كيف تعمل "حكومة الوفاق" الليبية وهل تتمتع بالشرعية اللازمة؟

Read this story in English W460

يثير اعلان "حكومة الوفاق الوطني" الليبية المدعومة من الامم المتحدة تساؤلات حول كيفية ممارسة هذه الحكومة لعملها في ظل وجود حكومتين منافستين، وحول مدى تمتعها بالشرعية الداخلية والخارجية بعد ولادتها المثيرة للجدل.

هل تتمتع "حكومة الوفاق" بالشرعية؟ينص الاتفاق السياسي الموقع في كانون الاول برعاية الامم المتحدة على ان عمل "حكومة الوفاق الوطني" يبدا مع نيلها ثقة مجلس النواب المعترف به دوليا ومقره مدينة طبرق في شرق ليبيا.

لكن "حكومة الوفاق" اعلنت بدء عملها استنادا الى بيان تاييد موقع من قبل مئة نائب بين 198 بعد فشلها في الحصول على الثقة تحت قبة مجلس النواب اثر محاولات متكررة انتهت بالعجز عن الوصول الى النصاب القانوني لعقد الجلسات.

ويقول وليفييه ريبلينك الباحث في معهد "تي ام سي - آسر" للقانون الدولي في لاهاي لوكالة فرانس برس ان هناك "جانبين مختلفين لمقاربة" مسالة شرعية "حكومة الوفاق": الشرعية القانونية، والشرعية المرتبطة بمدى الاعتراف بها.

ويوضح انه "من الناحية القانونية في ليبيا، ينظر اليها بالتاكيد على انها غير شرعية، لكن العديد من دول مجلس الامن الدولي تعتبر ان اغلبية اعضاء البرلمان (المعترف به) تدعم الاتفاق السياسي والحكومة".

ورغم ان حكومة الوفاق تحظى بدعم الامم المتحدة ودول كبرى على راسها الاتحاد الاوروبي، يرى الخبير في الشؤون الليبية في معهد المجلس الاوروبي للعلاقات الخارجية ماتييا توالدو ان "شرعيتها السياسية والقانونية ستبقى منقوصة ما لم يكن هناك تصويت في مجلس النواب".

هل يمكن اعتبارها "حكومة" فعلية رغم عدم نيلها الثقة بالتصويت؟يقول ريبلينك ان "حقيقة انها تطلق على نفسها اسم حكومة لا يعني بالضرورة انها حكومة وانها تمسك بزمام الامور"، مضيفا "علينا ان ننتظر لنرى ما سيفعله المجتمع الدولي".

وكانت "حكومة الوفاق الوطني" قد حظيت بدعم دولي كبير قبل ولادتها، مع استعجال المجتمع الدولي التعامل مع حكومة توحد السلطتين المتنازعتين على الحكم في مواجهة خطر تمدد تنظيم الدولة الاسلامية في ليبيا.

وتعهدت الدول الكبرى الى جانب الاعتراف بشرعيتها وحصر التعامل معها، تقديم الدعم المالي لها، والنظر في مساندتها عسكريا في مواجهة تنظيم الدولة الاسلامية الذي يسيطر على مدينة سرت (450 كلم شرق طرابلس) على مسافة نحو 300 كلم من سواحل اوروبا.

كيف تعمل في ظل وجود سلطتين منافستين؟لم تعقد "حكومة الوفاق الوطني" منذ الاعلان عن بدء عملها في 12 اذار/مارس اي اجتماع لها في ظل تواجد وزرائها في مناطق ليبية مختلفة واقامة بعضهم في الخارج، وعدم توفر مقر فعلي لها داخل ليبيا.

وتواجه "حكومة الوفاق" عقبة رئيسية تتمثل في تمسك الحكومتين المنافستين بسلطتيهما، ما يعني انها تفتقد القدرة الفعلية للعمل على الارض في ظل استحالة دخول وزرائها الى مقرات الوزارات في طرابلس وفي مدينة البيضاء في الشرق.

لكن تقارير صحافية محلية في ليبيا افادت مؤخرا ان رئاسة "حكومة الوفاق" تسعى الى الاقامة في منتجع سياحي في منطقة جنزور عند الاطراف الغربية لطرابلس، على ان تمارس الحكومة اعمالها من هناك من دون ان تتواجد في مقرات رسمية.

ما هي ادوات الضغط على حكومتي الشرق وطرابلس؟يرى الخبراء في الشان الليبي ان الضغط على السلطتين المتنازعتين لتسليم الحكم الى "حكومة الوفاق" قد يشمل منحها مقاليد التحكم بالاموال الليبية في الخارج.

كما انه من المحتمل ان تذهب الدول الكبرى وخلفها مجلس الامن الدولي نحو تقييد حركة الدخول والخروج من والى ليبيا، عبر منع مطارات الدول القليلة التي لا تزال تستقبل الطائرات الليبية من ذلك.

وكان الاتحاد الاوروبي شرع في موازاة ذلك في فرص عقوبات على مسؤولين في السلطتين يعتبر انهم يعرقلون عمل "حكومة الوفاق"، وهي عقوبات تشمل تجميد الارصدة والمنع من السفر.

ما الذي قد يترتب على دخول الحكومة الى طرابلس؟يخشى سكان طرابلس ان تؤدي هذه الخطوة الى اشتباك بين الجماعات المسلحة المؤيدة للسلطات في العاصمة، والجماعات التي قد تندفع نحو دعم وحماية "حكومة الوفاق".

ويرى المحلل السياسي الليبي في مركز رفيق الحريري للشرق الاوسط محمد الجارح ان "خطوة الدخول الى طرابلس تمثل مخاطرة امنية كبيرة جدا وقد تدفع نحو اندلاع اشتباكات".

ويتابع "على المجتمع الدولي ان يكون مستعدا لحماية هذه الحكومة عسكريا اذا طلبت، فهل سيتدخل في حال دعي الى ذلك؟".

التعليقات 0