Read this story in Englishالملك خوان كارلوس الشخصية البارزة في الديموقراطية الاسبانية الذي كان يحظى بشعبية كبرى لانه ساعد البلاد على طي صفحة ديكتاتورية الجنرال فرانكو، بدأت صورته تتراجع في ظل عدة فضائح شهدتها السنوات الاخيرة من حكمه الى حين اعلان تخليه عن العرش الاثنين.
والملك البالغ من العمر 76 عاما فاجأ البلاد في 18 نيسان 2012 حين ظهر بصحة ضعيفة امام وسائل الاعلام في مستشفى بمدريد قبل ان يقدم اعتذاراته التاريخية قائلا "انا آسف كثيرا، لقد تعرضت للخداع وهذا الامر لن يحصل مجددا".
وقبل ايام من ذلك، كانت الفضيحة بدات تهز اسبانيا حول رحلة صيد فيلة قام بها في بوتسوانا بعدما اضطر الملك للعودة الى البلاد لتلقي العلاج من كسر في الورك، في حين ان البلاد تغرق في ازمة اقتصادية تاريخية.
ولم يغفر له الاسبان هذا الامر.
وقبل 31 سنة في 23 شباط 1981، امر الملك الشاب وهو يرتدي الزي العسكري في رسالة متلفزة بقيت محفورة في الذاكرة، الضباط الانقلابيين من الحرس المدني الذين كانوا يحتلون انذاك البرلمان بالعودة الى ثكناتهم.
وعبر احباطه محاولة الانقلاب هذه التي قادها اللفتنانت كولونيل انتونيو تيخيرو، فرض خوان كارلوس الذي اختاره الجنرال فرانشيسكو فرانكو اعتبارا من العام 1969 خلفا له، كبطل الانتقال الديموقراطي في البلاد.
وتوج الملك خوان كارلوس في 22 تشرين الثاني 1975 في سن 37 عاما بعد يومين على وفاة الجنرال فرانكو وواكب البلاد في فترة خروجها من الديكتاتورية للانضمام الى كبرى الدول الديموقراطية الاوروبية.
وعلى مدى سنوات، اثارت طريقة حكم الملك البسيطة وغير المتكلفة والذي عرف بقربه من شعبه وولعه بالرياضة وخصوصا الشراع والتزلج، اعجاب ومحبة الاسبان.
ويقول فرمين اوربيولا مؤلف عدة كتب عن الملك "لقد كان شخصية وحدت الشعب، ذلك الذي القى نظرة الوداع بتأثر على سانتياغو كارييو (الزعيم الشيوعي التاريخي الذي توفي في 18 ايلول 2012) في منزله واستقبل البابا بحرارة".
وخوان كارلوس الذي اكتسب مكانة مهمة على الساحة الدولية، قام بزيارات الى "المغرب والصين والولايات المتحدة واعتبر بمثابة سفير فوق العادة لاسبانيا"، كما يؤكد لويس بالاثيو بانويلوس استاذ التاريخ في جامعة ري خوان كارلوس في مدريد.
لكن في السنوات الماضية، اهتزت صورة الملك بسبب عدة فضائح وعواقب الازمة الاقتصادية التي وجهت منذ العام 2008 ضربة قاضية لسنوات الازدهار واطلقت ازمة ثقة عميقة حيال المؤسسات.
وقال انتونيو ديل مورال الخبير في شؤون الملكية الاسبانية في ربيع 2012 ان "ميثاق الصمت الذي كان سائدا حول الملكية لم يعد قائما".
والسبب في ذلك تراكم خيبات الامل من العائلة المالكة.
من زواج ولي العهد الامير فيليبي العام 2004 من ليتيسيا اورتيز الصحافية المطلقة من عامة الشعب، الى طلاق ابنته البكر ايلينا في العام 2007 من زوجها خايمي دي ماريتشالار، اصبحت اخبار اولاد الملك تتصدر عناوين الصحف.
لكن الفضيحة الاكبر كانت قضية الفساد التي يشتبه في ان صهره ايناكي اوردانغارين زوج ابنته كريستينا في قضية فساد. وقد مثلت ابنة الملك الثانية كريستينا ايضا امام القضاء في قضية احتيال ضريبي وتبييض اموال والتي تطال زوجها.
والمشاكل الصحية المتكررة التي واجهها الملك خوان كارلوس منذ خضوعه لعملية ازالة ورم غير خبيث في الرئة في ايار 2010، اثرت ايضا على صورته ووضعت الاسبان امام احتمال انتقال العرش في وقت قريب لولي العهد فيليبي.
وخوان كارلوس المتحدر من عائلة بوربون الملكية، ولد في 5 كانون الثاني 1938 في روما وهو حفيد الملك الفونسو الثالث عشر الذي رحل الى المنفى مع عائلته بعد اقامة الجمهورية الثانية في اسبانيا العام 1931.
ووالده الوريث المباشر دون خوان لم يتسلم الحكم ابدا، لان الجنرال فرانكو استبعده بسبب افكاره التي اعتبرت ليبرالية جدا، فقد قاتل الديكتاتور قوات الجمهورية، واختار نجله خوان كارلوس لكي يخلفه في رئاسة الدولة.
واعتبارا من العام 1948، سمح بعودة الملك المقبل الى البلاد وهو في سن العاشرة فقط بعيدا عن اهله الذين كانوا في المنفى في البرتغال لكي يتابع دروسه.
لكن بسرعة شديدة وبعد توليه العرش، تجاوز خوان كارلوس بسرعة ارث فرانكو وبدأ التحول الديموقراطي بعد اربعة عقود من الديكتاتورية (1939-1975) والحرب الاهلية (1936-1939).
وقد رسم خوان كارلوس الخطوط العريضة لمهمته قائلا "الفكرة الاساسية لسياستي تقوم على التوصل الى عدم انقسام الاسبان ابدا بين منتصرين ومهزومين".
وخلافا لتوقعات ورثة فرانكو، عمد الملك خوان كارلوس سريعا الى تشريع الاحزاب السياسية وعين رئيسا للحكومة الوسطي ادولفو سواريث وكلفه تنظيم انتخابات، كما نظم استفتاء لاعتماد دستور جديد في 1978 قاد البلاد على طريق الديموقراطية وصولا الى ليلة 23 شباط 1981 التاريخية.
وقال الملك "كنت اعلم ان العسكريين سينصاعون للاوامر لانني عينت من قبل فرانكو ولانني كنت على مقاعد الاكاديمية العسكرية ولانني كسبت صداقة معظمهم".
واضاف "وخصوصا لانني كنت القائد الاعلى للقوات المسلحة".
وفي العام 1962 وبعد سنوات من التدريب العسكري ودراسات القانون والاقتصاد، تزوج خوان كارلوس في اثينا من الاميرة صوفيا، الابنة البكر لملك اليونان بول الاول. واستقرا في قصر لا ثرثويلا قرب مدريد وعاشا هناك. وولدت ايلينا في 1963 وكريستينا في 1965 وفيليبي في 1968.