واشنطن تدعو موسكو وكييف لاعادة النظام بعد اعمال عنف في اوديسا
Read this story in Englishدعت الولايات المتحدة كلا من كييف وموسكو الى "اعادة النظام" في أوديسا بجنوب اوكرانيا حيث سقط الجمعة اكثر من 31 قتيلا في اعمال عنف وقعت في هذه المدينة الساحلية التي بقيت حتى الان في منأى عن الحراك المسلح الموالي لروسيا والذي يتوسع في شرق البلاد.
ففي مساء الجمعة اضرم حريق مفتعل في دار النقابات في اوديسا مما اسفر عن مقتل 31 شخصا بعد ان تحصن ناشطون موالون للروس في هذا المبنى المحاصر من اخرين موالين للاوروبيين، كما اعلنت وزارة الداخلية الاوكرانية.
وقبل ذلك جرت تظاهرات تدعو الى وحدة اوكرانيا هاجمها بعنف ناشطون موالون للروس وانتهت بسقوط اربعة قتلى ونحو خمسة عشر جريحا.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الاميركية في بيان "ان اعمال العنف والفوضى التي اوقعت بلا طائل الكثير من القتلى والجرحى هي غير مقبولة".
وتابعت "ندعو الطرفين الى العمل سويا من اجل اعادة الهدوء والقانون والنظام"، مضيفة "ندعو السلطات الاوكرانية الى فتح تحقيق وسوق كل المسؤولين (عن اعمال العنف في اوديسا) امام القضاء".
واعتبرت الخارجية الاميركية في بيانها ان ما جرى في اوديسا هو "دليل مأسوي على الحاجة الملحة الى نزع فتيل التوتر في اوكرانيا"، داعية الى "الاحترام الفوري للتعهدات التي قطعت في جنيف في 17 نيسان/ابريل" في الاتفاق الرباعي الذي ابرمته الولايات المتحدة وروسيا واوكرانيا والاتحاد الاوروبي وظل حبرا على ورق.
اما روسيا التي عبرت مرات عدة في الاشهر الاخيرة عن قلقها على امن السكان الناطقين بالروسية في اوكرانيا الذين يعتبرون انفسهم مهددين، فاعربت عن "استنكارها لهذه الجريمة الجديدة المرتكبة في اوديسا" والتي تثير مخاوف من رد فعل شديد من موسكو.
وندد الكرملين بما اعتبره "مؤشرا جديدا على انعدام المسؤولية الاجرامي لدى سلطات كييف التي تدعم القوميين المتطرفين وبينهم حركة برافي سيكتور التي تشن حملة ترويع ضد المطالبين بنظام فدرالي وبتغييرات دستورية حقيقية".
وكان الرئيس الاميركي والمستشارة الالمانية انغيلا ميركل هددا في وقت سابق روسيا بعقوبات "شديدة" في حال تفاقم الازمة في اوكرانيا حيث وقع هجوم دام للسيطرة على سلافيانسك بشرق اوكرانيا.
وقد توعد الرئيس الاميركي قبل ذلك موسكو بانها تعرض نفسها لعقوبات جديدة
تستهدف "بعض القطاعات" ان تمت "عرقلة او زعزعة استقرار بمستوى من شأنه ان يعرقل اجراء الانتخابات في 25 ايار/مايو".
واضاف انه اذا بقيت روسيا على الطريق ذاته "فانه لدينا مجموعة من الادوات تحت تصرفنا، ومن بينها عقوبات قد تستهدف قطاعات معينة في الاقتصاد الروسي".
ويعمل خبراء من الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي على تلك الاجراءات التي من الممكن ان تستهدف نشاطات اقتصادية روسية ان كان في القطاع المالي او الطاقة او المناجم.
من جانبها استطردت ميركل التي تزور واشنطن مؤكدة "اننا مستعدون لمثل هذه المرحلة التي قمنا بالاعداد لها".
وكانت دول مجموعة السبع اعلنت في نهاية الاسبوع الماضي تعزيز عقوباتها على روسيا التي تتهمها بزعزعة استقرار شرق اوكرانيا.
الى ذلك اطلقت اوكرانيا التي تشهد منذ اسابيع حراكا مسلحا مواليا لروسيا يتنامى في شرق البلاد، الجمعة عملية عسكرية في مدينتي سلافيانسك وكراماتورسك وخسرت اربعة عسكريين ومروحيتين واثارت غضب روسيا.
وهذه العملية التي بدأت في وقت مبكر جدا توقفت فيما بعد مع بقاء الوضع متوترا بين الجانبين، ثم استؤنفت في المساء في "معارك شديدة".
وكان المتمردون اشاروا خلال النهار الى حصيلة خمسة قتلى اذ "قتل ثلاثة من افراد الميليشيات الشعبية ومدنيان اثنان " في الهجوم. وقالت متحدثة ان المتمردين "خسروا اربعة او خمسة مراكز مراقبة عند اطراف المدينة".
وردت روسيا بحدة على اعلان العملية العسكرية التي وصفتها ب"هجوم انتقامي" و"ضربة قاضية لاتفاق جنيف" الذي تم التوصل اليه بصعوبة في منتصف نيسان/ابريل بين موسكو وكييف والغربيين.
وقال رئيس الورزاء الروسي ديمتري مدفيديف بغضب "على السلطات (...) ان تعود الى رشدها وتضع حدا لقتل مواطنيها. والا فان البلاد يمكن ان تشهد مصيرا حزينا". واضاف "ان مسؤولية الحرب ضد شعبها بالذات تقع على اولئك الذين يتخذون القرارات في كييف".
وكررت روسيا رسالتها الجمعة امام مجلس الامن الدولي، مطالبة بان تعمد كييف الى "انهاء عملياتها العقابية" في شرق اوكرانيا، فيما يلقي الغربيون من ناحيتهم مسؤولة تجدد التوتر على عاتق موسكو التي تشدد في موازاة ذلك الضغط على كييف بتهديدها بالحد من شحنات غازها الى اوكرانيا في حال تغيبها عن الدفع بحلول نهاية ايار/مايو.
وفي المساء ندد مصدر دبلوماسي روسي بالموقف "غير المسؤول" الذي عبر عنه وزير الخارجية الاميركي جون كيري الذي اشير الى انه ارجأ اتصالا هاتفيا مع نظيره الروسي سيرغي لافروف لان الاخير رغب في بحث الوضع في اوكرانيا. واعتبر هذا المصدر الذي اوردته وكالة الانباء الروسية "ان مثل هذا الموقف يدل في الواقع على ان نظراءنا الاميركيين غير مهتمين بالسعي الى حل لهذا الوضع المتفجر".
وقال مسؤول كبير في الخارجية الاميركية ان هذا الاتصال الهاتفي "ارجىء الى غد (السبت) بسبب تعارض في جدول الاعمال مرتبط بسفر (الى افريقيا) لوزير الخارجية، وللسماح باغناء المحادثات باللقاء بين الرئيس (باراك اوباما) والمستشارة (انغيلا) ميركل اليوم".
لكن الوضع في سلافيانسك --التي تشكل جزءا من المدن الاثنتي عشرة الواقعة تحت سيطرة الموالين لروسيا في الشرق الاوكراني-- حساس جدا خصوصا وان فريق مراقبين من منظمة الامن والتعاون في اوروبا ما زال محتجزا منذ اسبوع في المكان لدى المتمردين.
وقال قائد الانفصاليين دنيس بوشيلين في دونيتسك العاصمة الاقليمية "ان الهجوم في سلافيانسك سيؤخر الافراج عن اعضاء (فريق) منظمة الامن والتعاون في اوروبا". واقر وزير الخارجية الالماني فرنك فالتر شتاينماير الجمعة في برن بان المفاوضات للتوصل الى الافراج عن الرجال ال11 --سبعة اجانب واربعة اوكرانيين -- وصلت الى "مرحلة حساسة جدا".
واعلن الكرملين الذي يواجه ضغوطا من الغربيين في الايام الاخيرة للتدخل لمصلحتهم، الجمعة انه ارسل قبل ايام عدة فلاديمير لوكين مبعوثا من قبله للمشاركة في المفاوضات بشأن مصيرهم.