روسيف تعد بالحوار والتغيير بعد انتخابها لولاية رئاسية ثانية في البرازيل
Read this story in Englishسيكون على الرئيسة اليسارية ديلما روسيف التي اعيد انتخابها رئيسة للبرازيل لولاية ثانية بفارق ضئيل عن خصمها، العمل على مصالحة في بلد منقسم دعت مواطنيه الى السلام والوحدة والحوار مؤكدة انها ستمد يدها لمعارضيها ل"تغيير" البلاد.
وعلى الرغم من كل شىء انتخب البرازيليون الاوفياء للانجازات الاجتماعية التاريخية التي حققها اليسار خلال 12 عاما من الحكم، روسيف ب51,64 بالمئة من الاصوات مقابل 48,36 بالمئة لخصمها الاجتماعي الديموقراطي ايسيو نيفيس (يمين الوسط).
وسائل الاعلام البرازيلية الرئيسية التي تميل لصالح نيفيس اشارت الاثنين الى انه "اول فوز هزيل في تاريخ البلاد" منذ 1945، كما عنونت صحيفة اوستادو دي ساو باولو.
اما صحيفتا او غلوبو وفولها دي ساو باولو فاشارتا الى نسبة امتناع قياسية عن المشاركة في التصويت بلغت 26,1 بالمئة اي 37,2 مليون برازيلي، وطلبتا من روسيف "اطلاق الاشارات الاولى لطمأنة" القطاع الانتاجي والبورصات عبر الاعلان سريعا عن تسمية وزير الاقتصاد. وقد اعلن وزير الاقتصاد الحالي غيدو مانتيغا ترك منصبه "لاسباب شخصية".
ياتي فوز روسيف في ختام حملة حادة تخللتها تهجمات شخصية واسعة اسهمت في نشرها شبكات التواصل الاجتماعي وادت الى تعميق الفجوة بين اليسار واليمين في العملاق الاميركي اللاتيني.
وهو اول فوز بهذا الفارق الضئيل منذ اول انتخابات رئاسية جرت بالاقتراع المباشر في 1989 بعد الحكم العسكري (1969-1985) وفاز فيها فيرنادو كولور على لويس ايناسيو لولا دا سيلفا.
واثر اعلان فوزها قالت روسيف في العاصمة برازيليا "كلماتي الاولى هي دعوة الى السلام والوحدة". واكدت انها "مستعدة للحوار وسيكون ذلك التزامي الاول في هذه الولاية الثانية"، مشددة على التزامها تعزيز "الاصلاح السياسي" و"محاربة الفساد".
واقر نيفيس بهزيمته داعيا روسيف الى تبني "مشروع صادق" من اجل البلاد.
واعتبرت هذه الانتخابات استفتاء على 12 سنة من حكم حزب العمال اليساري الذي شهدت هذه الدولة الناشئة العملاقة في اميركا اللاتينية في عهده تغييرات اقتصادية واجتماعية كبيرة. ورغم عدم الاستقرار الاقتصادي وقضايا الفساد، اختار البرازيليون بغالبية غير كبيرة مواصلة مسيرة المكاسب الاجتماعية التي انتشلت نحو 40 مليون شخص من الفقر.
والفارق بين روسيف ومنافسها لم يتجاوز ثلاثة ملايين صوت من 142,8 مليونا تمت دعوتهم الى مراكز الاقتراع.
وكما كان متوقعا، حققت الرئيسة فوزا كبيرا في مناطق الشمال الشرقي الفقيرة. وقد خسرت بشكل كبير في ولاية ساو باولو معقل الحزب الاجتماعي الديموقراطي لكنها احرزت فوزا كبيرا في ولايتي ريو وميناس غيرايس (معقل نيفيس) في جنوب شرق البلاد الصناعي.
وحظي نيفيس بدعم اوساط رجال الاعمال واليمين التقليدي وجزء من الطبقة الوسطى. ووعد باعادة تنظيم البيت البرازيلي.
وبعد حملة انتخابية شديدة السخونة، جرت الانتخابات بهدوء بشكل عام. ووقع حادث في موسورو في شمال شرق البلاد عندما قام مجهول باطلاق النار على شاب في العشرين من العمر امام مكتب اقتراع "لاسباب لها علاقة بتسوية حسابات شخصية بين الاثنين" بحسب ما قالت الشرطة.
هذه الحملة التي لم تخل من هجمات شخصية ادت الى انقسام البلاد الى كتلتين بحسب الانتماء الاجتماعي: كتلة الاكثر فقرا المؤيدة لروسيف وكتلة الميسورين المؤيدة لمرشح "التغيير".
وكانت روسيف التي انتخبت في 2010 في اوج العصر الذهبي لراعيها الرئيس ايناسيو لولا دا سيلفا (2003-2010)الذي ورثت عنه نموا اقتصاديا نسبته 7,5 بالمئة.
ووسعت اول سيدة تتولى منصب الرئاسة في اكبر بلد في اميركا اللاتينية البرامج الاجتماعية التي يستفيد منها ربع سكان البرازيل البالغ عددهم 202 مليون نسمة مما سمح لها بالحصول على تأييد الطبقات الشعبية والمناطق الفقيرة.
لكنها واجهت عقبات كثيرة من تباطؤ الاقتصاد الى مطالب للطبقة الوسطى التي توقف نموها الاجتماعي وفضائح فساد اضرت بسمعة حزب العمال.
فقد شهدت المدن الكبرى ريو دي جانيرو وساو باولو وبيلو اوريزونتي حركة احتجاج اجتماعية تاريخية في حزيران 2013 ضد التقصير في الخدمات العامة والمليارات التي انفقت على مباريات كأس العالم لكرة القدم في 2014 والفساد السياسي.
وكانت استطلاعات الرأي تشير الى تقدم نيفيس في هذه المناطق من الدورة الاولى. لكن ديلما روسيف استعادت الكثير من شعبيتها في المناطق نفسها في حملتها الهجومية ضد خصمها.
فقد اتهمته الرئيسة وحزبها "بالمحسوبية" واشارا الى عنفه مع النساء وحتى رفضه الخضوع لفحص للكحول في 2010 عندما ضبط وهو يقود سيارته "ثملا او بعد تعاطيه مخدرات". ورد نيفيس باتهامات مضادة.