حزب بنغلادش الاسلامي المحاصر يقاوم ليبقى في الساحة السياسية

Read this story in English W460

يواجه اكبر حزب اسلامي في بنغلادش ازمة وجودية بعد تلقيه سلسلة من الضربات الموجعة وبينها الحكم بالاعدام على قادته وتخلي حليفه العلماني الرئيسي عنه، بحسب اعتقاد محللين. 

ورغم ازدياد التاييد للاسلاميين المتشددين في العديد من الدول ذات الغالبية الاسلامية مؤخرا، إلا أن حزب الجماعة الاسلامية سجل توجها معاكسا بعد ان فشل في محو وصمة تحالفه مع باكستان ابان حرب بنغلادش من اجل الاستقلال في 1971. 

ومع وفاة زعيمه الروحي مؤخرا في السجن، والحكم على عدد من كبار زعمائه بالاعدام، وعدم الاستجابة الشعبية لدعواته بالاحتجاج، يرى مراقبون ان حزب الجماعة الاسلامية ربما اصبح يلفظ انفاسه الاخيرة. 

يقول المحلل اطوار رحمن لوكالة "فرانس برس" من دكا ان "حزب الجماعة الاسلامية ليس له مستقبل الا اذا قام بعملية تحول ليصبح حزبا جديدا ووجد قيادة جديدة يمكن ان تكون قادرة على حشد الناس والتخلص من ارث الحزب المتعلق بالحرب". 

واضاف رحمن الاستاذ السابق في جامعة نيويورك انه "كلما اسرع الحزب في ادراك ذلك، كلما كان ذلك افضل له". 

ورغم أن رئيسة الوزراء الشيخة حسينة واجد من رابطة عوامي وحزب بنغلادش الوطني المعارض هيمنا على الساحة السياسية منذ الاستقلال، إلا أن حزب الجماعة الاسلامية كان هو الذي يقرر من سيحكم البلاد وكان شريكا صغيرا في الائتلاف الحكومي في 2006. 

الا ان تهميشه المتزايد اكتمل العام الماضي عندما حظر عليه المشاركة في الانتخابات العامة بعد ان اصدر قضاة حكما بان ميثاق الحزب يتعارض مع دستور البلاد العلماني. 

والهب ذلك الحكم مشاعر انصار الحزب المتاججة اصلا بسبب محاكمات نحو عشرة من قادته بتهم ارتكاب جرائم حرب في نزاع 1971. 

وقتل نحو 500 شخص خلال اعمال عنف سياسي العام الماضي بعد صدور الاحكام في تهم جرائم الحرب وكذلك قبل انتخابات كانون الثاني التي قاطعها حزب بنغلادش الوطني. 

وادت الاحكام العام الماضي الى خروج مئات الالاف الى الشوارع. الا ان الاستجابة كانت فاترة للدعوات الى الاحتجاج والاضراب التي اصدرها الحزب الاسبوع الماضي بعد رفض الطعن في الاحكام الذي تقدم به مساعد الامين العام للحزب محمد قمر الزمان. 

وحكمت المحكمة الجنائية الدولية، وهي محكمة محلية، كذلك بالاعدام على المرشد الاعلى والممول الرئيسي للحزب مطيع الرحمن نظامي. 

ورغم ان الاحكام ادت الى اعمال عنف عشوائية، الا انها لم تصل الى الحجم الذي وصلته العام الماضي. 

ولزيادة الطين بلة بالنسبة للحزب، تظهر حاليا مؤشرات بان حزب بنغلادش الوطني الذي تقوده الشيخة حسينة الخصم اللدود لرئيسة الوزراء السابقة خالدة ضياء، يدير ظهره للحزب الذي كان في يوم من الايام شريكه في الحكومة. 

وامتنع حزب بنغلادش الوطني عن ادانة الاحكام الاخيرة رغم ان ابرز قادته حكم عليه بالاعدام شنقا. 

كما ان امتناع الحزب عن تقديم العزاء بعد وفاة غلام اعظم القائد الروحي للحزب الاسلامي الشهر الماضي عن 92 عاما بعد ادانته بارتكاب جرائم حرب، اكد فتور العلاقة بين الحزبين. وقال رحمن ان حزب بنغلادش الوطني "ادرك انه سيبعد عنه قسما كبيرا من الناخبين اذا واصل دعم قادة حزب الجماعة". 

ويعارض حزب الجماعة الاسلامية الذي ترأسه اعظم خلال الحرب انفصال بنغلادش التي كانت تعرف في ذلك الوقت بباكستان الشرقية، عن اسلام اباد، ووصف النضال من اجل الاستقلال عن باكستان بانه مؤامرة من الغالبية الهندوسية في الهند. 

وخلال الحرب التي استمرت تسعة اشهر وفر حزب الجماعة الاسلامية عناصر الميليشيا الموالية لباكستان والتي كانت وراء عمليات القتل الجماعية للمفكرين. 

وتقول حكومة الشيخة حسينة ان ثلاثة ملايين شخص قتلوا في الحرب، ودافعت عن المحاكمات وقالت انها الطريقة الوحيدة للتصالح مع الماضي. 

وبعد الحرب فر اعظم الى باكستان وحظرت الاحزاب الدينية. 

ولكن ورغم رفض حزب الجماعة الاسلامية تقديم اعتذار، الا انه سمح لاعظم بالعودة في العام 1978 واحياء الحزب. وسمحت له نجاحاته المتواضعة في الانتخابات بان يصبح الحزب الذي يقرر من يحكم البلاد في التسعينات. 

ومنذ حظره من المشاركة في الانتخابات سادت الفوضى هيكليته السياسية حيث اختبأت معظم قياداته لتجنب محاكمتها بسبب اعمال العنف. 

ولم يشاهد القائد الجديد شفيق الرحمن في العلن منذ اشهر. 

وقال الصحافي البريطاني ديفيد بيرغمان الذي كتب العديد من المؤلفات حول المحاكمات ان "حزب الجماعة يدفع الان ثمن فشله الذريع منذ 1971 في الاعتراف بدوره في الحرب والسماح لقيادته الطلابية في 1971 بان تصبح القيادة المعاصرة للحزب". 

وقال امتياز احمد الاستاذ في جامعة دكا ان على القيادة الجديدة لحزب الجماعة معالجة دور الحزب في الحرب اذا كان يرغب في ان تكون له اية فرصة "في استعادة مكانته". 

واضاف ان "الاحكام الاخيرة اظهرت مرة اخرى انه من الصعب للغاية ممارسة السياسة في بنغلادش دون التصالح مع الحرب". 

وقال المتحدث باسم الحزب سيد عبد الله طاهر من مخبأه انه من المبكر للغاية اعلان وفاة الحزب، الا انه اقر بان احكام الاعدام وحظر مشاركة الحزب في الانتخابات اضر بالحزب بشكل كبير. 

الا انه اعرب عن ثقته بان الحزب "سيستعيد قوته" لان العديد من اتباعه ابلوا بلاء حسنا في الانتخابات البلدية الاخيرة عندما رشحوا انفسهم كمستقلين. 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

التعليقات 0