مقولة حماية الأقليات خطر على الأقليات
Read this story in Englishتقدم فرنسا الى مجلس الأمن الدولي في نهاية الشهر الحالي مشروع قرار حول "حماية الأقليات في الشرق الأوسط"، في ضوء ما تقوم به الحركات الأصولية المتطرفة وفي مقدمها تنظيم "داعش".
إن تبني الدول الكبرى، والديمقراطيات العريقة، والمجتمع الدولي، والشرعية الدولية لهذه المقاربة من أجل معالجة ما تشهده دول عربية وخصوصاً سوريا والعراق، يحمل في طياته خطرين يضافان الى الخطر الوجودي الذي تعاني منه هذه الأقليات:
1- إن التمييز بين ما تتعرض له "الأقليات" وما تتعرض له "الأكثرية" على يد التطرف نفسه من جرائم القتل والذبح والحرق والتهجير وغيرها من الجرائم التي تصنف في خانة الجرائم ضد الإنسانية أو جرائم الحرب، من شأنه أن يزيد من تهديد "الأقليات" التي ستنظر اليها "الأكثرية" التي تتعرض للجرائم نفسها وكأنها صاحبة امتياز "أجنبي" يستدعي الحماية في حين أن الآخرين متروكون لقدرهم. علما أن الخطر الحقيقي يكمن في أن السياسات الدولية لن تتجاوز إطار الكلام الإنشائي الى الواقع الميداني وهو ما يجعل الأقليات لقمة سائغة.
2- إن معالجة واقع التطرف الراهن في المنطقة وخصوصاً في سوريا والعراق يمر حكماً بحماية كل مكونات شعوبها من الجرائم التي تتعرض لها، أيا تكن الجهة التي ترتكب الجرم واياً تكن الجهة التي تتعرض للجرم.
لقد سبق للتجارب أن أثبتت أن السياسات الدولية ليست فقط متقلبة وفقاً للمصالح، وإنما هي سياسات تتميز في كثير من الأحيان بالحقارة وبافتقادها الى ما تتطلبه الأخلاق والقيم الإنسانية. أما القول بحماية "الأقليات" فلن يجلب للأقليات سوى المزيد من الويلات... وجدية الغرب والعالم في التصدي لداعش وغيرها من المتطرفين تكون بحماية "الإنسان" أيا يكن دينه او عرقه.