جلسة حوار على وقع أحداث سوريا وتوترات طرابلس: نرفض منطقة عازلة ونلتزم بالقرارات الدولية وضبط الحدود

شهدت الجلسة الأولى للحوار التي استأنفت أعمالها بعد تسعة عشر شهرا في قصر بعبدا سجالا بين فريقي النزاع حول مسؤولية التوترات الأمنية في لبنان إلا أن "الأجواء الإيجابية" سادت فيما أكد البيان الختامي الإلتزام بالقرارات الدولية والعمل على ضبط الحدود مع رفض "إقامة منطقة عازلة" مع سوريا إلى جانب التمسك بمبادئ الدستور كمبادى "تأسيسية ثابتة".

وأشار البيان الختامي الذي وزع على الإعلام بعد انتهاء الجلسة بعد ظهر الإثنين إلى "الإلتزام نهج الحوار والتهدئة الأمنيّة والسياسيّة والإعلاميّة والسعي للتوافق على ثوابت وقواسم مشتركة".

وتنعقد جلسة الحوار في ظل التوترات التي تشهدها سوريا والتي تنعكس توترات أمنية في غير منطقة لبنانية وأبرزها أحداث طرابلس التي تستمر منذ أكثر من شهر وحصدت عشرات القتلى والجرحى.

كما أكد البيان "إلتزام العمل على تثبيت دعائم الاستقرار وصون السلم الأهلي والحؤول دون اللجوء إلى العنف والانزلاق بالبلاد إلى الفتنة، وتعميق البحث حول السبل السياسية الكفيلة بتحقيق هذا الهدف".

وشدد على ان "اللجوء إلى السلاح والعنف، مهما تكن الهواجس والاحتقانات، يؤدّي إلى خسارة محتّمة وضرر لجميع الأطراف ويهدّد أرزاق الناس ومستقبلهم ومستقبل الأجيال الطالعة".

وإذ شدد على "العمل على تعزيز مؤسسات الدولة وتشجيع ثقافة الاحتكام إلى القانون والمؤسسات الشرعيّة لحلّ أيّ خلاف أو إشكال طارئ" أبدى البيان "دعما للجيش على الصعيدين المعنوي والمادي بصفته المؤسسة الضامنة للسلم الأهلي والمجسّدة للوحدة الوطنيّة، وتكريس الجهد اللازم لتمكينه وسائر القوى الأمنيّة الشرعيّة من التعامل مع الحالات الأمنيّة الطارئة وفقاً لخطة انتشار تسمح بفرض سلطة الدولة والأمن والاستقرار".

ودعا البيان "جميع القوى السياسيّة وقادة الفكر والرأي الى الابتعاد عن حدّة الخطاب السياسي والإعلامي وعن كلّ ما يثير الخلافات والتشنّج والتحريض الطائفي والمذهبي".

واتفق المجتمعون بحسب البيان على "ضرورة إلتزام ميثاق الشرف الذي سبق أن صدر عن هيئة الحوار الوطني لضبط التخاطب السياسي والإعلامي".

وإذ أشار البيان إلى "دعم سلطة القضاء تمكيناً من فرض أحكام القانون بصورة عادلة ومن دون تمييز" طالب بـ"تنفيذ خطة نهوض اقتصادي واجتماعي في مختلف المناطق اللبنانيّة".

وأضاف البيان أنه تم "تأكيد الثقة بلبنان كوطن نهائي وبصيغة العيش المشترك وبضرورة التمسّك بالمبادئ الواردة في مقدمة الدستور بصفتها مبادئ تأسيسيّة ثابتة".

كما شدد على التمسّك باتفاق الطائف ومواصلة تنفيذ كامل بنوده "على أن ينظر في كلّ اقتراح في التطوير أو التعديل أو التفسير بالتوافق واستناداً إلى الآليّات الدستوريّة بعد التهيئة لذلك داخل الأطر المتعارف عليها للحوار".

وكان قد دعا الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله إلى "مؤتمر تأسيسي" للدولة اللبنانية الأمر الذي رفضته المعارضة.

إلى ذلك لفت البيان إلى ضرورة "تحييد لبنان عن سياسة المحاور والصراعات الإقليميّة والدوليّة وتجنيبه الانعكاسات السلبيّة للتوتّرات والأزمات الإقليميّة، وذلك حرصاً على مصلحته العليا ووحدته الوطنيّة وسلمه الأهلي، ما عدا ما يتعلق بواجب إلتزام قرارات الشرعيّة الدوليّة والإجماع العربي والقضيّة الفلسطينيّة المحقّة، بما في ذلك حقّ اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى أرضهم وديارهم وعدم توطينهم".

وعليه شدد على "الحرص على ضبط الأوضاع على طول الحدود اللبنانيّة السوريّة وعدم السماح بإقامة منطقة عازلة في لبنان وباستعمال لبنان مقرّاً أو ممراً أو منطلقاً لتهريب السلاح والمسلحين" دون إغفال "الحقّ في التضامن الإنساني والتعبير السياسي والإعلامي مكفول تحت سقف الدستور والقانون".

أما الفقرة الرابعة من البيان فكانت "الإلتزام القرارات الدوليّة، بما في ذلك القرار1701".

وخلص إلى "مواصلة دراسة السبل الكفيلة بوضع الآليّات لتنفيذ القرارات السابقة التي تمّ التوافق عليها في طاولة وهيئة الحوار الوطني" محددا الخامس والعشرين من حزيران الجاري موعداً للجلسة القادمة لهيئة الحوار الوطني لمواصلة البحث في بنود جدول أعمالها".

وتعتبر هذه المقررات "بمثابة إعلان يلتزمه جميع الأطراف وتبلّغ نسخة منه إلى جامعة الدول العربيّة ومنظمة الامم المتحدة".

وكان قد اعلن رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون اثر انتهاء الجسلة إلى ان "الأجواء خلال الحوار كانت جيدة جداً وتم الاتفاق على كل شيء وهناك بيان سيصدر، فإنتظروا البيان".

وكانت رئيس الجمهورية ميشال سليمان في كلمته الافتتاحية لجلسة هيئة الحوار الوطني الى اننا "امام مسؤولية وطنية ولا مانع من الاتفاق وطرح كل المواضيع على ان يتوالى ذلك مع تخفيف حدة الخطاب السياسي والاحتقان في الشارع على ابواب موسم السياحة والاصطياف".

وشدد على ان "الدعوة واضحة وفق البنود الثلاثة"، مضيفاً ان "الاستقرار مطلوب بعدما جنبنا لبنان في السنوات الماضية تداعيات سياسية واقتصادية وامنية.

وركز سليمان على استعراض كل المحطات الدولية والاقليمية والمحلية منذ آخر جلسة للحوار. كما تطرق الى "الربيع العربي لا سيما الاحداث في سوريا وانعكاسها على لبنان، اضافة الى التهديدات الاسرائيلية المستمرة ضد لبنان والتي تستدعي عقد جلسة للحوار في طل القضاء العربي والدولي".

وقد بدأت جلسة الحوار بعد غياب دام 19 شهرا، في ظل غياب رئيسي "حزب القوات اللبنانية" سمير جعجع و"تيار المستقبل" سعد الحريري ووزير المال محمد الصفدي الذي تغيّب لدواع صحية.

يُذكر أن الدعوة الى الحوار، تتضمن نزع السلاح الفلسطيني داخل وخارج المخيمات وسلاح المقاومة وكيفية الاستفادة منه إيجاباً للدفاع عن لبنان، الى جانب نزع السلاح المنتشر داخل المدن وخارجها.

وكانت قد أفادت صحيفة "النهار" أنه سيكون لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي كلمة، سيتعهّد فيها التزام حكومته تنفيذ كل القرارات التي يجمع عليها المتحاورون، كما سيشرح أهمية سياسة النأي بالنفس التي تعتمدها حكومته، وسيؤكد مشروع الدولة واتفاق الطائف.

وحول مذكرة قوى 14 آذار التي قدمت الى رئيس الجمهورية السبت، فقد أفادت مصادر مواكبة لتحضيرات الحوار "النهار"، أن سليمان أخذ علماً بمذكرة قوى 14 آذار، لكن مضمونها قد يطرح في مداخلة رئيس "كتلة المستقيل النيابية" فؤاد السنيورة، ولن تجد طريقها الى جدول الأعمال لأن أي بند يضاف الى هذا الجدول يحتاج الى إجماع من هيئة الحوار.

وكانت "القوات اللبنانية" قد رفضت المشاركة في الحوار وقد اعتبر رئيسها سمير جعجع الاحد أنه "كان الأجدى بالحكومة القيام بتحركات فورية إزاء ما حدث وليس الذهاب الى حوار غير مجد".

ورئيس تيار "المستقبل" سعد الحريري سيكون ممثلاً بالسنيورة المشارك في طاولة الحوار.

يُشار الى أن جلسة الحوار الاثنين هي السادسة في ترتيب "هيئة الحوار الوطني" التي ترأسها سليمان بعد انتخابه رئيساً للجمهورية في العام 2008، والـ13 في ترتيب الحوار الوطني الذي عقد سبع جلسات في مجلس النواب برئاسة رئيسه نبيه بري.