الحريري يرحب بانتخاب "أي شريك يحترم الطائف": مبادرتي صالحت الافرقاء ولبنان لن يكون ولاية ايرانية

حملت كلمة رئيس تيار "المستقبل" سعد الحريري جملة من التوضيحات الحاسمة المتعلقة بالاستحقاق الرئاسي، معلنا قبوله بانتخاب "أي شريك في الوطن يحترم القانون والطائف"، رافعا الصوت بوجه الذين يشترطون تسمية رئيس مقابل عدم مقاطعة جلسات الانتخاب، مشددا على ان لبنان "لن يصبح ولاية ايرانية".

وفي كلمة له ألقاها شخصيا في قاعة البيال امام حشد رسمي وشعبي في ذكرى اغتيال والده، قال الحريري "في ذروة الحصار السياسي وحملات التشهير الذي نظمها عهد الوصاية ضد رفيق الحريري خرج رفيق على اللبنانيين ليقول "ما بصح الا الصحيح وما حدا اكبر من بلده".

ولفت الى أن "زمن الوصاية السورية لم يستطع ان يفبرك قادة اكبر من لبنان وأن زمن الاستقواء الايراني لم يصنع قادة اكبر من البلد، وأن لا الارهاب ولا الاغتيال سيكسر احلامنا".

وأضاف وسط تصفيق الحضور "نحن نجتمع في 14 شباط لنعلن أن على نهجك مستمرون يا ابا بهاء ولو كره الكارهون، ولا أحد سيتمكّن من السّطو على الجمهورية اللبنانية لا بترهيب السلاح ولا بإرهاب التطرف ولا بمخالفة الدستور ولا بالأحكام العسكرية الزائفة، ولا بأي وسيلةٍ من وسائل التعطيل والفوضى".

وإذ أكد أن "لبنان ليس لفئة ولا لطائفة ولا لحزب ولا لزعيم" (...) ، رأى الحريري انه "عندما يجعلون من لبنان ساحة للسلاح والفرز الطائفي والهاربين من العدالة سيهون عليهم تبرير الشغور والمؤسسات واسقاط اعلان بعبدا والاستخفاف بدماء الشهداء وتجنيد الاف الشبان للموت في سوريا".

وتوقف الحريري في خطابه عند الذين "يتحاملون على الخليج والمملكة العربية السعودية التي لم تبادرنا يوما بأي أذى"، وسأل "هل نحن امام أحزاب تعمل لـ الله أم أحزاب تعمل للفتنة".

وقال بنبرة عالية "نحن عرب على رأس السطح ولن نسمح لاحد بجر لبنان الى خانة العداء مع السعودية وأشقائه العرب، ولن يكون لبنان تحت اي ظرف ولاية ايرانية".

وتابع "فليهدأ الصراخ وليلتزم الجميع حدود المسؤولية في الكلام ومن الافضل ان نتفرغ لمعالجة مشكلاتنا بروح التعاون على انقاذ لبنان وفي قموسنا أن الرئاسة في لبنان اولى بالاهتمام من رئاسة الجمهورية السورية او العراقية او اليمينة ومصلحة الوطن تكون بفك الحصار عن الحكومة ومجلس النواب لا بالمشاركة في محاصرة مضايا وحلب والمدن السورية".

وهنا تناول الحريري ملف الاسحقاق الرئاسي وتحديدا المبادرة التي رشَّح عبرها النائب سليمان فرنجية للرئاسة. إذ قال "كانت لدينا جرأة المبادرة وتحريك المياه السياسية الراكدة، فمصير الرئاسة في يد اللبنانيين لانها تصنع في لبنان على أيدينا ومن جانبنا".

عليه، أعلن عدم خشيته "وصول اي شريك في الوطن الى سدة الرئاسة طالما يلتزم في الطائف والقانون ويقدم سلامة لبنان على سلامة المشاريع الاقليمية".

واوضح رئيس "المستقبل" الاسباب التي أطلقت مبادرته. وروى كيف ان فريق الرابع عشر من آذار بدأ بمحاولة إنهاء الفراغ بالنائب سمير جعجع، وكيف نزلوا الى الجلسة الانتخابية "35 مرة من دون نتيجة، وبقي الفراغ".

وأضاف "في هذه الأثناء، طُرحت داخل 14 آذار فكرة أنه إذا لاقى الرئيس أمين الجميل قبولا من قوى 8 آذار أو من أي طرف في 8 آذار، يسحب جعجع ترشيحه لمصلحته. هذا الأمر لم يحصل وبقي الفراغ"، كاشفا في سياق توضحيه ان "حوارا فُتح مع العماد ميشال عون، وكانت نتيجته تشكيل حكومة جديدة. لكننا لم نتوصّل لنتيجة بملف رئاسة الجمهورية، ولم نرشح العماد عون بعكس ما يقول البعض اليوم، ولا حتّى وعدناه بتأييد ترشيحه، وبقي الفراغ".

وأردف "أنا اليوم أتحدث عن نفسي بعد أن تحدث عني الجميع"، ممازحا "ليس وحده الرئيس نبيه بري يبق البحصة، أنا أيضا أبقها". فشرح ان "من الأربعة لم يبق إلا الوزير سليمان فرنجية وبعد سنة ونصف من الفراغ وبعدما رفض كل الأطراف حلفاء وخصوم تبنّي مرشح توافقي من خارج الأربعة الذين تعاهدوا فيما بينهم في بكركي، فتحنا حوارا مع الوزير فرنجية بعدما أقفل كل مجال".

ولفت الى أن مبادرته هدفها "إنهاء الفراغ ووضع حدّ للتدهور، والعمل على تحسين وضع لبنان السياسي والاقتصادي والاجتماعي والأمني والمعيشي، وحماية النظام والسلم الأهلي".

ودعا الحريري للنزول الى مجلس النواب وانتخاب رئيس طالما هناك ثلاثة مرشحين (فرنجية، حلو، وعون).

وبعد سرده لأسباب المبادرة، أعرب الحريري عن فخره بنتيجة خطوته التي وضعت الاستحقاق الرئاسي في سلم الاولويات، وصالحت الافرقاء السياسيين مع بعضهم، في إشارة الى "اتفاق معراب".

وتوجه الحريري الى جعجع ممازحا "يا حكيم لو تمَّت المصالحة منذ زمن شو كنت وفرت على المسيحيين"، الجملة التي تلقفها رئيس "القوات" وزوجته النائب ستريدا جعجع بالضحك والتصفيق.

وانتقد الحريري من يقاطع جلسات الانتخاب ويشترط ضمانة انتخاب رئيس للنزول الى المجلس، غامزا من قناة حزب الله الذي اشترط في أكثر من موقف له انتخاب عون رئيسا مقابل حضور الجلسات.

وقال الحريري "تحميلنا مسؤولية الفراغ بعد 21 شهرا من تعطيل جلسات الانتخاب عبر القول اما عون او المقاطعة فهذه كثيرة فالحق الدستوري ليس ملكا لاحد".

وقبل إنهاء كلمته أبدى أسفه بأن "تتقدم التباينات في وجهات النظر على الثوابت داخل فريق 14 آذار" داعيا تيار "المستقبل" الى "التقدم بمراجعات نقدية تتناول كافة جوانب العلاقة بين قوى انتفاضة الاستقلال لحماية هذه التجربة الاستثنائية في حياة لبنان".

وفي الختام دعا الحريري جميع قيادات قوى الرابع عشر من آذار الى صعود المنبر والتقاط صورة جماعية تأكيدا على وحدة الفريق.

ووصل الحريري الى لبنان في زيارة مفاجئة له فجر الاحد للمشاركة في احياء ذكرى اغتيال والده على غرار السنة الفائة.

ودخل قاعة "البيال" وسط تصفيق حار من الجمهور وهتافات مؤيدة له. وصافح بحرارة جميع الذين حضروا من بينهم رئيس "القوات" سمير جعجع ووزير العدل أشرف ريفي.

يُذكر أن العلاقة بين جعجع والحريري بردت على خلفية الاستحقاق الرئاسي، كما وظهر تباين في المواقف بينه وبين ريفي على خلفية انسحاب الاخير من جلسة مجلس الوزراء لارجاء بند إحالة ملف الوزير السابق ميشال سماحة الى المجلس العدلي.

م.ن.