مجلس الأمن مدّد لـ"اليونيفيل" دون تعديل لمهمتها وطالب إسرائيل بالانسحاب من الغجر
Read this story in Englishمدد مجلس الأمن الدولي بالإجماع أمس لمدة عام آخر ولاية قوة "اليونيفيل" في جنوب لبنان من دون تعديل في مهامها أو في قواعد الاشتباك، بعد محاولات أميركية وفرنسية تصدى لها لبنان لتضمين القرار لغة جديدة تعرب عن القلق من انتشار السلاح في منطقة عمل القوة وتشدد على ضرورة ضمان حرية حركة "اليونيفيل" وسلامة أفرادها.
تضمن قرار التمديد نقطتين مهمتين، ذلك أنه طالب اسرائيل في فقرة خاصة بسحب قواتها من الشطر الشمالي لبلدة الغجر وأشاد بالدور الذي يضطلع به الجيش اللبناني في مناطق الجنوب. فيما كرر فقرة عاملة واردة في الـ1701 عن أهمية انشاء منطقة خالية من الأسلحة والمسلحين بين الخط الأزرق ونهر الليطاني.
وبعد جلسة مشاورات مغلقة، عقد المجلس جلسة علنية صوت خلالها بإجماع أعضائه الـ15 على مشروع القرار الفرنسي - الأميركي الذي يوصي الأمين العام للأمم المتحدة بان كي – مون بالتمديد لـ"اليونيفيل" 12 شهراً.
وشهدت الجلسة العلنية رداً تفصيلياً من المندوب اللبناني الدائم لدى الأمم المتحدة السفير نواف سلام على ادعاءات أطلقها نائب المندوب الإسرائيلي الدائم لدى المنظمة الدولية حاييم واكسمان أمام المجلس، وخصوصاً ما يتعلق منها باحترام اسرائيل القرار 1701.
وجاء في القرار الذي أعطي الرقم 1937 أن المجلس يدرك أن "الوضع في لبنان لا يزال يشكل تهديداً للسلم والأمن الدوليين".
وأشاد المجلس بـ"الدور الايجابي" للقوة الدولية التي مع الجيش اللبناني "ساعدت على ايجاد جو استراتيجي جديد في جنوب لبنان". وجدد المجلس دعوته الى انشاء "منطقة خالية من أي مسلحين وأصول مسلحة وأسلحة" غير تلك التابعة للحكومة اللبنانية و"اليونيفيل" بين الخط الأزرق ونهر الليطاني.
ودعا بقوة جميع الأطراف المعنيين الى احترام وقف الأعمال العدائية ومنع أي انتهاك للخط الأزرق واحترامه بكليته والتعاون التام مع الأمم المتحدة و"اليونيفيل"، مشدداً على أن المزيد من العمل لا يزال مطلوباً من الأطراف للتقدم في التنفيذ الكامل للقرار 1701، مطالباً اسرائيل بالتعجيل في انسحابها من الشطر الشمالي لبلدة الغجر "من دون ابطاء".
كذلك شدد على أهمية عدم اعاقة قدرة "اليونيفيل" على انجاز مهمتها، داعياً جميع الأطراف الى الإمتثال بدقة لموجباتهم الخاصة باحترام سلامة أفراد القوة لضمان احترام حرية حركتهم تماماً.
وأشار المجلس أيضاً الى رسالة الأمين العام للأمم المتحدة التي حض فيها الأطراف على "الإمتناع عن اتخاذ أي اجراءات قرب الخط الأزرق يمكن أن تؤدي الى سوء فهم أو أن تعتبر استفزازية من الطرف الآخر"، في إشارة الى حادث عديسة.
وبعد التصويت، ألقى سلام كلمة شكر فيها للمجلس "تمديد ولاية اليونيفيل سنة أخرى من دون تعديل ولايتها، أو قواعد الاشتباك الخاصة بها، أو مفهوم عملياتها، وذلك وفقاً لطلب حكومة بلادي".
وأثنى على "عمل اليونيفيل بالتنسيق والتعاون الوثيقين مع القوات المسلحة اللبنانية"، معرباً عن "امتناننا العميق لجميع البلدان المساهمة في اليونيفيل بقوات لدعمها المستمر للبنان في جهوده الرامية إلى توطيد الأمن والاستقرار في الجنوب". وأكد أن لبنان "يقدر التضحيات الغالية لهؤلاء الجنود، وآخرها وفاة عنصر فرنسي من اليونيفيل في حادث سيارة الاسبوع الماضي".
وتبعه واكسمان، فقال إن "اسرائيل لا تزال ملتزمة التنفيذ الكامل للقرار 1701 وهي تتطلع الى التعاون مع مجلس الأمن والأمين العام ودائرة عمليات حفظ السلام واليونيفيل في هذا الشأن".
ورأى أن "في لبنان تحديات للسلام والأمن تهدد الإنجاز التام للقرار 1701". وأضاف أن "الأخطر في هذه التحديات لا يزال البناء العسكري لحزب الله، بدعم ايراني وسوري من خلال الأسلحة والتدريب والتمويل – وكل هذه انتهاك فاضح للقرار 1701 وللقرار المتخذ اليوم". وادعى أن "حزب الله يبني ترسانة فتاكة في كل لبنان، بما في ذلك جنوب نهر الليطاني وفي منطقة عمليات اليونيفيل"، مذكراً بحوادث خربة سلم وطيرفلسيه ومزرعة سدرة التي "تمثل فقط رأس جبل الجليد في هذه الظاهرة الأوسع".
واعتبر أن "البناء العسكري صار ممكناً من خلال النقليات المنتشرة للأسلحة الى لبنان التي تنتهك حظر الأسلحة" بموجب القرار 1701. وكرر اتهام "حزب الله" بـ"نشر هذه الأسلحة وبناء بناه العسكرية في القرى المدنية بجنوب لبنان، في محاذاة المدارس والمستشفيات والمعابد والأبنية السكنية"، كما حمل على "حزب الله" لاعاقته حرية حركة "اليونيفيل".
وقال إن "القوات المسلحة اللبنانية يجب أن تميز نفسها بوضوح عن العناصر الراديكالية التي تسعى الى تقويض القرار 1701"، مشيراً الى "الحادث الخطير" الذي وقع في 3 آب الماضي بين الجيش اللبناني والقوات الإسرائيلية قرب بلدة عديسة، آملاً في ان يناقش المجلس تقرير "اليونيفيل" عن الحادث في أقرب وقت ممكن.
وعقب ذلك، طلب سلام الكلام مجدداً من رئيس المجلس لهذا الشهر المندوب الروسي الدائم لدى الأمم المتحدة السفير فيتالي تشوركين للرد على المندوب الإسرائيلي، فقال إنه "من المهم ألا ننسى أن تعزيز المهمة الحالية للقوة جاء عقب الحرب الإسرائيلية على لبنان عام 2006، التي أودت بحياة 1125 مدنياً لبنانياً، وأدّت إلى تشريد مئات الآلاف، ناهيك بأولئك المدنيين الذين تشوهوا بفعل القنابل العنقودية التي ألقتها إسرائيل في الساعات الـ48 الاخيرة من عدوانها".
وعدد "تداعيات العدوان الإجرامي لإسرائيل عام 2006" التي "لا تزال متواصلة" بسبب القنابل العنقودية.
وأضاف: "تدعي اسرائيل أنها تحترم قرار مجلس الأمن الرقم 1701"، غير أن "الأمين العام قال في تقريره في تموز 2010 ان الطائرات الحربية الاسرائيلية "لا تزال تنتهك القرار 1701 وسيادة لبنان بشكل يومي تقريباً"، فضلاً عن أن اسرائيل "تواصل انتهاك سيادة لبنان مراراً وتكراراً بشكل صارخ في البر كما في البحر اذ وضعت بشكل أحادي خط عوامات يتعدّى على المياه الإقليمية اللبنانية". وتساءل: "هل هكذا تحترم اسرائيل القرار 1701؟".
كما ذكر بأنه "بعد أربع سنوات من اعتماد مجلس الأمن هذا القرار الذي يدعو اسرائيل الى سحب قواتها من جميع الأراضي اللبنانية، يواصل الجيش الإسرائيلي، كما لحظ تقرير الأمين العام، احتلال الجزء الشمالي من قرية الغجر ومنطقة متاخمة شمال الخط الأزرق منتهكاً بذلك القرار 1701". فضلاً عن ان "إسرائيل تواصل احتلال مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، رافضة حتى الحل المرحلي، كما اقترحت الحكومة اللبنانية سابقاً".
وتساءل أيضاً: "كيف لا نتوقّف عند اعتقال أكثر من 150 عميلاً إسرائيليّاً في لبنان خلال السنة الماضية، ناهيك بأولئك الذين فرّوا الى اسرائيل قبل أن تتمكّن القوى الأمنية اللبنانية من القبض عليهم؟ ألا يشكل ذلك انتهاكا لسيادة لبنان وأمنه وسلامته التي نصّ القرار 1701 على وجوب احترامها؟ وماذا عن وابل التهديدات العدوانية الموجهة الى بلدي وشعبه من المسؤولين الاسرائيليين الذين يتوعّدوننا بالمزيد من الموت والدمار؟".
ولفت الى أنه "بالنسبة الى الأحداث التي وقعت في بداية تموز، فإنّ لبنان قد استنكرها، وهو يكرّر احترامه لحرية حركة اليونيفيل على النحو الذي حددته ولايتُها وقواعد الاشتباك. ويعتبر لبنان أيضاً الحادث الحدودي الذي وقع في 3 آب، في منطقة متنازع عليها على طول الخط الأزرق، حادثاً خطيراً يقتضي استخلاص الدروس منه".