الحسكة: المسيحيون هربوا بملابس النوم من بطش تنظيم الدولة الاسلامية

Read this story in English W460

حمل السوري المسيحي داني جانو ابنتيه وغادر مع زوجته منزلهما في احدى قرى محافظة الحسكة ما ان سمع ان تنظيم الدولة الاسلامية بات قريبا. لم ياخذا معهما شيئا، اكتفيا بملابس النوم والامل ببلوغ مكان امن.

وقال جانو (35 عاما) في اتصال مع وكالة فرانس برس من مدينة الحسكة في شمال شرق سوريا "بدات المعارك عند الرابعة من فجر يوم الاثنين، وبقينا نسمع اصوات الرصاص والقذائف لنحو سبع ساعات قبل ان نقرر مغادرة منزلنا بعدما سمعنا ان داعش اصبحوا بالقرب من قريتنا".

واضاف هذا المسيحي الاشوري الذي يعمل خياطا نسائيا "اجلينا كل الاطفال من القرية وخرجنا. البعض هرب على جرارات زراعية، والبعض الاخر في سيارات. انا حملت ثلاثة اطفال على دراجتي النارية وانطلقت بهم ضمن موكب الهاربين".

واستغرقت رحلة جانو من قريته تل مساس وصولا الى مدينة الحسكة نحو خمس ساعات.

وقال "لقد كانت اطول واصعب خمس ساعات في حياتي. تعرضنا للقنص، والقصف، واصيبت احدى السيارات بشظايا قذيفة هاون لكن الحمد الله لم يصب احد، تضرر فقط الاطار الخلفي فجرى استبداله سريعا".

وتابع "شعرنا برعب لا مثيل له، لكننا لم نفكر مرتين. سرنا بملابس النوم الى الامام ولم نتوقف حتى وصلنا الى هنا".

وشن تنظيم الدولة الاسلامية الاثنين هجوما في ريف الحسكة اختطف خلاله بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان اكثر من 220 مسيحيا اشوريا، وتمكن من السيطرة على عشر قرى محيطة ببلدة تل تمر شمال غرب الحسكة اثر معارك مع قوات وحدات حماية الشعب الكردية.

وتسبب هجوم تنظيم الدولة الاسلامية هذا بحركة نزوح كبيرة من القرى المستهدفة في ريف الحسكة، شملت نخو خمسة الاف شخص وفقا لمسؤولين حزبيين وناشطين، توجهت غالبيتهم نحو الحسكة ومدينة القامشلي الحدودية مع تركيا.

وقتل بحسب المرصد في هذه المواجهات 25 عنصرا في وحدات حماية الشعب الكردية ومجموعة مسيحية مسلحة تقوم بحراسة القرى في المنطقة، بينما قتل 35 على الاقل من عناصر التنظيم المتطرف.

وقال يوخنا هارون رئيس الفرع السوري للحزب الاشوري الديموقراطي وعضو مكتبه السياسي "احصينا هروب نحو 1100 عائلة حتى الان نحو مدينتي الحسكة والقامشلي".

واضاف هارون المتواجد في مكان استقبال النازحين في مقر مطرانية الحسكة في اتصال هاتفي "انها معاناة لا مثيل لها. لقد وصل الناس الى هنا من دون حاجياتهم بعضهم حمل على الايدي والاكتاف بسبب الارهاق، وبعضهم كانوا حفاة".

وتابع "انها جريمة ترتكب بحق شعبنا الاشوري المسالم. هؤلاء يدمرون العيش المشترك، والحضارة، والتاريخ، ويعيدوننا عصورا الى الوراء، والمجتمع الدولي يتفرج صامتا. انها مجزرة".

وفي القامشلي شمال محافظة الحسكة، توزعت نحو 200 عائلة على منازل في المدينة.

وقال جان طولو المسؤول في "مؤسسة اشور للاغاثة والتنمية" في اتصال مع فرانس برس "استقبلنا حتى الان نحو 200 عائلة وزعت على منازل لتسكن فيها مؤقتا بعدما هربت من بطش" تنظيم الدولة الاسلامية.

واضاف ان "النازحين وصلوا الى هنا في حالة نفسية منهارة (...) وقد تركوا كل شيء في منازلهم في قراهم وهربوا"، مشددا على ان "العائلات النازحة تصل الى المدينة بشكل مستمر منذ ثلاثة ايام".

ويبلغ عدد الاشوريين الاجمالي في سوريا حوالى ثلاثين الفا من بين 1,2 مليون مسيحي، ويتحدرون بمعظمهم من القرى المحيطة بنهر خابور في الحسكة.

ويتقاسم الاكراد وتنظيم الدولة الاسلامية السيطرة على محافظة الحسكة، بينما لا يزال هناك تواجد للنظام في مدينة الحسكة.

وغالبا ما يستهدف تنظيم الدولة الاسلامية المعروف ببطشه ووحشيته الاقليات في هذا البلد الذي يشهد نزاعا داميا قتل فيه اكثر من 210 الاف شخص منذ منتصف اذار 2011 ويحتل مساحات واسعة من اراضيه، وفي العراق المجاور ايضا حيث احرقت كنائس وهوجمت قرى مسيحية.

ويزرع التنظيم الرعب في المناطق التي يسيطر عليها واعلن قيام "الخلافة" الاسلامية فيها، وقد نفذ الاف الاعدامات في حق اسرى امسك بهم في المعارك، وفي حق مدنيين لاسباب مختلفة.

وراى جانو ان ما حدث لابناء قريته والقرى المجاورة "جريمة لا توصف ببشاعتها. لقد احرقوا منازلنا، وفجروا كنائسنا، واختطفوا عائلاتنا، وكل ذلك من اجل ماذا؟، هذا سؤال لا جواب له".

وتابع "لكننا سنعود حتما، غدا. وان لم يكن غدا، فسنعود في اليوم الذي يليه".

التعليقات 0