"فول يواجه الحرارة" وتغيرات المناخ
Read this story in Englishفي كوكب ترتفع درجة حرارته بسرعة كبيرة، من الطبيعي ان تظهر محاصيل غذائية جديدة وغير عادية. واحدث هذه المزروعات التي من الممكن أن تزدهر في درجات حرارة مرتفعة، هي الفول. وتتم دراسة هذه النبتة التي تخضع لاختبارات في المركز الدولي للزراعة الاستوائية في كولومبيا.
لقد ادى مزج اكثر من نوع من الفول، عبر استخدام التكنولوجيا والتقاليد، الى ولادة هذا الفول الجديد الذي "يواجه الحرارة". ان مخترع هذا الفول هو عالم كولومبي، يدعى الفارو ميخيا - خيمينيز.، ولقد استمر لعقدين من الزمن يبحث في كيفية تطوير اختراعه الذي لم يستخدمه احد.
ان هذه الزراعة ليس لديها مستقبل عظيم"، يقول ستيفن بيب، الذي يقود برنامج زراعة الفول في المركز الدولي للزراعة الاستوائية. بيب اخبرنا ذلك عبر اتصال اجريناه معه عبر سكايب خلال تواحده في اديس ابابا في اثيوبيا.
غير ان بعض العلماء دافعوا عن زراعة هذا النوع من الفول. ومن ابرزهم الكاتب، والباحث الاجتماعي والناشط الغذائي غاري نبهان الذي اعتبر انها جزء حيوي من المأكولات الجنوبية الغربية والثقافة (نبهان كتب أطروحة الماجستير حول عودة حبة تيباري في عام 1978).
في الوقت نفسه، حاول ميخيا-خيمينيز ان يدرس قدرة الفول الصغير على تحمل الظروف القاسية، مثل الحرارة والجفاف. انه يريد نقل هذه الصفات الوراثية في الفول المشترك.
ومع اعتماد اساليب التكنولوجيا، اعلن نجاحه في هذه التجربة: أولا، لقد استخدم حبوب اللقاح من نبات فول تيباري لتسميد زهرة حبة المشترك. ولقد تشكل الجنين. عادةً، هذا الجنين لن ييبقى على قيد الحياة لتشكيل البذور، ولكن ميخيا-خيمينيز تدخل لإنقاذه. لقد قطع بعناية الجنين غير الناضج من المصنع ووضعه في طبق المختبر المليئ بالمواد الغذائية، حيث نما في نبتةٍ جديدة. بعد عدة أجيال من هذا التهجين، انتهى به المطاف مع بذور حيّة، تجمع بين الصفات الوراثية من كل من فول تيباري والفول المشترك.
ولكن، على ما يبدو، كان ذلك نهاية مشروعه لأنه لم يلقَ تقدير اي احد، حتى قبل نحو خمس سنوات، حيث بدأ زارعو النباتات يدركون ان العالم يواجه تحديات مناخية.
والفول، على سبيل المثال، لا ينمو عندما تصل درجة الحرارة الى ما فوق 66 درجة ليلا..
المجموعة الاستشارية للبحوث الزراعية الدولية، وهي شبكة للبحوث الدولية، رعت دراسة حول تأثير ارتفاع درجات الحرارة على إنتاج الفول. وكانت النتائج تصدم الباحثين. "يبدو الأمر وكأننا نفقد 50% من مساحة المحاصيل لدينا في جيل واحد، وذلك بحلول منتصف القرن،" يقول بيب. ان هذا الامر يشكل كارثة لنحو 400 مليون شخص في جميع أنحاء العالم الذين يعتمدون بشكل كبير على الحبوب في غذائهم.
ميخيا-خيمينيز حاول ان يمزج بين نوعين مختلفين من الحبوب التي عادة ما تكون غير متوافقة جنسيا: الفول المشترك - وهي من الأنواع التي تشمل بينتو، والفاصوليا السوداء والكلى - والفول تيباري وهو فول غير معروف، تتم زراعته تقليديا في المجتمعات الأصلية في جنوب غرب أمريكا.
ان فول تيباري لم يعد يزرع في عصرنا هذا. حبوبها صغيرة وقليلة في نبتةٍ واحدة.
بحث الزارعون في المركز الدولي للزراعة الاستوائية من خلال بنوك التخزين الخاصة بهم عن البذور، الجيدة في ظل هذه الظروف المناخية. لقد اختبروا حوالي 1،000 عينة مختلفة في الطقس الحار، خاصة في مواقع الفرز. ولقد تبين ان افضل انواع الفول في مثل هذا المناخ هو الفول الذي أنشأه ميخيا-خيمينيز. لذلك نقول انه نجح في دمج فول تيباري مع الفول المشترك.
بناءً عليه، قال بيب: "أشكر الله أن كان لدينا هذا الرجل مجنون، منذ سنوات، والذي بفضله تمكنا ان نصل الى هذا الفول".
استطاع المركز الدولي للزراعة الاستوائية ان يحدد 30 خطاً جينياً من نبتة الفول يجعلها قادرة على تحمل درجات الحرارة ليلا لا سيما ما فوق 72 درجة. وهذه الارقام هي أعلى بحوالي سبع درجات مما تستطيع تحملها نبتة الفول العادية في اليوم.
وفقا لبيب، فقد كان من المدهش أن يتم نقل هذه السمة الوراثية، عبر التلاقح.
اكتشف الباحثون في المركز الدولي للزراعة الاستوائية أن عدداً قليلاً من الأصناف الحالية من الفول يمكنها أيضا ان تتحمل الارتفاع في درجات الحرارة. يقول بيب انه في تلك الحالات، لا يدرك الزارعون ذلك، حتى ينظروا. "في بعض الأحيان نحن لا نعرف ما نقوم به"، كما يقول. واضاف:"لقد مزجنا الجينات واعتقد ان تحمل الحرارة ينتج من هذا المزيج ولكن لا استطيع ان افسر ذلك".
زراعة تلك الأصناف الجديدة كشفت أن الحرارة بالفعل قد تمنع زراعة الفول. بدأ المزارعون في نيكاراغوا مؤخرا بزراعة احد هذه الأصناف من الفول الاسود، ومحصولهم يكون مضاعف عن محصول اي فول آخر. ولقد لوحظت نتائج مماثلة في كوستاريكا. "يمكنك وضع اثنين واثنين معا، بيمكنهنا ان يخففا الإجهاد الحراري هناك"، يقول بيب.
يخطط المركز الدولي للزراعة الاستوائية لجعل أصناف إضافية من الفول تتحمل الحرارة، فيزرعها المزارعون في جميع أنحاء العالم، من أمريكا اللاتينية إلى شرق أفريقيا. وفي حين يتجه الفول الاحمر نحو الانقراض،اصناف جديدة تبدأ بالتكاثر.