السيسي يدشّن أكبر كاتدرائية في الشرق الأوسط غداة تفكيك عبوة ناسفة قرب كنيسة
Read this story in Englishدشّن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الأحد كاتدرائية "ميلاد المسيح" للأقباط الأرثوذكس، الكنيسة الأكبر في الشرق الأوسط، وذلك وسط إجراءات أمنية مشدّدة غداة مقتل ضابط شرطة بانفجار قنبلة زرعت قرب كنيسة أخرى شرق القاهرة وانفجرت أثناء محاولته تفكيكها.
وفي كلمة ألقاها داخل الكنيسة الواقعة في العاصمة الإدارية الجديدة (45 كيلومتراً شرق القاهرة) قال السيسي "هذه اللحظة مهمّة جدّاً في تاريخنا".
"واحد وسنبقى واحداً" -
وأضاف وقد وقف إلى جانبه بابا الأقباط الأرثوذكس تواضروس الثاني الذي ترأّس للمناسبة قدّاس عيد الميلاد "نحن واحد وسنبقى واحداً"، موجّهاً "كلّ التحيّة والاحترام لأرواح شهدائنا المصريين...أقول كلّ المصريين".
من جهته قال شيخ الأزهر الإمام الأكبر أحمد الطيب الذي شارك في تدشين الكاتدرائية إنّه "اذا كان الشرع يكلّف المسلمين بحماية المساجد فإنّه وبالقدر ذاته يكلّف المسلمين بحماية الكنائس".
وأضاف انّ "المسلمين يتقدّمون في حماية الكنائس على اخوتهم المسيحيين".
بعد تدشين الكنيسة صدحت حناجر المصلّين بالتراتيل الميلادية إيذاناً ببدء قدّاس عيد الميلاد الذي يحتفل به الأقباط في السابع من كانون الثاني/يناير وهو يوم إجازة رسمية في مصر.
وفي رسالة عبر الفيديو، هنّأ البابا فرنسيس مصر بافتتاح الكاتدرائية ووجّه تحية إلى البابا تواضروس الثاني والى السيسي.
وقال الحبر الأعظم مخاطباً الأقباط المصريين "الأخوة والأخوات الأعزاء، إن لديكم شهداء يعززون عقيدتكم" في إشارة الى المسيحيين الذين سقطوا في اعتداءات استهدفتهم.
- ترامب "متحمّس " -
وفي تغريدة على تويتر، هنّأ الرئيس الاميركي دونالد ترامب السيسي بافتتاح الكاتدرائية وكتب "متحمس لرؤية أصدقائنا في مصر يفتتحون أكبر كاتدرائية في الشرق الأوسط. الرئيس السيسي يمضي ببلاده الى مستقبل أكثر اندماجاً".
وقبل تدشين الكنيسة شارك السيسي في احتفال للمناسبة أقيم بفندق تابع للجيش المصري في العاصمة الإدارية الجديدة بحضور نظيره الفلسطيني محمود عباس.
وأقيم الاحتفال بمناسبة تدشين الكاتدرائية وكذلك أيضاً مسجد "الفتاح العليم" الذي يعتبر من أكبر المساجد في مصر.
وطلب الرئيس المصري في بداية الاحتفال الذي حضره رئيس الوزراء وأعضاء الحكومة وكبار المسؤولين، الوقوف دقيقة حداداً على روح ضابط الشرطة الذي سقط مساء السبت أثناء محاولته تفكيك قنبلة زرعت قرب كنيسة.
ودان مفتي الجمهورية المصرية شوقي علام الأحد "العملية الإرهابية التي استهدفت كنيسة أبو سيفين بعزبة الهجانة بمدينة نصر"، مشيراً إلى أن العبوة كانت مزروعة على سطح مبنى مسجد مقابل للكنيسة.
وفرضت قوات الأمن تدابير أمنية مشددة في محيط كنيسة "السيدة العذراء" في حي مدينة نصر حيث وقع الانفجار، ولم تسمح للصحافيين بالاقتراب، بحسب صحافيّين من وكالة فرانس برس.
ونعت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في بيان ليل السبت ضابط شرطة المفرقعات "الذي استشهد أثناء قيامه بواجبه بفحص حقيبة وجدت بجوار كنيسة السيدة العذراء".
وقال مسعد سعد (35 عاما)، نجل مؤذّن المسجد حيث تمّ العثور على العبوة، لوكالة فرانس برس عبر الهاتف، إنّه كان في المسجد مع والده "عندما اشتبه أحد المصلّين بشخص صعد إلى سطح المسجد ومعه حقيبة".
وأضاف أنّه رأى مع الأشخاص الذين صعدوا إلى السطح لتفقّد الوضع حقيبتين فعمدوا إلى "إبلاغ الشرطة".
ولم يؤكّد أيّ مصدر رسمي هذه المعلومات الأحد.
كذلك دان الأزهر الشريف في بيان الأحد "حادث انفجار عبوة ناسفة في محيط كنيسة العذراء وأبو سيفين بعزبة الهجانة بمدينة نصر".
وأكّد "تضامنه الكامل مع كافة مؤسسات الدولة في مواجهة هذا الإرهاب الخبيث الذي يسعى إلى إفساد احتفالات الإخوة الأقباط بذكرى ميلاد المسيح".
ويشكّل الأقباط نحو 10% من 98 مليون مصري، ويمثّلون أكبر طائفة مسيحية في الشرق الاوسط.
وتعرّض الأقباط لاعتداءات دامية متكرّرة على مدى العامين الماضيين، استهدف عدد منها كنائس، وقتل فيها أكثر من مئة شخص.
- تدشين المسجد -
وقبل توجّهه إلى الكاتدرائية قصد السيسي مسجد الفتّاح العليم في العاصمة الإدارية الجديدة حيث دشّنه بحضور شيخ الأزهر وبابا الأقباط الأرثوذكس ثم أدّى صلاة العشاء فيه.
وفي العام الماضي أقيم قداس الميلاد في الكاتدرائية بينما كانت لا تزال قيد الإنشاء.
وكانت السلطات أعلنت منذ أسابيع تعزيز الإجراءات الأمنيّة في القاهرة والمحافظات لمناسبة احتفالات نهاية العام وعيد الميلاد.
وأفاد مصوّر وكالة فرانس برس أنّ الطريق من مدخل العاصمة الإدارية الجديدة وحتى الكاتدرائية شهد انتشارا كبيرا لمصفحات الجيش والشرطة.
وتطلّب الدخول الى الكاتدرائية المرور عبر ثلاث بوابات تفتيش الكترونية. كما شوهدت أكثر من عشر سيارات إسعاف في محيطها بالاضافة إلى وجود بعض قوات الحرس الجمهوري. واعتاد السيسي أن يحضر بانتظام قداس الميلاد منذ أن تم انتخابه رئيساً في أيار/مايو 2014، ليصبح أول رئيس مصري يقوم بذلك.
ويقدّم السيسي نفسه مدافعًا عن المسيحيّين في مواجهة المتطرّفين. غير أنّ محلّلين وناشطين يعتبرون أنّ الدولة لا توفّر حماية كافية للأقباط الذين يشكون من التمييز.
ولا يُشكّل الأقباط وحدهم أهدافًا للمجموعات المتطرّفة. فقد قُتل مئات من عناصر الشرطة والجيش في هجمات.
ومنذ أطاح الجيش المصري الرئيس الإسلامي محمّد مرسي في تمّوز 2013، تدور مواجهات عنيفة بين قوّات الأمن ومجموعات إسلاميّة متطرّفة مسلحة بينها تنظيم الدولة الإسلاميّة.
والأسبوع الماضي، قُتل ثلاثة سيّاح فيتناميّين ومرشدهم السياحي في انفجار عبوة ناسفة استهدفت حافلة كانت تقلّهم في منطقة الجيزة قرب الأهرامات، وفق السُلطات المصريّة. وكان ذلك أوّل اعتداء ضدّ سيّاح في مصر منذ تمّوز 2017.
في تشرين الثاني 2018، فتح مسلّحون النار على حافلة تقلّ مسيحيّين في محافظة المنيا في جنوب مصر، ما أدّى إلى مقتل سبعة أشخاص وإصابة سبعة آخرين بجروح، وهو هجوم تبنّاه تنظيم الدولة الإسلاميّة.
في التاسع من شباط 2018، بدأ الجيش المصري بالتعاون مع الشرطة عمليّة عسكريّة شاملة في شبه جزيرة سيناء تحت اسم "سيناء 2018" لمكافحة الإرهاب، أسفرت عن مقتل أكثر من 500 جهادي وما يزيد على 30 عسكريًا، وفق الجيش.