حلب مدينة بلا نوافذ

Read this story in English W460

يفتقد سكان مدينة حلب لخصوصيتهم داخل منازلهم، اذ يكاد لا يخلو بيت او متجر من نوافذ وواجهات بلاستيكية، بعدما اجبر تكرار القصف المواطنين على التخلي عن الزجاج، لئلا يضطروا الى تغييره في كل مرة تسقط قذيفة هنا او صاروخ هناك.

في منزله في حي الميدان في الجهة الغربية في حلب، يضع عمار وتار وهو مدرس للغة الاجنبية، البلاستيك على نوافذ منزله عوضا عن الزجاج الذي انكسر.

ويقول لوكالة فرانس برس "كل ما لدينا من بلور تكسر بسبب القذائف، غيرناه اول مرة وغيرناه ثاني مرة وثالت مرة (...) لكن هذه المرة لن اغيره".

ومنذ العام 2012 لم تهنأ مدينة حلب بالهدوء. فهذه المدينة المقسمة بين احياء شرقية تحت سيطرة الفصائل المعارضة واخرى غربية تحت سيطرة النظام اعتادت على المعارك والقصف المتبادل، حتى ان اتفاق الهدنة الذي يسري في مناطق عدة في سوريا منذ نهاية 27 شباط تعرض للخرق والانهيار مرات عدة فيها.

وبسبب المعارك والقصف لم يعد سكان مختلف احياء حلب يعتمدون على الزجاج مع ارتفاع كلفته وتحوله الى شظايا بفعل الضغط.

وتظهر مقاطع فيديو التقطها مصورا فرانس برس في الاحياء الشرقية وكذلك الغربية ابنية ومنازل شبه مدمرة ونوافذ واحيانا واجهات المحال مغطاة بالنيلون او البلاستيك المقوى.

- كأننا في الشارع -تروي المعلمة اسراء المصري في منزلها في حي الميدان معاناتها مع الزجاج والنيلون على حد سواء، فقد اصيبت ابنتها بشظية في رجلها نتيجة سقوط زجاج النافذة عليها.

وبسبب القصف المتكرر توقفت اسراء عن اصلاح الزجاج وقررت استبداله بالنيلون لتواجه مشاكل جديدة "من دخول الحشرات الى الغبار وروائح المحروقات من المولدات الكهربائية والضجيج، وكل ذلك يؤثر على الصحة وعلى دراسة اولادنا".

وعدم وجود نوافذ زجاجية يعني ايضا فقدان الخصوصية، فالنيلون الذي يتطاير مع الهواء يشعر السكان وكانهم مكشوفون على جيرانهم.

تنتمي ام احمد، وهي ربة منزل في الـ52 من العمر، الى عائلة مسلمة متدينة، وتقول بعدما اضطرت ايضا الى استبدال الزجاج بالنيلون "اصبح كل شئ مكشوف أمامنا".

وتوضح ان النيلون يتمزق سريعا ويطير من ضغط الهواء، "فلا أستطيع تبديل ملابسي أنا وبناتي إلا في الحمام أو الممرات حتى لا يرانا الجيران".

وتضيف "الخصوصية موضوع مقدس جدا لدى العائلات الحلبية، اما اليوم فلا نستطيع الجلوس في الغرف براحة وكأننا نعيش في الشارع".

وقد يكون محمد البوظ من اكثر الناس الذين تأثروا بهذه الحالة التي فرضت على مدينة حلب، اذ يتحسر على تحطم بضائعه التي تكسرت جراء القصف، وهو صاحب متجر لبيع الزجاج بشكل خاص في حي الميدان.

ويقول "تكسرت البضائع مرات عدة جراء القصف، ولم اعد اتمكن من احضار اخرى جديدة، فلا امان والعالم باتت تخاف البلور وتركب النيلون".

ويبلغ سعر لوح الزجاج اليوم في حلب 3300 ليرة سورية (ست دولارات) مقارنة مع 425 ليرة قبل الحرب، وفق بوظ.

اما سعر متر النايلون فيبلغ 500 ليرة كحد اقصى.

- النيلون لا يضر -وعلى الجانب الثاني في حلب، في الاحياء الشرقية ايضا، تبدو واجهة محل ابو محمد، احد التجار الذين يملكون محلا لبيع العطور وادوات التجميل في حي الزبدية، محطمة تماما.

وكسواه من سكان المدينة، يقول "استبدلت الزجاج بالنيلون فهو ارخص، فالقصف في هذه المنطقة يتكرر كثيراً وفي اي لحظة يمكن".

وفي حي طريق الباب، فقد منزل ابو عمر (69 عاما)، رونقه. فقد تحطم "زجاج النوافذ والابواب الذي كان من النوع الفرنسي الملون الفاخر" ليتناسب مع هذه المنزل المبني وفق العمارة العربية التقليدية.

لكن النيلون سبب لابو عمر مشاكل عديدة ان لناحية "الضوضاء وتسرب المياه وبشكل خاص القطط الشاردة التي تمزقه وتدخل المنزل بحثاً عن طعام".

وبرغم المشاكل الناتجة عن استخدام النيلون، يختصر البعض فائدته بانه لا يتسبب بالضرر ذاته كما الزجاج، فهو ببساطة لا يتحطم ولا يتحول الى شظايا.

اصيب علي مكانسي (32 عاما) بيده اليمنى بعدما سقط عليه لوح كامل من الزجاج نتيجة قذيفة هاون اصابت احد المنازل القريبة منه في حي الشعار في الجزء الشرقي.

وبسبب القصف المتواصل، لجأ مكانسي كما غيره الى استبدال الزجاج في منزله ومتجره بالنيلون. والنيلون ببساطة، بالنسبة له "رخيص ولا يتسبب بأي ضرر في حال حصول انفجار قريب".

التعليقات 0