المشادات النيابية في مناقشة البيان الوزاري ترسم مرحلة ما بعد الثقة
Read this story in Englishاندلعت مشادات مقرونة بكلام وصل أحياناً الى حد الشتيمة وكيل النعوت السوقية داخل جلسة مجلس النواب لمناقشة البيان الوزاري أمس الاربعاء، عاكساً الى حد بعيد الصورة الخلفية للاحتدام الكبير الذي يظلل المناقشة.
ومع أن أوساطاً نيابية بارزة قالت لصحيفة "النهار" إن من الخطأ اتخاذ هذه المشادات معياراً لاستقراء مرحلة ما بعد انتهاء الجلسات ومنح الحكومة الثقة بمعنى أن الوضع سيبقى مضبوطاً بالاطار السياسي للصراع، فانها لم تقلل في المقابل حجم الاحتقانات القائم الذي ترجم في تبادل النبرات العدائية وتفجير الانفعالات على خلفية التصعيد السياسي الذي رافق تأليف الحكومة وصدور القرار الاتهامي للمحكمة الخاصة بلبنان والمواقف البالغة التعارض من هذين التطورين.
وفي التفاصيل، فجر موضوع الازمة السورية المشادة بين النائب في كتلة "المستقبل" خالد ضاهر والنائب البعثي عاصم قانصو، الذي بادر الى توجيه عبارة نابية الى ضاهر اثر تأييده ثورة الشعب السوري، ورد ضاهر لاحقاً على العبارة بمثلها.
وبلغت الحدة ذروتها في الجلسة المسائية التي اتسمت بعصبية فائقة مع إلقاء عضو كتلة "المستقبل" النائب نهاد مشنوق كلمته التي قابلها النائب في "حزب الله" نواف الموسوي برد شديد الحدة.وأثار المشنوق في سياق حديثه عن "المرشد الأعلى لحملة السلاح" موضوع اكتشاف عملاء في صفوف "حزب الله"، مما اثار حفيظة الوزير علي حسن خليل، فرد غاضباً برفض هذا الكلام.ثم هاجم النائب الموسوي المشنوق واصفاً كلامه بانه "كلام فتنة"، فاجابه المشنوق": هذا كلام يشبهك". ورد الموسوي: "انت عميل مخابرات معروف سعرك" وغادر القاعة.
وافادت مصادر نيابية في قوى 14 آذار "النهار" ان النائب المشنوق كان طلب الكلام قبل نصف ساعة فقط من الموعد الذي حدد له، وإثر ذلك عقد اجتماع لنواب من "حزب الله" والوزير علي حسن خليل في أحد مكاتب المجلس، ثم انتقل خليل من مقاعد الحكومة الى مقاعد النواب، مما يعني ان الجانب الآخر كان متحفزا للرد على المشنوق تحديدا.
وعلق المشنوق في حديث لصحيفة "المستقبل" على الإتهامات التي وُجهت إليه من نواب "التنمية والتحرير" و"الوفاء للمقاومة" بالتالي: "لن أنجر إلى كلام خارج السياسة، لأن الكلام مسؤولية، ولأن الإتهامات تنم عن عدم مسؤولية، ولست في موقع الرد على هذا النوع من السجالات التي لا تخدم، لا مصلحة البلد ولا السلم الأهلي ولا الإستقرار".
وشدد المشنوق على "أننا لن نقبل بإستقرار يقوم على حساب القتيل لصالح القاتل، وعلى حساب الضحية لصالح الجاني، وعلى حساب المظلوم لمصلحة الظالم"، دعا "جمهور الرئيس الشهيد رفيق الحريري" إلى "عدم التوتر، لأن ما سمعناه من تهديدات بالأمس تجعلنا أكثر إطمئناناً، لأننا سنبقى على نضالنا السلمي من أجل الحقيقة والعدالة"، منوهاً بدعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري "إلى مزيد من الحوار تحت عنوان المصالحة المسؤولة".
ونفت مصادر كتلة "المستقبل" أن يكون نواب 14 آذار تعمدوا إثارة العنف الكلامي، وإنما كانوا يعرضون وجهة نظرهم من البيان الوزاري، والتي باتت معروفة، وكذلك من طريقة تشكيل الحكومة الميقاتية وهي أيضاً معروفة، لكن الفريق الآخر لم يستطع تقبل الرأي المخالف لرأيه، فلجأ إلى الرد باسلوب قمعي، وهذا دليل على انه لا يستطيع القبول بأي نقاش ديمقراطي، على غرار أولى جلسات مناقشة البيان امس الأوّل.
ولفتت هذه المصادر إلى أن منظر ما جرى أمس، سواء في الجلسة الصباحية أو في الجلسة المسائية تحديداً، كان بالغ السوء، وأن كل اللبنانيين اخذوا عبرة سلبية إزاء خطورة ما يمكن أن يحل بالبلد.
وقالت أن الفريق الآخر، ارسل رسالة قوية على انه رغم كل جبروت القوة التي يمتلكها، ورغم سيطرته بالقوة على المجلس وعلى الحكومة، فانه لا يستطيع أن يتحمل كلمة واحدة لا يوافق عليها، أو لا تتطابق مع وجهة نظره، بل إنه ممنوع على أحد الكلام، متسائلة عن طبيعة النظام الذي سيقيمونه في ظل الحكومة الميقاتية، وبعد انقلابهم على حكومة الوحدة الوطنية.