قرار تصحيح الأجور: الحكومة متمسكة به والهيئات الاقتصادية ترفضه والعمال منقسمون
Read this story in Englishشكل قرار الحكومة بتصحيح الأجور، أزمة حقيقية أصابت شريحة واسعة من العمال والموظفين الذين حُرموا من الزيادة اذ أنهم يتقاضون رواتب تفوق المليون و800 ألف ليرة.
فمشكلة الشطر الثالث من الأجور التي استثنيت من الزيادة ظلت عالقة بين الحكومة والاتحاد العمالي العام الذي تحفظ عن هذه النقطة، مع العلم أن القرار يلحظ زيادة 200 ألف ليرة على الشطر الأول للراتب حتى مليون ليرة و300 الف على الشطر الثاني حتى مليون و800 الف ليرة، ويحرم ذوي الدخل ما فوق هذا السقف أي زيادة.
وأدت موافقة الاتحاد على قرار الزيادة، الى اهتزاز وحدة الحركة النقابية، حيث رفضت قطاعات عمالية عدة وروابط الاساتذة والمعلمين تفرد قيادة الاتحاد بقبول "الصيغة المبتورة" لتصحيح الأجور، متهمةً اياها "بالإذعان للإرادة السياسية وبمس وحدة الحركة النقابية واستقلاليتها"، علماً أن رئيس الاتحاد غسان غصن حاول استدراك الاستنسابية الحاصلة في الزيادة، وطلب لقاءاً عاجلاً مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، سيعقد ظهر اليوم، لمطالبته بتصحيح الخلل في ما يتعلق بالشطر الثالث من الأجور.
وعقد اللقاء في السراي في تمام الساعة الواحدة من ظهر اليوم أكد خلاله غصن ضرورة أن يشمل قرار تصحيح الأجور الذي أصدرته الحكومة، القطاعين العام والخاص. مجدداً رفض الاتحاد عدم شمول الشطر الثالث من العمال وابقاء سقف التصحيح مليون و800 ألف ليرة.
وكانت الهيئات الاقتصادية قد رفضت القرار على لسان الوزير السابق عدنان القصار باعتبار أنه "لا يرتكز على المعايير العلمية والمنطقية ولم يراع الرقم الصادر عن ادارة الاحصاء المركزي في ما يتعلق بالنسبة التراكمية للتضخم، كما يخالف قانون العمل والاتفاقات الدولية التي تحصر حق الدولة بالزيادة في الحد الادنى للأجور فقط".
داعيةً "كل المؤسسات في القطاع الخاص الى عدم تطبيق القرار ريثما يعاد النظر فيه أو يجري بت المراجعة التي ستتقدم بها الهيئات الى مجلس شورى الدولة للطعن في القرار".
وأبلغت مصادر وزارية صحيفة "النهار" أن "ما كتب قد كتب" وليس ثمة إمكان لفرض المزيد على القطاع الخاص، بالنسبة الى الشطر الثالث المتعلق بالراتب ما فوق المليون والـ800 الف ليرة.
وكان مجلس الوزراء قد أعلن رسمياً، أمس الأربعاء، الموافقة على قرار ميقاتي المتعلق بالزيادات على الأجور وملحقاتها، بناءاً على التفويض المعطى له من مجلس الوزراء، على أن يصار الى اصدار مرسوم تصحيح الاجور في القطاع الخاص، مع مرسوم تعديل النقل برفعه الى عشرة آلاف ليرة عن كل يوم عمل فعلي، وإعطاء الوقت الكافي لوزارة المال لإعداد مشروع قانون تصحيح الرواتب والسلاسل في القطاع العام.
وأفادت "النهار" أن وزراء "تكتل التغيير والاصلاح" كرروا في الجلسة اعتراضهم على صيغة القرار وطريقة صدوره وحصل جدل قانوني ودستوري في شأن عملية تفويض رئيس مجلس الوزراء ورد وزير الاشغال غازي العريضي وسانده وزير الصحة علي حسن خليل على مداخلات هؤلاء وفي مقدمهم وزير العمل شربل نحاس بأن ميقاتي يمكنه ان يقرر وانه فوّض اليه اتخاذ القرار المناسب. غير ان وزراء "التكتل" اعتبروا ان "القرار مجتزأ وغير مدروس ويشكل خللا في التراتيبية الوظيفية".
ولكن النقاش لم يغير شيئاً في الصيغة المعلنة. وتقرر تشكيل لجنة وزارية لبحث مواضيع صحية واجتماعية.
ونفى نحاس ما تردد عن أنه قد لا يوقع المرسوم معاناً أنه سيعد المرسوم وقد جرى "تأكيد المواقف الاعتراضية في مجلس الوزراء".
موضحاً لصحيفة "السفير" انه سيباشر في "إعداد نص مرسوم الزيادة، ضمن المنطق، وسأرفعه لاحقاً الى مجلس الوزراء، على ان يأتي منسجما مع قرار الحكومة برغم اعتراضاتنا عليه"، لافتا الى أن وزراء التكتل رفضوا كل الطريقة والمقاربة والآلية والحصيلة المتعلقة بمفاوضات بتصحيح الأجور، "ولكن في نهاية المطاف وافقت أكثرية مجلس الوزراء على ذلك، ولا نستطيع ان نقفز فوق هذا الواقع، إلا بالخروج من الحكومة وهذا قرار سياسي كبير له حيثياته".
وأكّد نحّاس للصحيفة عينها أن "التسوية" التي توصّل إليها ميقاتي بدت أشبه بـ"قنبلة" متفجرة أصابت شظاياها الحكومة، وعلى رأسها قوى الأكثرية الحاكمة، وكذلك الجسم النقابي في البلاد، والعمال والموظفين.
وأبلغت مصادر وزارية "السفير" أن "الحكومة اتخذت قرارها تحت وطأة التهويل من خطر الاضراب، مشيرة الى أن بعض التقارير التي وصلتها حذرت من إمكانية قطع الطرق وحرق الدواليب، الامر الذي أراد ميقاتي أن يتفاداه".
ورأت المصادر "أن أخطاء جرى ارتكابها حتى في الشكل، إذ كان من الأفضل ان يلتقي رئيس مجلس النواب نبيه بري بنحاس كونه الوزير المختص الذي يجب أن تصدر عنه الاقتراحات، لمناقشته في الطروحات المقترحة للزيادة، بدلاً من تهميش دوره".
واعتبر ميقاتي في جلسة الحكومة أمس، أن ما أعلن في "ما يتعلق بإقرار الزيادة على الأجور والتقديمات الاجتماعية خطوة أساسية لمعالجة الشأن الاجتماعي، وكان لا بد من اتخاذها للحؤول دون الاضراب وتعطيل البلاد، مشيراً الى انها ستترافق مع العديد من الإجراءات لمنع ارتفاع الأسعار، ومؤكدا استمرار التواصل مع الهيئات الاقتصادية والاتحاد العمالي العام لوضع القرارات التي اتخذت موضع التنفيذ".