إتفاق على وقف للنار في أوكرانيا والاوروبيون بين الحذر والتشاؤم
Read this story in Englishأفضت ليلة طويلة من المفاوضات بين الرؤساء الفرنسي والاوكراني والروسي والمستشارة الالمانية في مينسك الخميس الى اتفاق حول وقف اطلاق نار واقامة منطقة منزوعة السلاح في اوكرانيا، لكن الاوروبيين بقوا حذرين جدا لا بل متشائمين حيال احتمالات نجاح هذا الحل.
واعتبر الرئيس الاوكراني بترو بوروشنكو مساء الخميس ان تطبيق اتفاق مينسك لوقف اطلاق النار في بلاده لن يكون "سهلا". وقال امام الصحافيين بعد عرض نتائج الاجتماع امام رؤساء دول وحكومات الاتحاد الاوروبي في بروكسل ان "المفاوضات كانت شاقة، ولا نتوقع تطبيقا سهلا للعملية".
وكان الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند اعتبر ان "الاتفاق لا يضمن نجاحا دائما". من جهتها اشارت المستشارة الالمانية انغيلا ميركل الى ان "عقبات كبيرة" لا تزال قائمة قبل اعادة السلام الى شرق اوكرانيا.
وهذه المنطقة تعاني منذ عشرة اشهر من النزاع الذي اوقع اكثر من 5300 قتيل وادى الى مواجهة غير مسبوقة منذ الحرب الباردة بين موسكو والغربيين.
وابدى كل القادة الاوروبيين حذرهم وحتى تشاؤمهم لدى وصولهم بعد ظهر الخميس الى بروكسل لعقد قمة اوروبية يطغى عليها النزاع في اوكرانيا واليونان.
ورحبت الولايات المتحدة الخميس باتفاق وقف اطلاق النار في شرق اوكرانيا، لكنها حذرت من ان هذه التسوية يجب ان تنفذ عمليا على الارض.
وقال البيت الابيض في بيان ان "الاتفاق يشكل تقدما مهما نحو حل سلمي للنزاع"، مؤكدا ان "وقف اطلاق النار يجب ان يطبق ويحترم".
وقال وزير الخارجية الاميركي جون كيري في بيان ان "الطريق طويل قبل ان تنجح كل الاطراف في احلال السلام واعادة السيادة الكاملة لاوكرانيا".
وعلق رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون بالقول "اذا تبين انه وقف اطلاق نار حقيقي، فاني سارحب به". واضاف "يجب ان نكون واضحين تماما حيال (الرئيس الروسي) فلاديمير بوتين الذي يجب ان يعرف ان العقوبات لن ترفع الا اذا تغير موقفه".
واوضح بوروشنكو "اني اثق بالقادة الاوروبيين، لكني اعتقد اننا امام مشكلة ثقة مع روسيا".
واضاف "فور التوقيع على الاتفاق، شن الارهابيون الذين تدعمهم روسيا هجوما".
وتابع يقول "لهذا السبب فانه من الحيوي لنا جميعا ان نبقي على الضغط للوفاء بوعود وقف اطلاق النار وسحب الاسلحة الثقيلة وتحرير كل الرهائن وسحب القوات والمرتزقة الاجانب واقفال الحدود".
واضاف ان الهجوم "يتركز خصوصا على ديبالتسيف. وتدافع قواتنا المسلحة عن خط الجبهة وتبذل جهودا جبارة لوقف هذا الامر".
وقال "يريدون توسيع سيطرتهم على الارض".
من جهتها قالت وزيرة الخارجية الاوروبية فيديريكا موغيريني "انها ولا شك خطوة في الاتجاه الصحيح ولو اني اعرف انها لن تؤدي الى تسوية كل شيء". وستعرض موغيريني الخميس على القادة الاوروبيين "بضعة اجراءات ملموسة" يمكن ان يتخذها الاتحاد الاوروبي "للاشراف على الاتفاق وتطبيقه" ميدانيا.
اما الرئيسة الليتوانية داليا غريبانسكايتي الرئيسة الدورية للاتحاد الاوروبي، فاعربت عن اسفها قائلة "انه اتفاق جزئي، فقط حول وقف اطلاق النار".
واعتبر الرئيس البولندي برونيسلاف كوموروفسكي ان "السلام ليس قريبا".
واعلن صندوق النقد الدولي الخميس انه سيمنح اوكرانيا التي لامس اقتصادها الافلاس، قرضا بقيمة 17,5 مليار دولار (15,5 مليار يورو) على مدى اربعة اعوام، شرط اجراء اصلاحات.
من جهته تعهد البنك الدولي الخميس بتقديم "حتى" ملياري دولار لاوكرانيا في 2015 في اطار خطة مساعدة دولية بقيمة 40 مليار دولار اعلنها صندوق النقد الدولي لصالح كييف.
والنص الذي وقعه الانفصاليون الموالون لروسيا وكييف انتزع بعد 16 ساعة من المحادثات بين فلاديمير بوتين وبترو بوروشنكو وانغيلا ميركل وفرنسوا هولاند.
وينص الاتفاق على وقف اطلاق نار اعتبارا من منتصف ليل الاحد بتوقيت كييف (السبت 22,00 ت غ) وسحب المتحاربين واسلحتهم الثقيلة بما يسمح باقامة منطقة عازلة موسعة، منتقلة من 30 كلم بحسب الاتفاقات السابقة، الى ما بين 50 الى 140 كلم حول خط الجبهة.
وينص من جهة اخرى على وضع دستور جديد بحلول نهاية 2015، يتضمن "لا مركزية" بالنسبة الى منطقتي دونيتسك ولوغانسك، بالتوافق مع ممثلي هاتين المنطقتين.
ورحب الرئيس الروسي بالاتفاق وقال "لقد نجحنا في التوصل الى اتفاق حول الامر الاساسي".
ولفت الرئيس الروسي الى ان الانفصاليين يتوقعون ان يقوم جنود اوكرانيون محاصرون في ديبالتسيف، التي اصبحت في الاسابيع الاخيرة نقطة ساخنة جدا، ب"نزع اسلحتهم".
وقال ان "ممثلي الحكومة الاوكرانية يعتبرون انه لا وجود لحصار وان كل شيء سيتم بسهولة. لدي شكوك منذ البداية".
وبحسب المتحدث باسم الجيش الاوكراني، وفي حين كان يتفاوض فلاديمير بوتين وبترو بوروشنكو في مينسك، دخلت "نحو خمسين دبابة و40 قاذفة صواريخ متعددة الرؤوس من طراز غراد والقدر نفسه من المدرعات" الى الاراضي الاوكرانية من روسيا.
وقال وزير الخارجية الالماني فرانك فالتر شتاينماير ان الاتفاق "ليس حلا شاملا ولا اختراقا"، غير انه اثنى على "خطوة الى الامام تبعدنا من دوامة التصعيد العسكري".
لكنه اشار الى ان هذا التقدم تم "بدون شعور بالفرح لان الولادة كانت عسيرة".
واعتبر القادة الانفصاليون ان الاتفاق يبعث الامل في "حل سلمي" للنزاع.
والنص الموقع بين الانفصاليين وموفدي كييف المجتمعين برعاية روسيا ومنظمة الامن والتعاون في اوروبا ضمن "مجموعة الاتصال"، يستعيد الاتفاقات التي وقعت في مينسك في ايلول وكانت تنص ايضا على وقف اطلاق النار وسحب قطع المدفعية او تبادل اسرى.
لكن مجرد حصول الاتفاق رسميا على دعم من اعلى المستويات، من قبل فلاديمير بوتين وبترو بوروشنكو وانغيلا ميركل وفرنسوا هولاند، يمنحه المزيد من الثقل.
ورسميا مع ذلك، لم يوقع الرئيس الروسي على اي شيء. ولم يصدر عن الاوروبيين والرئيس الاوكراني الذي يحظى بحمايتهم وهو شخصيا اي "اعلان دعم" للنص الذي وقعه الانفصاليون وموفدو كييف.
وحتى نهاية المفاوضات، لم تتراجع حدة اعمال العنف في اوكرانيا. وقضى 16 شخصا، بينهم جنديان اوكرانيان، في الساعات الاخيرة في معارك وعمليات قصف.
وفي معقل الانفصاليين في دونيتسك، لم تتوقف عمليات القصف المدفعي من مواقع الانفصاليين منذ الليل.
وقبل القمة، كثف الجنود الاوكرانيون والانفصاليون معاركهم على الارض للوصول الى موقع قوي الى طاولة المفاوضات مع 49 قتيلا على الاقل الثلاثاء والاربعاء، وعاشت اوكرانيا اكثر الفترات دموية في غضون عشرة اشهر.
ونظم اللقاء في بيلاروسيا في ختام اسبوع من مشاورات دبلوماسية مكثفة بمبادرة من الرئيس الفرنسي والمستشارة الالمانية.