السعودية تكثف دورها في الازمة السورية خشية تنامي النفوذ الايراني
Read this story in Englishاتخذت السعودية مؤخرا مواقف اكثر جسارة تجاه النزاع السوري خشية تحقيق نظام الرئيس بشار الاسد مكاسب مستفيدا من دعم خصمها الاقليمي ايران والتدخل العسكري الروسي، بحسب ديبلوماسيين ومحللين.
واستضافت الرياض هذا الشهر مؤتمرا لاطياف سياسية وعسكرية سورية معارضة، صدرت في ختامه رؤية موحدة لمفاوضات محتملة مع النظام، تشترط رحيل الرئيس بشار الاسد مع بدء المرحلة الانتقالية.
وبعد ايام من ذلك، اعلنت الرياض تشكيل تحالف عسكري اسلامي من 34 دولة بهدف "محاربة الارهاب"، في خطوة تلاها نقل وسائل اعلام عن وزير الخارجية السعودي عادل الجبير ان دولا عدة خصوصا خليجية، تجري "مشاورات" حول ارسال قوات خاصة الى سوريا.
ويقول دبلوماسي دولي لوكالة فرانس برس رافضا كشف اسمه، ان الاستراتيجية السعودية الراهنة "مرتبطة بايران" الخصم اللدود للمملكة والمنافس لها على نفوذ اقليمي يمتد من اليمن حتى لبنان.
ويرى المحلل السياسي السعودي جمال خاشقجي ان الضربات الجوية التي بدأت موسكو بشنها في سوريا نهاية ايلول/سبتمبر، ساهمت في الموقف السعودي المستجد من النزاع المستمر منذ قرابة خمسة اعوام.
ويقول "الانخراط او التدخل الروسي، على رغم انه محدود، اضاف نوعا من الدينامية الى الوضع السوري".
وتعد ايران وروسيا ابرز الداعمين للنظام، وساندتاه باشكال شتى لا سيما عسكرية، منذ اندلاع الاحتجاجات المناهضة له عام 2011، والتي تحولت الى نزاع دام متشعب اودى باكثر من 250 الف شخص.
وأتى توحيد المعارضة قبل مفاوضات محتملة اتفق على السعي الى عقدها خلال اجتماع منتصف تشرين الثاني الماضي في فيينا، جمع دولا معنية بالنزاع السوري، بينها السعودية وايران. وتضمن اتفاق فيينا خطوات لانهاء النزاع تشمل تشكيل حكومة انتقالية واجراء انتخابات.
واصدر مجلس الامن الدولي قرارا بالاجماع الاسبوع الماضي، يتضمن خطوات لحل الازمة السورية.
ويرى خاشقجي ان السعودية "ناشطة جدا لانه يبدو ان النزاع السوري يقترب مما تبدو انها خاتمة، وثمة حاجة للمملكة في هذه اللحظة".
وكان الجبير اكد الشهر الماضي ان الحل العسكري لازاحة الاسد لا يزال مطروحا، على رغم تصريحات لمسؤولين غربيين، ألمحت الى احتمال تقبل دور معين للاسد في المرحلة الانتقالية، لا سيما في ظل تنامي التهديد الجهادي وتبني تنظيم الدولة الاسلامية هجمات في الغرب.
- استباقا لرفع العقوبات -وتتهم السعودية ايران بالتدخل في ملفات اقليمية عدة لا سيما سوريا والعراق واليمن ولبنان، انطلاقا من حسابات مذهبية تعمل على تغليب مصلحة المكونات الشيعية في هذه الدول على حساب المكون السني.
وفي ظل هذه التباينات، كشف الناطق باسم وزارة الخارجية الايرانية حسين جابر انصاري الاثنين عن "جهود دبلوماسية" لتسهيل "حوار مباشر" بين طهران والرياض "من اجل تسوية الخلافات والقضايا الاقليمية".
وتزايدت الهواجس السعودية تجاه تنامي نفوذ طهران في اعقاب الاتفاق حول الملف النووي الايراني، والذي سيؤدي تباعا الى تخفيف العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها، في مقابل الحد من قدراتها النووية.
ويقول الدبلوماسي الدولي ان السعودية "ترغب في جمع اصدقائها وحلفائها" قبل تحرر ايران من القيود التي فرضها برنامجها النووي.
ويرى دبلوماسي غربي آخر ان الاعتقاد السائد هو "انه اذا اردت انجاز امر ما، لا يمكنك الاعتماد على الآخرين".
ويضيف بان التنافس الاقليمي مع طهران ادى "دورا كبيرا" في المعارضة السعودية للاسد، والمطالبة برحيله عن الحكم.
ويضم التحالف الاسلامي الوليد دولا معظمها ذات غالبية سنية، ولم يضم في صفوفه ايران، او حتى العراق وسوريا حيث يسيطر تنظيم الدولة الاسلامية المتطرف على مساحات واسعة منذ اكثر من عام.
وبحسب مجموعة "اوراسيا" البحثية، فالتحالف الذي اعلنته السعودية، ورغم انه لا يلحظ حتى الآن خطوات عسكرية عملية، قد يساهم في محاربة تنظيم الدولة الاسلامية "فقط في حال كان النظام السياسي في مرحلة ما بعد النزاع في سوريا والعراق، يضعف نفوذ ايران".
واتى الاعلان عن التحالف الجديد على لسان ولي ولي العهد السعودي وزير الدفاع الامير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، بعد قرابة تسعة اشهر من تشكيل الرياض تحالفا عربيا يساند الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، ضد المتمردين الحوثيين الذين تتهمهم بتلقي دعم ايران.
ومنذ تولي الملك سلمان مقاليد العرش في السعودية، يرى دبلوماسيون غربيون ان المملكة بدلت من سياستها الدبلوماسية الهادئة لصالح مقاربة هجومية اكثر في السياستين الاقليمية والدولية. ويرى هؤلاء ان بن سلمان هو احد الدافعين بقوة باتجاه هذه المقاربة الجديدة للسياسة الخارجية.
وبعد تزايد هجمات الجهاديين في الغرب خلال الفترة الماضية، وجه سياسيون غربيون انتقادات لدول خليجية ابرزها السعودية، متهمين اياها بتغذية الارهاب، وهو ما رفضته مرارا المملكة المشاركة في الائتلاف الدولي بقيادة واشنطن ضد تنظيم الدولة الاسلامية.
وردا على سؤال عن سبب الاهتمام السعودي بسوريا، قال الدبلوماسي الغربي ان النزاع السوري هو حاليا عامل اساسي لعدم استقرار المنطقة. اضاف "في حال لم تكن ثمة (حرب في) سوريا، لربما لم يكن ثمة وجود لتنظيم الدولة الاسلامية".