السيد:الوصف القانوني لجريمة شهود الزور يجعلها تحت صلاحية المجلس العدلي
Read this story in Englishرد المدير العام للأمن العام السايق اللواء الركن جميل السيد في بيان على تقرير وزير العدل ابراهيم نجار حول قضية شهود الزور، فأشار الى انه "بناءً للمشاورات والدراسات التي أجراها الوكلاء القانونيون للواء السيد حول التقرير الذي أعده وزير العدل في موضوع شهود الزور في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، والذي نشرته وسائل الاعلام، فقد خلصت تلك الدراسات الى ضرورة اطلاع الرأي العام اللبناني على الملاحظات التالية حول تقرير وزير العدل":
أولاً: إن تقرير وزير العدل قد اشتمل على العديد من الوقائع التي جرى اجتزاء اقسام اساسية منها مما جعلها تختلف عن معناها الأساسي، ولاسيما في النقاط التالية:
1-اكّد وزير العدل ان قسماً من شهود الزور وبالاخص محمد زهير الصديق وهسام هسام، لم يتم الاستماع اليهم من قبل القضاء اللبناني ولا الضابطة العدلية اللبنانية، بل استمعت اليهم لجنة التحقيق الدولية فقط، فكيف يبرر وزير العدل ان مدعي عام التمييز سعيد ميرزا وقضاة التحقيق الياس عيد وصقر صقر قد اصدروا مذكرات توقيف بحق الضباط الأربعة، من دون ان يستمعوا الى أولئك الشهود خلافاً لقانون اصول المحاكمات الجزائية ولمذكرة التفاهم بين الدولة اللبنانية ولجنة التحقيق الدولية؟ وكيف يفسر وزير العدل ان ضابطاً من قوى الأمن الداخلي اللبناني، هو العقيد وسام الحسن قد اصطحب محمد زهير الصديق الى الخارج في صيف العام 2005 للاستماع الى شهادته هناك، وان وسام الحسن قد وقّع شخصياً على تلك الافادة بحجّة أنه كان يقوم بالترجمة من دون ان تكون له الصفة القانونية في ذلك؟
2-كما اغفل وزير العدل واقعة أن مذكرة التفاهم الموقّعة بين وزارة العدل ولجنة التحقيق الدولية تجعل من اللجنة عنصراً مساعداً للقضاء اللبناني وللتحقيق اللبناني وليس أداة وصاية على القضاء والتحقيق.ومع الأسف يعترف وزير العدل بأن دور القضاة اللبنانيين ولاسيما المدعي العام التمييزي وقضاة التحقيق، كان دوراً تابعاً بصورة عمياء الى لجنة التحقيق الدولية ومخالفاً لمذكرة التفاهم ولقانون اصول المحاكمات الذي يجبر قاضي التحقيق العدلي على التحقّق شخصياً من الادلّة واقوال الشهود، وعلى مقابلة الشهود والأدلة بالاشخاص الموقوفين سنداً للمادة 76 من قانون اصول المحاكمات الجزائية، وهو ما لم يتقيد به مطلقاً القضاة اللبنانيون ، ومن هنا جاء اتهام هؤلاء القضاة من قبل اللواء السيد بالتورط في مؤامرة شهود الزور، كونه لو تقيّد هؤلاء القضاة بقانون الاصول ولو انّهم أجروا تلك المواجهات
3-بين الشهود والموقوفين لما كان هنالك شهود زور أصلاً ولكانوا سقطوا منذ بداية التحقيق.
4-وبالحديث عن محمد زهير الصديق، فإن وزير العدل أوحى وكأن القضاء اللبناني قد ادعى على العديد من شهود الزور حينذاك وهذا غير صحيح على الاطلاق كما سنبيّن أدناه. فمحمد زهير الصديق لم يتم الادعاء عليه لكونه شاهد زور، بل الصحيح أن لجنة التحقيق الدولية قد طلبت الى القضاء اللبناني اصدار مذكرة بتوقيفه بعدما كان اعترف بمشاركته بالجريمة خلال التحقيق معه في 26و27 أيلول 2005! ومع ذلك فقد جرى الافراج عنه حراً طليقاً رغم اعترافه الخطّي المذكور، ثم قامت اللجنة في 13 تشرين الاول 2005، أي بعد اسبوعين من اعترافه الخطي، بطلب توقيفه بعدما كان تأمّن لجوؤه وحمايته في فرنسا..وبالتالي فإن وزير العدل لم يُشر لا من قريب ولا من بعيد الى دور القضاء اللبناني في كل هذه التجاوزات ولماذا وقف حيال هذه الفضيحة حينذاك في موقف المتفرج والمنفّذ الاعمى للجنة التحقيق الدولية خلافاً لدوره القانوني في تطبيق قانون اصول المحاكمات الجزائية، حتى ان القضاة اللبنانيين لم يسألوا لجنة التحقيق الدولية لماذا افرجت عن محمد زهير الصديق طالما أنه اعترف بالجريمة ولماذا قرّرت توقيفه بعد اسبوعين من اعترافه وتهريبه؟؟ وفي هذه الوقائع ما يدين القضاة اللبنانيين المعنيّين ويؤكد بأن القاضي سعيد ميرزا قد تنازل خلافاً للدستور والقانون عن الصلاحية السيادية للقضاء اللبناني الى لجنة التحقيق الدولية منذ العام 2005 وليس عند العام 2009 حين انتقلت تلك الصلاحية الى المحكمة الدولية.
5-كما اغفل وزير العدل ان شهود الزور هسام هسام واكرم شكيب مراد وابراهيم جرجورة وأحمد مرعي وغيرهم لم يتم الادعاء عليهم بشهادة الزور، بل قد مرّوا جميعاً بفرع معلومات قوى الأمن الداخلي وجرى التحقيق معهم واحيلوا الى لجنة التحقيق الدولية بواسطة القاضي سعيد ميرزا. فلماذا لم يقم سعيد ميرزا بالتحقيق معهم كما فعل مع اعضاء مجموعة الـ13 الاصولية ؟ ولماذا رفض توقيف وإحالة هسام هسام الى قاضي التحقيق؟ ولماذا بقي هسام هسام حراً طليقاً في لبنان لعدة اشهر تحت حصانة فرع معلومات قوى الأمن الداخلي في لبنان، ولم يوقفه ولم يدّع عليه لا القاضي ميرزا ولا المحقق العدلي اللبناني حتى تسنّى له لاحقاً الفرار الى سوريا؟؟
6-يقول وزير العدل ان اكرم شكيب مراد قد استمع له المحقق الدولي ثم لم يتخذ أي تدبير بحقه رغم انكشاف شهادته المزورة حينذاك!! فلماذا لا يسأل وزير العدل عن سبب عدم الادعاء على مراد؟ ولماذا يقول وزير العدل أن المدعي العام سعيد ميرزا قد ادعى بالمادة 408 على شاهد الزور ابراهيم جرجورة وان هذا الأخير قد سجن لمدة ثلاث سنوات.
7-في حين أن ابراهيم جرجورة يتجول حراً طليقاً في لبنان منذ أن أفرج عنه ولم تتم أية ملاحقة قانونية له بعد اطلاقه، مما يجعل اعتقاله خلال السنوات الثلاثة السابقة بمثابة حجز حرية لمنعه من تعريض الذي ورّطوه في شهادة الزور!!. وهل يستطيع وزير العدل أن يجيبنا لماذا لم يحاكم جرجورة خلال اعتقاله في لبنان وقبل انتقال الصلاحية الى المحكمة الدولية، بالمادة 408 الذي ادعى بها عليه القاضي ميرزا في لبنان؟
8-يتجاهل وزير العدل في كل ما تقدم مسألة اساسية، وهي مسؤولية القضاة اللبنانيين المولجين في التحقيق الذين تخلوا طوعاً عن دورهم القانوني لصالح التغاضي عن مؤامرة شهود الزور وتسهيل حصولها ومنع المعاقبة عليها. ويضيف وزير العدل بأن الادعاء على شهود الزور، كما ان صفة شاهد الزور، تعود الصلاحية فيها الى قاضي التحقيق العدلي أي القاضيين الياس عيد وصقر صقر، بموجب المادة 363 من قانون اصول المحاكمات الجزائية، فهل يجهل وزير العدل مثلاً أنه خلال التحقيق الذي تولاه القاضي العدلي الياس عيد ثم من بعده القاضي العدلي صقر صقر ومعهما مدعي عام التمييز سعيد ميرزا، فإن هنالك عشرات الادعاءات ضد شهود الزور امام هؤلاء القضاة من قبل اللواء السيد في محاضر التحقيق نفسها وأمام القضاة أنفسهم، وان جواب هؤلاء القضاة كان بكل صراحة أن مدعي عام التمييز يمنعهم من الادعاء على شهود الزور، وان جواب هؤلاء القضاة موثق رسمياً في محاضر التحقيق وفي مذكرات اللواء السيد الى لجنة التحقيق الدولية والقضاء اللبناني؟
9-يقول الوزير نجار انه راسل مدعي عام المحكمة القاضي بلمار الذي أبلغه أن من يسمون بشهود الزور هم بالفعل"شهود ذوي صدقية مشكوك فيها"، وان بلمار أجابه بأن المادة 134 من نظام المحكمة الدولية لا تتيح ملاحقة شهود الزورالذين أدلوا بافاداتهم قبل 1/3/2009، أي في فترة لجنة التحقيق الدولية وصلاحية القضاء اللبناني. لكن يتجاهل الوزير نجار أن المحكمة الدولية قد ألغت صلاحياتها عن كل شهود الزور المشكو منهم حالياً واعتبرتهم بالتالي تابعين لمرحلة صلاحية القضاء اللبناني، وان بلمار نفسه قد صرّح في أكثر من مناسبة بأن محمد زهير الصديق وأمثاله لن يكونوا من الشهود الذين سيبرزهم بلمار امام المحكمة الدولية.وطالما أن قسماً من هؤلاء الشهود لن يعتمدهم بلمار مستقبلاً على الاطلاق، وبالتالي اصبحوا خارج التحقيق وخارج القرار الظني، فلماذا يصر وزير العدل على التلميح بوجوب انتظار القرار الظني لمحاسبة شهود الزور على اساسه؟ وهل في ذلك غير المماطلة بهذا الموضوع لاسباب سيلسية؟!! وهل يجهل وزير العدل بأن رأي السيدة باتريسيا أوبراين مساعدة أمين عام الامم المتحدة للشؤون القانونية حول عدم تسليم الأدلة دون إذن الى اللواء السيد، هو رأي استشاري محض مما يسمى "صديق للمحكمة" ولا قيمة قانونية أو تنفيذية له.
10-وهو لا يشمل شهود الزور الذين سقطوا في تقييمات اللجنة الدولية وفي تحقيق بلمار بناء لاعتراف هذا الاخير، كمحمد زهير الصديق وأمثاله، وبالتالي فهؤلاء لم يعودوا يؤثرون على سرية التحقيق كما اوحى وزير العدل في تقريره؟
11-يقول وزير العدل في تقريره بأن شهادات الزور المدلى بها أمام لجنة التحقيق الدولية هي بمثابة المدلى أمام السلطات اللبنانية وان تحريك الدعوى العامة ضد شهود الزور يتم بموجب ادعاء من النيابة العامة التمييزية التي يجب ان تتحرك عفواً...!! واذا كان الأمر كذلك فلماذا تجاهل وزير العدل بأن المدعي العام التمييزي سعيد ميرزا متورط أصلاً في هذه القضية وأنه، وبدلاً من أن يتحرك عفواً في هذا المجال، فإنه أرسل جميع المحاضر والادعاءات المتعلقة بشهود الزور الى لاهاي لدفنها هناك بحجة انتقال الصلاحية الى المحكمة الدولية؟؟ ولماذا تجاهل وزير العدل بأن المدعي العام التمييزي لم يحرّك ساكناً عندما تنازلت المحكمة الدولية في 7/11/2009، أي منذ سنة، عن صلاحيتها في ملاحقة شهود الزور؟ وطالما أن معالي وزير العدل يتحدث عن الصلاحية الاقليمية للقضاء اللبناني، كون هذه الجريمة وقعت على الاراضي اللبنانية، فكيف يتحدث وزير العدل عن الصلاحية الاقليمية بينما مدعي عام التمييز قد تنازل مسبقاً عن كل أنواع صلاحياته في جريمة شهود الزور بما فيها الصلاحية الاقليمية؟ ولماذا أصبحت الصلاحية الاقليمية المتنازل عنها طوعاً، عنواناً للسيادة بعدما اضطر اللواء السيد الى تقديم دعواه في سوريا ضد شهود الزور وبسبب تنازل القاضي ميرزا عن تلك الصلاحية الاقليمية التي يبكون عليها اليوم؟
12-يقول وزير العدل ان القضاء اللبناني" قد اتخذ اجراءات بحق عدد ممن يوصفون بشهود الزور وادعى عليهم". والمؤسف هنا أن من زود وزير العدل بهذه المعلومات هم قضاة كاذبون، وقد سبق واوضحنا انه لم يتم الادعاء من قبل القاضي سعيد ميرزا ولا القاضيين الياس عيد وصقر صقر على اي من شهود الزور، وأن الادعاء على ابراهيم جرجورة كان مجرد احتجاز حرية في لبنان لمنعه من العودة الى سوريا خشية أن يدلي بمعلومات عمّن أجبره على شهادة الزور. ولا يجهل وزير العدل بأن جرجورة لا يزال حراً في لبنان لكنه ممنوع بقرار تعسّفي شخصي من القاضي سعيد ميرزا من العودة الى بلاده خلافاً للقانون.
13- أما عن قول وزير العدل بأن "القضاء اللبناني لا يستطيع التأكيد أن شاهداً هو شاهد زور قبل الاطلاع على مجمل القرار الظني"، ففي هذا القول الغاء وسقوط القانون اصول المحاكمات الجزائية الذي لا يجهله وزير العدل، اذ لو أن القاضي سعيد ميرزا والقاضيان صقر صقر والياس عيد قد قاما بدورهما القانوني خلال التحقيق ولم يخالفا قانون اصول المحاكمات الجزائية ولاسيما أصول الاستجواب والتحقيق والشهادة، لكان بامكان هؤلاء القضاة جميعاً أن يحسموا فوراً بطلان شهادات الزور خلال جلسات التحقيق ولمجرد تطبيق اصول التحقيق.