حمص مركز محوري واقتصادي وسط سوريا و"عاصمة الثورة" ضد النظام السوري

Read this story in English W460

تحتل مدينة حمص (وسط) التي بات النظام السوري قاب قوسين او ادنى من استعادة السيطرة الكاملة عليها، والتي اعتبرها الناشطون المعارضون "عاصمة الثورة"، موقعا جغرافيا استراتيجيا، وتعد ذات ثقل اقتصادي وازن.

وشكلت المدينة نقطة اساسية للاحتجاجات المناهضة لنظام الرئيس بشار الاسد، والتي اندلعت منتصف آذار 2011. ومع تحول الازمة الى نزاع عسكري دام، دفعت حمص، ثالث كبرى المدن السورية، اثمانا باهظة.

والاربعاء، بدأ مقاتلو المعارضة المتبقون في الاحياء المحاصرة لاكثر من عامين مغادرة هذه المناطق، في اتفاق يمهد لدخول القوات النظامية. وبذلك، تصبح غالبية احياء المدينة، باستثناء الوعر، تحت سيطرة النظام.

وبعد اشهر من الاحتجاجات، استعادت القوات النظامية السيطرة على معاقل المعارضين في المدينة، عبر حملات عسكرية عنيفة ادت الى مئات القتلى على الاقل ودمار هائل. ومن ابرز هذه الاحياء بابا عمرو الذي سيطر عليه النظام مطلع آذار 2012، بعد حملة عسكرية دامية شكلت منعطفا في اتجاه عسكرة النزاع.

وفي حينه، قال المحافظ السابق لحمص غسان عبد العال ان "من يسيطر على حمص يسيطر على سوريا، لان البلد مؤلف من ثلاث حلقات هي الجنوب والشمال والوسط. اذا ازيلت الحلقة الوسطى، تنهار السلسلة".

وتمتد محافظة حمص، الاكبر في سوريا، على مساحة 43 الف كلم مربع وسط البلاد، وتربط بين الحدود العراقية شرقا والحدود اللبنانية غربا، وتشكل محورا مروريا اساسيا بالنسبة الى سوريا والدول المحيطة بها.

ويقول الخبير الاقتصادي السوري جهاد يازجي ان حمص "هي ثالث مركز اقتصادي في سوريا بعد دمشق وحلب، وان كان الاقتصاد السوري حاليا شبه مشلول".

وتعد المدينة مركزا غذائيا وزراعيا من الدرجة الاولى. كما تشكل اراضيها ممرا لانابيب الغاز والنفط بين الحقول الواقعة في شرق البلاد، والمصافي الواقعة في غربها.

ووصل عدد سكان مدينة حمص قبل اندلاع النزاع، الى نحو 800 الف شخص يشكلون خليطا دينيا ومذهبيا. وتوزع السكان بين السنة (65 بالمئة) والعلويين (25 بالمئة) والمسيحيين (سبعة بالمئة) والشيعة (ثلاثة بالمئة).

الا ان هذا المزيج كان من الاكثر تضررا جراء النزاع الذي ساهم في ارتفاع حدة التوتر على خلفية مذهبية في شكل كبير.

ورأى صحافي في وكالة فرانس برس في تشرين الثاني 2011، نحو 80 جثة موضوعة في ثلاثة شاحنات مبردة في مستشفى المدينة. وبدت على هذه الجثث التي تعود لاشخاص من مذاهب مختلفة، آثار تعذيب وتكبيل يدين وقطع رأس بالفأس واطلاق رصاص في الرأس.

وتعرضت غالبية هؤلاء للاعدام ميدانيا، بحسب اسماء عائلاتهم او الاحياء التي يقطنون فيها. ورغم تنوع سكان حمص، الا ان غالبية الاحياء كانت شبه مفرزة مذهبيا، لا سيما بين السنة والعلويين.

وحاليا، باتت الشوارع ذات الغالبية السنية شبه مفرغة من سكانها. وفي حين لا يزال غالبية المسيحيين والعلويين يقيمون في احيائهم ويمارسون فيها نشاطاتهم التجارية، نزح غالبية السنة عن احيائهم وانتقلوا الى حي الوعر الذي يسيطر عليه مقاتلو المعارضة، والواقع على اطراف المدينة.

وشهدت أحياء سيطرة المعارضة لاسيما حمص القديمة والاحياء في الوسط، الحصار الاشد والاطول مدة على مناطق يسيطر عليها المقاتلون المعارضون. وبقي هؤلاء في هذه الاحياء على رغم الحصار والدمار والقصف المتواصل، رافضين التخلي عن مناطق دافعوا عنها بشراسة.

وفي شباط، اتاح اتفاق بين النظام والمقاتلين باشراف الامم المتحدة خروج نحو 1400 مدني من المحاصرين في حمص.

والاربعاء، بدأ المقاتلون الباقون، والذين يقدر عددهم بنحو 1200، بالخروج من المدينة بموجب اتفاق مع النظام باشراف اممي كذلك. ويمهد هذا الاتفاق، وانتقال المقاتلين الى الريف الشمالي لحمص، لدخول القوات النظامية الى الاحياء المحاصرة، باستثناء الوعر.

وقال مقاتلون تركوا المدينة اليوم ان "روحهم خرجت من جسدهم" وهم يغادرون حمص.

التعليقات 0