نهج اوباما القائم على الحوار مع الخصوم امام اختبار الملف النووي الايراني

Read this story in English W460

بعدما اعتمد باراك اوباما سياسة تقوم على التحاور حتى مع الانظمة التي يندد بها والبحث عن نقاط تفاهم ولو محدودة معها، فان التوصل الى اتفاق حول الملف النووي الايراني سيشكل نجاحا دبلوماسيا كبيرا للرئيس الاميركي غير انه يبقى من الصعب تقييم استمراريته.

واكد اوباما لدى تلقيه جائزة نوبل للسلام في اوسلو في 10 كانون الاول 2009 بعد اقل من سنة على وصوله الى السلطة، على قناعته بان "العقوبات بدون يد ممدودة والادانات بدون محادثات" مصيرها الفشل.

وقال "ليس هناك من صيغة بسيطة. لكن علينا ان نحاول قدر المستطاع ايجاد توازن بين العزلة والتعاون، الضغوط والتشجيع" مقرا في الوقت نفسه بالجدل الذي اثارته هذه الجائزة في وقت كان لا يزال في بداية "عمله على الساحة الدولية".

بعد خمس سنوات وفي ختام 18 شهرا من المفاوضات المكثفة، تقف الدول الكبرى من مجموعة 5+1 (الولايات المتحدة والصين وروسيا وبريطانيا وفرنسا والمانيا) على عتبة التوصل الى اتفاق غير مسبوق مع ايران.

ورأت سوزان مالوني من معهد بروكينغز ان مثل هذا الاتفاق الذي سيمنع طهران من حيازة القنبلة الذرية لمدة عقد على اقل تقدير "مع مستوى غير مسبوق من عمليات التفتيش والتثبت"،  سيكون "تاريخيا" مشيرة الى انه "سيشكل تبريرا للنهج القاضي بالتفاوض مع الذين نعتبرهم خصوما لنا".

وقام خمسون جمهوريا من اعضاء مجلس الشيوخ يعارضون بشدة هذه المبادرة التي يعتبرونها خطيرة، بتوجيه رسالة مفتوحة الى القادة الايرانيين حذروا فيها من توقيع اتفاق مع اوباما مشددين على ان كلمة الفصل في هذا الملف تعود للكونغرس.

وقال غاري سامور المستشار السابق لاوباما والذي يدرس اليوم في جامعة هارفرد "هناك ميل في واشنطن الى تضخيم كل شيء، من كلا الطرفين. ينبغي النظر الى هذا النص المحتمل كما هو: اتفاق متواضع يسمح بالتعاطي مع المشكلة في الوقت الحاضر".

والواقع ان هذا الاتفاق في حال ابرامه سيكون بالمقام الاول رهانا على المستقبل وقال سامور "لا يمكن لاي كان ان يتكهن بما اذا كانت هذه المبادرة ستكلل في نهاية المطاف بالنجاح والجدل لن يحسم مع انتهاء ولاية اوباما".

وتطبيقا لنهجه في مناطق اخرى من العالم، اعلن اوباما في منتصف كانون الاول/ديسمبر عن تقارب تاريخي بين واشنطن وهافانا، داعيا الكونغرس الى رفع الحظر الاقتصادي الذي فرضه الرئيس الاسبق جون كينيدي على الجزيرة عام 1962.

يبقى ان هذا الاعلان المفاجئ الذي حصد الكثير من الثناء باعتباره خطوة دبلوماسية بارعة، مختلف تماما بطبيعته.

وقالت سوزان مالوني ان "كوبا لها اهمية حقيقية رمزية لكن هذا الموضوع لا يبدل الوضع بشكل جوهري في ما يتعلق بالمصالح المرتبطة بامن الولايات المتحدة والمنطقة" مشيرة الى ان "اتفاقا مع ايران ولو محدود وموضع اعتراضات سيكون له وطاة اشد بكثير".

وما زال يتعين معرفة تبعات اتفاق نووي محتمل على المنطقة وعلى الاخص على صعيد مكافحة تنظيم الدولة الاسلامية في العراق وسوريا.

وان كانت واشنطن وطهران لهما مصلحة مشتركة في مكافحة التنظيم الجهادي السني، الا انهما لا تتعاونان عسكريا.

حتى ان وزير الدفاع الاميركي اشتون كارتر اعرب في مطلع اذار/مارس عن "قلقه" لوجود مستشارين عسكريين ايرانيين الى جانب القوات العراقية في المعركة لاستعادة تكريت.

ويتوقع العديد من المراقبين المزيد من التوترات وراى غاري سامور ان "الولايات المتحدة ستحرص على الاثبات لحلفائها القلقين وخصوصا دول الخليج انما كذلك اسرائيل، ان الاتفاق على الملف النووي لن يؤدي الى مفاوضات موسعة توافق واشنطن في سياقها على هيمنة لايران الشيعية" في المنطقة.

وذكر البعض بالتقارب بين الولايات المتحدة والصين في السبعينيات في عهد الرئيس ريتشارد نيكسون الذي قام بزيارة تاريخية الى بكين في شباط 1972، داعين الى مفاوضات اكثر عمقا مع ايران في اعقاب هذا الاتفاق المحتمل حول الملف النووي.

ورات هيلاري مان ليفريت الدبلوماسية السابقة الداعية الى تقارب مع الجمهورية الاسلامية ان "هذا هو النموذج الذي ينبغي الاقتداء به".

واضافت ليفريت التي صدر لها كتاب بعنوان "الذهاب الى طهران" ان "ايران سيتضاعف نفوذها، هذا امر مفروغ منه" والسؤال المطروح على الولايات المتحدة يدور حول امكانية اقامة "الية بناءة للعمل مع (الايرانيين) على مجموعة كاملة من المواضيع التي سيكونون ضالعين فيها في مطلق الاحوال".

التعليقات 0