عائلة عمار المفقود منذ 2006 في بغداد لم تعد تريد سوى خاتمة لائقة
Read this story in Englishمرت سنوات على اختطاف والده في بغداد، قبل ان يبدا علي الصفار بالاشارة الى ابيه بصفة الغائب، بعدما فقد الامل في العثور عليه حيا، وبات يامل فقط في ان يعثر على جثته ليدفنها بشكل لائق.
وقال علي الصفار لوكالة فرانس برس عبر الهاتف من لندن "أاقول: والدي هو، ام والدي كان؟. لا املك اجابة على ذلك. الان اصبحت استخدم كلمة +كان+. لقد مر وقت طويل قبل ان اقرر ذلك".
واضاف "انها الامور البسيطة التي تؤثر فيك حقا".
وبينما يغرق العراق يوما بعد يوم في دوامة العنف اليومي المتصاعد، لا تزال عائلات من مختلف الطوائف والمذاهب والاتنيات تامل في العثور على ابنائها الذين اختفوا اثناء النزاع الطائفي عامي 2006 و2007.
فبعد اجتياح العراق في العام 2003 على ايدي قوات تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة، اصبحت عمليات الخطف امرا شائعا في هذا البلد حيث تشير الارقام الرسمية الى فقدان اثر 16 الف شخص على مدار السنوات العشر الماضية.
ويرجح ان تكون اعداد المفقودين اعلى من الرقم الرسمي، حيث ان الكثير من الحالات لم يتم التبليغ عنها.
وكان عمار والد علي نائبا لوزير الصحة في تشرين الثاني العام 2006 حين اقتحمت مجموعة من المسلحين منزله واقتادته الى مكان مجهول.
ويقول علي، الذي كان عمره 21 عاما عندما اختطف والده والذي يعيش اليوم في باريس مع زوجته التي تنتظر مولودا، "المسالة لا تتعلق بوالدي فقط، بل بالاعداد الكبيرة لهؤلاء المخطوفين والمفقودين".
ويضيف "مصادر رزقنا مؤمنة، لكن الكثير من الناس خسروا تلك الموارد، وهذا امر سيء بالنسبة الى المجتمع والتماسك الاجتماعي".
وبعد وقت قصير من ازاحة صدام حسين عن الحكم، عاد عمار الصفار الى العراق املا في ان يساهم في اعادة اعمار البلاد بعد سنوات طويلة قضاها في منفاه في لندن كعضو في مجموعة شيعية معارضة، ليعين سريعا في وزارة الصحة.
وكان عمار يعيش مع شقيقه في منزل متواضع في بغداد، خارج المنطقة الخضراء المحصنة خلافا للعديد من المسؤولين الحكوميين والبرلمانيين الذين يعيشون هناك خوفا على حياتهم.
ومع مرور الوقت، غرقت الوزارة في الفساد، وارتبط اسمها بفرق الموت الشيعية، وهي السمعة التي ترافقها حتى اليوم حيث يقول مسؤولون في المشرحة الرئيسية في بغداد ان عائلات سنية تخشى الحضور لتسلم جثث ابنائها.
اما في بغداد، فكان العنف يتصاعد يوما بعد يوم، فيما عائلة عمار ظلت تدعوه للرجوع الى لندن، قبل ان يحاول تقديم استقالته، لكن بلا جدوى.
وفي 19 تشرين الثاني 2006، عاد عمار الى منزل والدته حيث كان يقضي وقته وسط اقاربه، قبل ان تتوقف ثلاث سيارات امام المنزل ويترجل منها عدد من المسلحين الذين يرتدي بعضهم يرتدي زيا عسكريا، ويقومون بمهاجمة المنزل وخطف عمار على مراى من والدته.
وتلقت العائلة ثلاث تسجيلات لمقاطع فيديو، يظهر عمار في اثنان منها، بينما يظهر في ثالثها شخص يغطي وجهه بقطعة قماش وهو يطلق النار على راسه.
وحتى اليوم لم يتم العثور على جثة عمار، لذا لم تصدر اي شهادة وفاة له، كما لم يلق القبض على اي شخص على علاقة بالقضية.
ويقول زيد ابن شقيق عمار وهو يجهش بالبكاء في منزل العائلة نفسه "اريد فقط ان اعرف اين هو. ماذا حل به؟".
وذكر زيد انه طلب من عمه اكثر من مرة ان يعزز الاجراءات الامنية حوله، لكن عمار كان يرد بالقول "الله هو الحافظ. لا استطيع ان اترك امي واخوتي، وانا سعيد في هذا المنزل".
اما ياسر، شقيق عمار، فلا يزال يبحث عنه في بغداد.
ويقول ياسر ان والدتهما "تامل كل يوم في ان يعود عمار، وتصلي لذلك. تقول انها ستحتفل بعودته يوما ما، وانها ستذهب معه الى كربلاء والى مكة".
وبالنسبة الى علي، دائما ما تكون الرحلة الى منزل العائلة مليئة بالتساؤلات، التي لا اجابة عنها رغم مرور سبع سنوات على الحادثة.
ويقول علي "هناك مناسبات تحتفل بها الاسرة كل عام، او تحييها"، مضيفا "نحن نعرف التاريخ الذي اختطف فيه، لكننا لا نعرف تاريخ وفاته".
ويتابع "في السنوات الثلاث، والاربع، او الخمس الاولى، يسعى المرء وراء تحقيق العدالة. لكن من اجل البلاد، يتخلى عن ذلك في مرحلة لاحقة ويمضي بحياته قدما. جل ما نريده هو خاتمة لائقة لابي".