وصول الاسلاميين للسلطة في سوريا سيناريو مقلق بالنسبة للاردن
Read this story in Englishيشكل احتمال وصول الاسلاميين للسلطة في سوريا اذا سقط نظام بشار الاسد، سيناريو مقلقا للاردن الذي تربطه علاقات اقتصادية واستراتيجية مع سوريا، فيما يتوقع خبراء ألا تكون العلاقات جيدة بين البلدين على المدى القريب ان صمد النظام.
ويقول المحلل السياسي محمد ابو رمان لوكالة فرانس برس ان "الاردن بين نارين في رؤيته لما يحدث في سوريا سواء كان النظام هناك سيذهب ام سيبقى".
ويوضح أنه "في حال سقط النظام في سوريا، السيناريو الذي يتخوف منه صانع القرار في الاردن هو الفوضى السياسية والداخلية (في سوريا) لان هناك مصالح اقتصادية واستراتيجية معها والفوضى ستؤثر على الأمن الاردني".
ويأتي ما يقارب 62% من واردات الاردن عبر سوريا ويرتبط كثير من الأردنيين في شمال المملكة بصلات قرابة ومصاهرة مع سوريين على الجانب الآخر من الحدود.
ويرى ابو رمان ان "وصول الاسلاميين للسلطة في سوريا مزعج على صعيد المعادلة الداخلية الاردنية فهو يفتح شهية الاخوان المسلمين في الاردن اكثر فأكثر للسلطة، واقامة ما يسمى بالهلال الإخواني من شمال افريقيا ومرورا بالأردن وسوريا".
وقد فاز الاسلاميون من مصر الى المغرب بنسب ضخمة من المقاعد في الانتخابات نتيجة للربيع العربي.
ولجأ اسلاميو سوريا الى الاردن عام 1982 بعد مجزرة حماة حين قتل الجيش السوري ما بين عشرة آلاف الى ثلاثين الف شخص.
ويقول ابو رمان ان "بقاء نظام الاسد بعد التطورات الأخيرة هو ايضا سيناريو مزعج بالنسبة للاردن. فالاعلام الرسمي السوري فتح النار فعليا على المملكة ولا يتوقع ان تكون العلاقات الثنائية جيدة على المدى القريب".
وكان الملك عبد الله الثاني في تشرين الثاني أول زعيم عربي يدعو الأسد علنا إلى التنحي، ما دفع مؤيدي الرئيس السوري لاقتحام سفارة عمان في دمشق وتمزيق علم المملكة.
من جانبه يرى حسن ابو هنية الخبير في شؤون الجماعات الاسلامية، ان "الأردن سيواجه مزيدا من الضغوط الداخلية اذا استلم الإسلاميون السلطة في سوريا".
ويضيف لفرانس برس أنه "بموجب هذا السيناريو، سيضطر الأردن لتقديم تنازلات للاسلاميين في المملكة التي يقودون فيها احتجاجات مطالبة بالاصلاح منذ العام الماضي".
ورأى ان "ذلك سيدفع الاردن للوقوع في دائرة الربيع الاسلامي وهذه بالتأكيد مشكلة بالنسبة للمملكة".
ويشهد الاردن الذي يعاني من اوضاع اقتصادية صعبة، منذ نحو عام تظاهرات تطالب بإصلاحات سياسية واقتصادية ومكافحة الفساد.
واثقلت كاهل هذا البلد ديون خارجية قاربت 18 مليار دولار بما فاق 65% من الناتج المحلي الإجمالي، فضلا نسبة بطالة قدرتها ارقام رسمية ب14,3%، بينما تقدرها مصادر مستقلة ب25%، فيما يعيش نحو 15% من السكان تحت خط الفقر.
ويقول عريب الرنتاوي، مدير مركز القدس للدراسات السياسية "لا احسب ان الاردن سيكون راضيا عن وصول الاسلاميين للسلطة في سوريا فهذا سيغير الكثير من حساباته".
ويشرح الرنتاوي أن "الاردن مرتبط ديموغرافيا مع سوريا ويتمتع بعلاقات استراتيجية واقتصادية وامنية معها ولا يريد الاخلال بتوازن المعادلة وسيضطر للانتظار ليرى كيف ستتطور الامور هناك ويتصرف ربما تحت ضغط اوضاع اللاجئين السوريين هنا".
ولا توجد أرقام رسمية حول اعداد اللاجئين السوريين في الاردن لكن الامين العام للامم المتحدة بان كي مون ذكر خلال زيارته المملكة في 31 كانون الثاني الماضي ان عددهم هنا يبلغ حوالى 2500 شخصا.
ونقلت الصحف الرسمية الاردنية عن مصدر مسؤول قوله ان نحو 78 الف سوري دخلوا المملكة منذ اندلاع الاحداث في الجارة الشمالية، بينهم 1400 تسللوا عبر السياج الحدودي.
من جانبها قللت جماعة الأخوان المسلمين في الاردن من شأن المخاوف من وصول الاسلاميين للسلطة في سوريا.
وقال همام سعيد المراقب العام للجماعة للوكالة عينها ان "وصول الاسلاميين للسلطة في سوريا او اي تغيير هناك لا ينبغي ان يشكل اي خطر على الاردن".
واضاف "نحن لا نحب الاستئثار بالسلطة، يجب ان يشارك الجميع بها، فالاعباء كبيرة والاوضاع لا يستطيع فصيل واحد ان يتحمل مسؤوليتها وينبغي ان يكون هناك شراكة في تحمل المسؤولية".
ويتفق زكي بني ارشيد، رئيس المكتب السياسي لحزب جبهة العمل الاسلامي الذراع السياسية للاخوان المسلمين في الاردن، مع سعيد ويقول ان "الحركة الإسلامية تدرك بالضبط حجم التحديات وتؤمن ايمانا كاملا بالشراكة الحقيقية مع اوسع طيف من القوى الاردنية".
ويضيف "لا يوجد مبرر لهذا التخوف فالحركة بالتأكيد لن تصل مرحلة اقصاء او استحواذ على السلطة"، مؤكدا "اذا قبلنا الخيار الديمقراطي يجب ان نقبل بنتائجه وافرازاته".
ويرى الرنتاوي ان "الاسلاميين موضوعيون وعمليون وهناك عوامل كثيرة تمنعهم من الاستئثار بالسلطة. وهم يعرفون تماما انهم لا يستطيعون الحكم دون شراكة مع الآخرين فهي امر ملح وضروري بالنسبة لهم، وليست هبة".
أما أبو هنية فيرى أنهم واقعيون ويقول "هم معتدلون وبراغماتيون، فإن وصلوا للسلطة في سوريا على سبيل المثال سيسعون للتحالف مع احزاب اخرى. سيكون لهم دورا رئيسا لكنهم لن يسعوا لإقصاء الآخرين".