الشاحنات المفخخة السلاح الفتاك لتنظيم الدولة الاسلامية

Read this story in English W460

تعيد الشاحنات المفخخة التي يسهل قيادتها ويصعب وقفها ويستخدمها انتحاريو تنظيم الدولة الاسلامية، رسم ميدان المعركة في سوريا والعراق.

وقد نفذ الجهاديون حوالى ثلاثين هجوما بآليات مفخخة في مدينة الرمادي غرب بغداد، ضد المقار الحكومية والقوات المساندة لعناصر الامن التي تمكنت من الصمود نحو عام كامل.

واستخدم الجهاديون ناقلات الطواقم والشاحنات التي تم الاستيلاء عليها خلال الهجمات التي نفذوها، محملة باطنان من المواد المتفجرة وثبتوا على جانبيها صفائح حديدية لحمايتها من اي سلاح مضاد يعرقل تقدمها.

وعندما يكون هناك موقع شديد التحصين، يعتمد الجهاديون هجمات انتحارية مباشرة عبر آليات مفخخة تحصن من جوانبها لمنع استهدافها بنيران مباشرة.

وقال خبير عسكري عراقي ان "هذه (الآليات) محصنة من الاسلحة الرشاشة الثقيلة من عيار 12,7 ملم وحتى من القذائف المضادة للدروع (...) ومحملة بكميات كبيرة من المواد المتفجرة التي تبقى فعالة على مسافة 50 مترا".

وتظهر مقاطع فيديو لهذه الهجمات التي استخدمها تنظيم الدولة الاسلامية في كوباني (شمال سوريا) ومواقع اخرى، قوة الانفجار من على بعد عدة اميال.

ويقول خبير غربي ان "الاضرار الناجمة اكبر من تلك التي تحدثها قنبلة تزن نصف طن تلقيها طائرة حربية" وتابع ان "الشاحنات المفخخة تمثل قوتهم الجوية".

وفي هذا الاطار، قال رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي ردا على الاتهامات الموجهة الى القوات الاميركية بالتهرب من معركة الرمادي، ان تاثير انفجار الشاحنات المفخخة مشابه ل"قنبلة نووية صغيرة".

وتنظيم الدولة الاسلامية ليس من اخترع اسلوب زرع عبوات ناسفة داخل العربات. فقد استخدمت عربات محملة بالقنابل منذ اكثر من مئتي عام، في المحاولة الفاشلة التي استهدفت نابليون بونابرت عام 1800 في باريس.

وقال مايك ديفيس مؤلف كتاب "عربة بودا: تاريخ مختصر للسيارات المفخخة" ان امكانية استخدام الآلية التي تحمل قنبلة سلاحا ظهرت في 1920 في استهداف وول ستريت من قبل الفوضوي الايطالي ماريو بودا.

واعتمد تنظيم الدولة الاسلامية في بغداد الاسلوب نفسه عبر سيارات مفخخة يقودها انتحاريون، للغرض ذاته وهو زرع الرعب بين المدنيين واظهار السلطات الحكومية على انها عاجزة وغير قادرة على الحكم.

وكانت التنظيمات الجهادية التي انبثق عنها تنظيم الدولة الاسلامية الحالي فجرت 18 شاحنة مفخخة خلال الوجود العسكري الاميركي في العراق. لكن قادة التنظيم الحالي ينقلون استخدام هذا الاسلوب الى مستوى آخر.

ويقول اندرو تيريل الاستاذ في المعهد العسكري للدراسات الاستراتيجية ان "هجمات (تنظيم الدولة الاسلامية) في العراق قد تكون الاولى باستخدام هذه التفجيرات كجزء من المعركة من قبل قوة هجومية كبيرة في الحرب في الشرق الاوسط".

وكان متمردو نمور التاميل اعتمدوا السيارات المفخخة الانتحارية قبل تنظيم الدولة الاسلامية. لكن ديفيس اشار الى انها كانت غالبا "هجمات فردية" لافتعال معارك. واكد ان "الهجوم على الرمادي كان صدمة على مستوى شامل مختلف".

وقال مصدر في وزارة الدفاع الاميركية ان عشرات الآليات المفخخة التي استخدمت في الهجوم على الرمادي كانت محملة بمتفجرات تسبب تفجيرا بحجم التفجير الذي حدث في 1995 في مدينة اوكلاهوما.

وقال ديفيس ان شاحنة مفخخة مثل تلك التي استخدمت في اوكلاهوما تحمل "متفجرات تعادل القنبلة التي كانت تنقلها طائرة بي-24 في الحرب العالمية الثانية وهذا سلاح جوي صغير".

واضاف ان "الشاحنات المفخخة في الرمادي (...) كانت بشكل واضح اقوى بكثير وتعادل هجوما جويا بنقابل تزن الف رطل".

وبعد سقوط الرمادي، قامت واشنطن بتجهيز القوات العراقية بالفي دبابة من طراز ايه تي-4 طراز تتمتع بقوة نارية قادرة على نسف الآليات المفخخة التي يعتمدها الجهاديون.

وقال هذا الخبير العسكري في هذا السلاح المضاد للدبابات الذي طورته السويد انها "جيدة في الارض المكشوفة لكنها غير موجهة. فاذا كانت (الشاحنة) متوجهة نحوك عليك الوقوف بمواجهتها".

واضاف "عندما تكون الشاحنة على بعد نحو مئة متر يكون الاوان قد فات اصلا"، مشيرا الى انه "داخل المدينة، في الرمادي مثلا، غالبا ما يكون من المستحيل تجنب الشاحنات المفخخة".

ويحاول الاف من عناصر القوات الامنية العراقية واخرى موالية لها، احكام السيطرة على الرمادي كجزء من عملية تهدف الى استعادة الرمادي. لكن العبادي ذكر بان اقتحام المدينة محفوف بالمخاطر.

وقال خلال مقابلة مع البي بي سي الاثنين "قررنا عدم القتال داخل المدن (...) بسبب هذه الشاحنات المتفجرة التي لا يمكن رؤيتها داخل المدينة لان الشوارع صغيرة".

وباعتماده الشاحنات الانتحارية المفخخة التي تحمل كميات كبيرة من المتفجرات في هجمات برية، اجبر تنظيم الدولة الاسلامية الحكومة العراقية وحلفائها على اعادة النظر تكتيكية.

وقال ديفيس ان "اكبر اسطورة عسكرية خلال القرن الماضي كانت ان القوة الجوية وحدها قادرة على دحر العدو"، مشددا على ان استخدام الشاحنات المفخخة ساعد تنظيم الدولة الاسلامية في صنع "نموذج جديد".

التعليقات 0