الناخبون الافغان تحدوا طالبان وصوتوا باعداد كبيرة لاختيار رئيس جديد

Read this story in English W460

من كابول الى قندهار ادلى الناخبون الافغان السبت باصواتهم لاختيار رئيس جديد خلفا لحميد كرزاي دون حوادث تذكر رغم تهديدات حركة طالبان.

واكد مصدر رسمي بعيد اقفال صناديق الاقتراع، ان نسبة المشاركة قد تتجاوز الخمسين بالمئة.

ويشكل هذا الانتقال الاول للسلطة من رئيس افغاني منتخب ديموقراطيا الى اخر اختبارا كبيرا لبلد مدعو الى اثبات استقراره ومتانة مؤسساته بينما يثير انسحاب قوات الحلف الاطلسي من البلاد بحلول نهاية العام، مخاوف من عودة الفوضى اليه.

وبدأت مكاتب الاقتراع البالغ عددها نحو ستة الاف اغلاق ابوابها عند الساعة 17,00 (12,30 ت.غ) كما اعلنت اللجنة الانتخابية المستقلة المكلفة تنظيم الاقتراع والاشراف على حسن سيره.

لكن بعض المكاتب ستبقى مفتوحة الى ان يتمكن الاشخاص الذين ينتظرون امامها في صفوف طويلة من الادلاء باصواتهم.

وينتظر معرفة النتائج الاولية لهذه الجولة الاولى في 24 نيسان الحالي قبل جولة ثانية محتملة في 28 ايار.

وفي كابول وباقي المدن الكبرى مثل جلال اباد (شرق) وقندهار (جنوب) وهراة (غرب) توجه الافغان باعداد كبيرة الى صناديق الاقتراع ما يسهم ربما في استبعاد واحد من التهديدات الرئيسية التي تواجه هذه الانتخابات: نسبة امتناع كبيرة.

وقال ضياء الحق عمار خيل المسؤول في اللجنة الانتخابية ان "المشاركة كانت لحسن الحظ اكبر من المتوقع". واضاف ان "اعدادا كبيرة من الافغان، من رجال ونساء، شاركت في هذا الاقتراع. انه نجاح كبير لافغانستان وللديموقراطية" في حين ان نسبة الامتناع اضعفت الانتخابات الرئاسية السابقة حيث بلغت 70%.

وان كانت المشاركة كبيرة في المدن وخاصة مع اقبال كبير للنساء فانه من الصعب تقييمها في الارياف.

وهكذا يبدو ان الانتخابات نجت من انفجار العنف الذي توعدت به طالبان رغم تسجيل عدد من من الحوادث من بينها انفجار قنبلة يدوية الصنع في مركز للاقتراع في لوغار (وسط) ادى الى مقتل شخص واطلاق قذائف ادت الى اصابة اربعة اشخاص في الشمال كما ذكرت السلطات المحلية.

ومنذ صباح السبت تحدى المئات في كابول الامطار الغزيرة ليصطفوا في طوابير طويلة امام مكاتب الاقتراع.

وقالت ليلى نيازي التي تبلغ من العمر 48 عاما وترتدي البرقع "جئت لاصوت لشخص يمكن ان يحقق سلاما دائما في البلاد. اريد ان يكون صوتي صفعة لطالبان". واضافت "لا اخاف من طالبان وعلى كل حال ساموت بالتأكيد يوما ما".

وكانت طالبان شنت في 2009 سلسلة هجمات صباح يوم الانتخابات ما دفع عددا كبيرا من الناخبين الى البقاء في بيوتهم.

وقد دعا الرئيس كرزاي نفسه السبت الافغان الى "تحدي" تهديدات حركة طالبان لدى الادلاء بصوته قبيل الساعة الثامنة (3,30 تغ) في مدرسة في العاصمة الافغانية.

وقال كرزاي "نعيش يوما مهما لمستقبلنا ومستقبل بلدنا". واضاف "ادعو الشعب الافغاني الى التوجه الى مراكز التصويت على الرغم من المطر والبرد وتهديدات الاعداء (...) ليتيح لهذا البلد اجتياز مرحلة جديدة على طريق النجاح".

ويتنافس ثمانية مرشحين على خلافة كرزاي الذي قاد هذا البلد الفقير الذي يضم 28 مليون نسمة، منذ سقوط حكم طالبان في 2001، لكن الدستور يمنعه من الترشح لولاية رئاسية ثالثة.

ويبدو ثلاثة من الوزراء السابقين في حكومته اوفر حظا في هذا الاقتراع، وهم زلماي رسول الذي يعتبر مرشح الرئيس واشرف غني وهو اقتصادي معروف وعبد الله عبد الله الذي حل في المرتبة الثانية في الانتخابات الرئاسية الماضية.

وصوت الوزراء الثلاثة صباح السبت في كابول. وقال غني (64 عاما) في احد المراكز في كابول "انه يوم عزة لكل الافغان". واضاف هذا الاستاذ الجامعي والخبير الاقتصادي الذي يحظى باحترام على الصعيد الدولي ان "المشاركة الكبيرة للافغان رسالة واضحة تؤكد تصميمهم على بناء مستقبل افضل".

وتابع ان "الذين يعتقدون انهم يستطيعون التزوير سيتم استبعادهم (...) وان شاء الله سنفوز".

وتعتبر حركة طالبان ان الاقتراع موجه من قبل الغربيين وتوعدت بمهاجمة مراكز الاقتراع والموظفين المكلفين تنظيمه مع انتخابات تجديد مجالس الولايات التي تواكبه.

وفي مواجهة هذه التهديدات نشر مئات الآلاف من الجنود والشرطيين الافغان في جميع انحاء البلاد وخصوصا في كابول التي فرضت فيها اجراءات امنية مشددة.

ولم تنجح طالبان في وقف الحملات الانتخابية الا انها نفذت هجمات اوقعت قتلى. ففي 20 اذار قتلت عشرة شرطيين في جلال اباد (شرق) ثم تسعة اشخاص اخرين من بينهم اربعة اجانب في هجوم على فندق سيرينا في كابول وبعد ذلك ستة شرطيين اخرين الاربعاء في اليوم الاخير من الحملات الانتخابية في هجوم على وزارة الداخلية.

كما اودت اعمال العنف بحياة مصورة المانية معروفة عالميا تعمل مع وكالة اسوشييتد برس الاميركية (ايه بي) الجمعة في شرق افغانستان برصاص شرطي اصاب ايضا زميلتها الكندية بجروح.

والصحافيتان وهما المصورة انيا نيدرينغهاوس (48 عاما) وكاثي غانون (60 سنة) كانتا تغطيان التحضيرات للدورة الاولى من الانتخابات.

والى جانب التهديد الامني، تواجه الانتخابات خطرين آخرين هما التزوير ونسبة الامتناع عن التصويت.

فبعد الهجمات الاخيرة، اضطرت بعثات عديدة لمراقبين اجانب الى مغادرة البلاد مما يعقد فعليا مراقبة التزوير.

لكن السلطات الانتخابية الافغانية اكدت انها نشرت اكثر من 300 الف مراقب افغاني من مستقلين وتابعين للمرشحين للاشراف على الاقتراع وتعتمد وسائل جديدة لمنع التزوير مثل الحبر الخفي الذي يبصم به الناخبون.

لكن مارتين فان بيليرت الخبيرة في شبكة التحليلات حول افغانستان المتمركزة في كابول ترى انه "من الصعب تصور انتخابات بلا تزوير".

وقالت انه في اول انتخابات رئاسية في 2004، وزعت 21 مليون بطاقة اقتراع بينما كان عدد الناخبين لا يتجاوز ال13,5 مليونا، موضحة ان هذا العامل ووجود مراكز اقتراع في مناطق غير مستقرة "يشجعان على حشو صناديق الاقتراع".

والسبت ندد رئيس بعثة مراقبي الاتحاد الاوروبي في افغانستان تييس برمان بقيام السلطات الافغانية بوقف خدمة الرسائل الهاتفية القصيرة (اس.ام.اس) ما يشكل "خطرا على شفافية الانتخابات" حيث ان هذا الاجراء يحد من الاتصالات بين المراقبين.

واوضحت هيئة تنظيم الاتصالات الافغانية انها ارادت بذلك قطع الطريق على محاولات ارسال كثيف لهذه الرسائل القصيرة لمصلحة المرشحين.

وحذر خوداد وهو تاجر من كابول في الثانية والخمسين من العمر من ان "الشىء الوحيد الذي يمكن ان يخيب املنا هو التزوير. لا نريد تكرارا للانتخابات الاخيرة".

ولا بد ان تؤثر اي عمليات تزوير واسعة كما جرى لدى اعادة انتخاب كرزاي في 2009، على مصداقية الاقتراع وتضعف موقف الرئيس المقبل الذي سيكون في وضع صعب اصلا.

التعليقات 0