تسيبراس يشيد بالاتفاق على تمديد تمويل اليونان اربعة اشهر ولكنه يواجه خيارات صعبة
Read this story in Englishقال رئيس الوزراء اليوناني الكسيس تسيبراس السبت ان الاتفاق مع قادة الاتحاد الاوروبي على تمديد تمويل اليونان لاربعة اشهر سينهي اجراءات التقشف المكروهة في البلاد، الا ان حكومته لا تزال تواجه تحديات صعبة.
وقال تسيبراس في خطاب موجه الى الامة بعد ساعات على الاعلان عن الاتفاق عقب مفاوضات شاقة الجمعة ان الاتفاق "يلغي التقشف".
الا ان هذا الاتفاق جاء مقابل تقديم اليونان تنازلات من بينها التزامها بتحديد اصلاحات خلال يومين.
وتهدف هذه الاصلاحات الى اقناع الدائنين الاوروبيين لتقديم مزيد من القروض لليونان. ولم تحصل اثينا على مساعدة مالية فورية عقب الاتفاق. الا ان تسيبراس قال ان حكومته احبطت خطة "من قبل القوى المحافظة العمياء" في اليونان والخارج لافلاس البلاد بنهاية الشهر، اي موعد انتهاء موعد صفقة الانقاذ الاوروبية.
وفي الوقت نفسه حذر تسيبراس (40 عاما) من انه لا تزال امام بلاده "العديد من الصعوبات". وقال ان حكومته ستركز الان على التفاوض على اصلاحات جديدة مع المانحين بحلول حزيران.
وفي البداية طلبت الحكومة اليونانية اليسارية الجديدة التي تولت السلطة الشهر الماضي بالحصول على وعد بانهاء اجراءات التقشف، وتمديد تمويل اليونان ستة اشهر حتى تستطيع تقديم خطط اصلاحات لمدة اربع سنوات.
وقال دانيال غروس مدير مركز دراسات السياسة الاوروبية لصحيفة لا ستامبا الايطالية "من وجهة النظر الرمزية وبالتالي السياسية فقد اذعن اليونانيون بشان كل شيء ... ولا يستطيعون توقع ان يحصلوا على شيء الان . فقط عليهم ان يتوقعوا ان يعطوا".
وقالت الحكومة اليونانية انها تجنبت اقتطاعات كبيرة لمعاشات التقاعد كما تجنبت رفع الضرائب بشكل كبير واقنعت الدائنين الاوروبيين بالتخلي عن مطالبهم غير الواقعية الخاصة بالميزانية.
وقال عدد من اليونانيين السبت ان الاتفاق افضل من لا شيء.
وراى الموظف الحكومي الكسندروس ميلوناس ان "مجال التفاوض كان محدودا للغاية، ولكن الاتفاق هو في الاتجاه الصحيح ويجعلنا نشعر بالراحة".
وقال المتقاعد نيكوس "هذا تطور ايجابي للغاية .. لا يمكن ان يتدهور بنا الحال اسوأ من السابق".
الا ان خصوم الحكومة لا يوافقون على ذلك الراي، حيث راى الاشتراكيون المعارضون ان الاتفاق اعاد اليونان "كيلومترات الى الوراء" متهمين الحكومة بالقيام ب"حركات مسرحية للاستهلاك المحلي".
كما قال الحزب الشيوعي انه "مهما كانت التسمية، فان الاتفاق هو تمديد رسمي لصفقة الانقاذ المالي تحت اشراف مشدد .. واستمرار للاصلاحات التي لا تلقى شعبية" بين اليونانيين.
ويتعين على اثينا ان تقدم قبل مساء الاثنين لائحة بالاصلاحات التي يجب ان يوافق عليها الدائنون الذين باتوا يعرفون باسم "المؤسسات" (الاتحاد الاوروبي والبنك المركزي الاوروبي وصندوق النقد الدولي) اذ ان اليونانيين لم يعودوا يرغبون في سماع كلمة "ترويكا".
وتعهدت الحكومة اليونانية بعدم اتخاذ اية اجراءات احادية يمكن ان تهدد الاهداف المالية الحالية، وتعين عليها ان تتخلى عن خطط لاستخدام 11 مليار يورو من ما تبقى من تمويل البنك الدولي للمساعدة على انعاش الاقتصاد اليوناني.
والثلاثاء ستقرر "المؤسسات" او الترويكا ما اذا كانت ستنفذ اتفاق الجمعة مع احتمال الغاء الاتفاق في حال لم ترض عنه الترويكا.
واقر وزير المالية اليوناني يانيس فاروفاكيس بعد المحادثات انه "اذا لم تتم الموافقة على الاصلاحات، فان الاتفاق سيكون ميتا".
ووعدت الحكومة بانفاق ملياري دولار هذا العام على معونات الفقر لالاف العائلات التي تضررت من خفض الرواتب ورفع الضرائب قبل خمس سنوات.
والاسبوع الماضي طرحت الحكومة مشروع قانون لشطب ديون ذوي الدخل المنخفض الذين يدينون بالمال للحكومة، الا ان بروكسل طالبت الان بالتدقيق في مثل هذه الاجراءات قبل تطبيقها.
وتوصل وزراء مالية منطقة اليورو ال19 الى الاتفاق في محادثات مكثفة تواجهت فيها اليونان مع المانيا الغاضبة التي تتهم الحكومة اليونانية الجديدة بانها تريد التخلي عن التزاماتها التقشفية.
وصرح يورين ديسلبلوم رئيس مجموعة اليورو عقب انتهاء الاجتماع ان "الاجتماع كان صعبا لانه كان يتعلق ببناء الثقة بيننا".
واضاف في بيان من صفحتين يوضح الشروط القاسية التي فرضت على اليونان "ستكون هذه الثقة اساس الاتفاقيات واية تغييرات في الاتفاقيات التي سيتم العمل عليها".
وانتهت جولتان سابقتان من المحادثات بالخلافات بعد ان اتهمت اليونان المانيا وغيرها من دول الاتحاد الاوروبي المتشددة بتخريب الاتفاق.
وصرح وزير المال الالماني المحافظ فولفغانغ شويبليه الذي لم يعد يخفي استياءه المتزايد من الحكومة اليونانية اليسارية الراديكالية الجديدة، ان "تولي السلطة في الحكومة هو بمثابة موعد مع الواقع. وبصراحة فان ذلك في اغلب الاحيان ليس جميلا كما هو في الحلم".
واضاف انه سيكون من الصعب على الحكومة اقناع انصارها بالاتفاق.
من جهته، قال وزير المال الفرنسي ميشال سابان ان اثينا وافقت في نهاية المطاف على البقاء تحت اشراف الجهات الدائنة "لكن سيكون هناك عمل من طبيعة اخرى. سيكون هناك بالتأكيد عمل سياسي"، مشيرا الى ان اليونانيين لم يعودوا يريدون مقابلة "تقنيين".
وفي حال وفت اليونان بالتزاماتها فانها ستحصل على ما يصل الى 2,7 مليار يورو من الاموال المتبقية من التمويل الاوروبي في اطار صفقة الانقاذ البالغة 240 مليار يورو (273 مليار دولار).
وتحرص اثينا على طي صفحة التقشف لكن المانيا الضامنة للتشدد في الميزانيات في اوروبا اشترطت ان تواصل اليونان تطهير ماليتها العامة وتمضي في الاصلاحات الهيكلية.
وتبنت هذا الموقف دول اخرى مثل فنلندا ودول البلطيق لكن ايضا اسبانيا والبرتغال وسلوفاكيا التي قال رئيس وزرائها روبرت فيكو انه "من المستحيل ان نفسر للناس ان عليهم منح المال لدفع اجور ومعاشات تقاعد اليونانيين".
وجاء رد فعل الاسواق على الاتفاق ايجابيا، حيث سجلت البورصة الاميركية ارتفاعا الى معدلات قياسية جديدة بعد انخفاض خطر خروج اليونان الكارثي من منطقة اليورو.
وقال مسؤولون اوروبيون ان الخلاف وصل في بعض المراحل الى صدام بين شخصية شويبليه الغاضب، واسلوب فاروفاكيس التفاوضي غير الرسمي.
وبعد المحادثات قال مسؤول اوروبي بارز ان العلاقة بين الوزيرين لا تزال متوترة، مؤكدا ان "الثقة غير موجودة".