قرار مجلس الامن حول المساعدات في سوريا بقي حبرا على ورق
Read this story in Englishيقول ناشطون في احياء تسيطر عليها المعارضة المسلحة في جنوب دمشق، ان السكان باتوا أشبه ب "أشباح" يبحثون في الشوارع عن غذاء او دواء يندر وجودهما بسبب الحصار الذي تفرضه القوات النظامية.
وبعد مرور شهرين على اصدار مجلس الامن الدولي قراره الرقم 2139، الذي يدعو الى رفع الحصار عن المدن السورية ووقف الهجمات والغارات على المدنيين وتسهيل دخول قوافل المساعدات، لا يزال القرار اشبه بحبر على ورق، بحسب ناشطين ومدنيين وعمال اغاثة.
ويتوجه هؤلاء باللائمة على نظام الرئيس بشار الاسد الذي تحاصر قواته مناطق عدة، ولا يجيز لقوافل الاغاثة التابعة للامم المتحدة دخول الاراضي السورية عبر معابر حدودية يسيطر عليها مقاتلو المعارضة.
وتقول الباحثة في منظمة "هيومن رايتس ووتش" لمى فقيه لوكالة فرانس برس "الحكومة السورية تستخدم نوعا من الابتزاز بعدم سماحها لمنظمات الامم المتحدة توفير المساعدة التي تحتاج اليها مناطق سيطرة المعارضة".
وتوضح ان المنظمات الدولية لا يمكنها العمل سوى باذن من الحكومة السورية، وتخشى منعها من دخول المناطق التي يسيطر عليها النظام، في حال عملت في مناطق سيطرة المعارضة دون اذن رسمي.
ودعا قرار مجلس الامن "كل الاطراف وخصوصا السلطات السورية بان تسمح من دون تاخير بالدخول السريع لوكالات الامم المتحدة وشركائها وحتى عبر خطوط الجبهة وعبر الحدود"، وذلك بغرض ضمان "وصول المساعدة الانسانية الى من يحتاجون إليها عبر اقصر الطرق".
ومنذ تبني مجلس الامن باجماع اعضائه القرار في 22 شباط/فبراير، تمكنت الامم المتحدة من ادخال مساعدات الى مناطق سيطرة المعارضة في شرق مدينة حلب (شمال)، الا ان هذه القافلة اضطرت لسلوك طريق شاقة من دمشق الى حلب، بدلا من العبور عبر احد المعابر الحدودية مع تركيا التي يسيطر عليها مقاتلو المعارضة.
واجازت الحكومة السورية للامم المتحدة ادخال قافلة مساعدات في آذار/مارس عبر تركيا، لكن من خلال المعبر الذي لا يزال تحت سيطرة النظام. وتوجهت القافلة الى مدينة القامشلي (شمال شرق).
وتقدر الامم المتحدة ان نحو 242 الف سوري يعيشون تحت حصار من قبل طرفي النزاع، بينهم نحو 197 الفا في مناطق تحاصرها قوات النظام.
ومن هذه المناطق مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في جنوب دمشق، والمحاصر من القوات النظامية منذ قرابة عام. وبحسب المرصد السوري لحقوق الانسان، ادى نقص المواد الغذائية والطبية في المخيم الى وفاة اكثر من مئة شخص خلال الاشهر الماضية.
وتقوم وكالة الامم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين بادخال مساعدات الى المخيم، كلما منحتها السلطات السورية اذنا بذلك. وخلال الشهر الماضي، لم تدخل مساعدات الى المخيم لمدة اسبوعين.
ويقول المتحدث باسم الوكالة كريس غانس لفرانس برس "من وجهة نظر منظمة اغاثة تحاول العمل في اليرموك، من الواضح ان القرار 2139 لا يطبق".
واكد الامين العام للامم المتحدة بان كي مون الاربعاء في تقرير الى مجلس الامن حول القرار، ان "ايا من اطراف النزاع لم يحترم مطالب المجلس"، مشددا على ان ثمة "مدنيين يموتون يوميا بلا سبب".
ويجيز القرار لمجلس الامن اتخاذ "خطوات اضافية" مثل العقوبات، في حل عدم التزام تطبيقه. الا ان هذا الامر يتطلب قرارا جديدا، وهو ما يرجح عدم القدرة على انجازه نظرا الى معارضة روسيا والصين، حليفتا النظام السوري، اي قرار اممي قد يدينه.
على الارض، يتراجع الامل بالحصول على المساعدات كل يوم.
ويقول محمد، وهو ناشط في جنوب دمشق، لوكالة فرانس برس عبر الانترنت، ان الشوارع ملأى "بأشباح" يتسولون او يبحثون عن الطعام، وقد غطى الغبار والسواد وجوههم، بسبب انقطاع المياه الصالحة للاستعمال.
يضيف "عندما يكون ثمة توزيع للمواد الغذائية، يكون الناس جائعين الى درجة انه لا يمكنهم انتظار العودة الى المنزل لتناول الطعام فترون رجالا يقفون بجانب صفوف الانتظار ويتناولون الطعام في الشارع".
وفي محافظة درعا (جنوب)، لا يبدو الوضع افضل حالا.
ويقول ناشط قدم نفسه باسم "ابو انس"، انه "مع بداية الثورة (منتصف آذار/مارس 2011)، كان لدى العديد من الاشخاص مدخرات تمكنهم من مساعدة الآخرين. حاليا، لم يعد الوضع كذلك، لا سيما مع تراجع قيمة الليرة" التي فقدت اكثر من ثلاثة ارباع قيمتها خلال النزاع.
وشهدت بعض المناطق مصالحات بين النظام ومقاتلي المعارضة، قضت بوقف اطلاق النار وتسليم المقاتلين اسلحتهم، مقابل ادخال مساعدات. ويرى بعض الناشطين ان اتفاقات مماثلة تظهر ان النظام يلجأ الى التجويع والحصار كأداتي حرب.
ويقول محمد "النظام يستخدم الوضع الانساني كورقة للضغط على الناس لاخضاعهم". يضيف "الناس يسألون المعارضة المسلحة: +ماذا يمكنكم ان تقدموا لنا؟ هل يمكنكم ان تؤمنوا لنا الطعام؟+".