الهدنة مستمرة لليوم الثاني في سوريا في ظل تبادل الاتهامات بخرقها

Read this story in English W460

تبادلت الاطراف المعنية في سوريا في اليوم الثاني لتطبيق اتفاق وقف الاعمال العدائية اتهامات بارتكاب خروقات، مؤكدة في الوقت ذاته الاستمرار باحترام الاتفاق الاميركي الروسي المدعوم من الامم المتحدة.

وشهدت المناطق الرئيسية المشمولة بالاتفاق الذي دخل ليل الجمعة السبت حيز التنفيذ، حركة نشيطة في الصباح بعد ليلة هادئة خلت من القصف والمعارك، فيما تعرضت بلدات في شمال سوريا، تحت سيطرة الفصائل المقاتلة لغارات جوية الاحد، وفق المرصد السوري لحقوق الانسان وناشطون محليون.

واعلن الجنرال سيرغي كورالينكو رئيس المركز الروسي للمصالحة بين الاطراف السوريين من مقره في مطار حميميم غرب سوريا انه "خلال الساعات ال24 الماضية تم تسجيل تسعة خروقات لوقف الاعمال العدائية"، بحسب ما نقلت عنه وكالات انباء روسية. وقال "الا ان وقف اطلاق النار لا يزال مطبقا في سوريا بشكل عام".

من جهته وجه المنسق العام للهيئة العليا للمفاوضات رياض حجاب رسالة الى الامين العام للامم المتحدة اشار فيها الى 24 خرقا من قبل المدفعية في 26 منطقة ما تسبب بمقتل 29 شخصا متهما "الروس والايرانيين والنظام السوري والمليشيات الاجنبية ومجموعات المرتزقة الحليفة لهم" بارتكاب "اعمال عدائية رغم دخول الهدنة حيز التنفيذ".

واتهم ايضا الطيران الروسي بشن 26 غارة الاحد.

لكن المتحدث باسم الهيئة العليا للمفاوضات، الممثلة لاطياف واسعة من المعارضة السورية، سالم المسلط قال من الرياض انه رغم الخروقات "بشكل عام الوضع افضل بكثير مما كان عليه سابقا".

-سجال سعودي روسي-بدورها اتهمت السعودية التي تدعم المعارضة السورية، الطيران الروسي والسوري بانتهاك الهدنة.

وقال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الدنماركي كريستيان جنسن في الرياض "ثمة اختراقات للهدنة من قبل الطيران الروسي ومن قبل طيران النظام ونحن الآن نتشاور في هذا الموضوع مع دول مجموعة دعم سوريا".

وشدد الوزير السعودي انه في حال عدم التزام النظام وحلفائه بالهدنة "فهناك خيارات اخرى".

واوضح "كما ذكر السيد وزير خارجية الولايات المتحدة (جون كيري) هناك +خطة ب+، اذا اتضح انه لا توجد جدية لدى النظام السوري او لدى الحلفاء فالخيار الآخر وارد وسيتم التركيز عليه".

وتابع "الحل يشمل سوريا من دون بشار الاسد. لا يوجد خلاف على هذا، ولا توجد مساومة على هذا. السؤال: هل يخرج بموجب حل سلمي، والذي يعتبر الافضل والاسرع؟ او يخرج بموجب حل عسكري؟ الامر يعود له، ولكن المنطق واضح وهذه الخيارات هي امامه".

ورد نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف على اشارة وزير الخارجية السعودي الى +الخطة ب+ وقال كما نقلت عنه وكالة انترفاكس الروسية ان "هذا التصريح يتنافى تماما مع قرارات مجلس الامن الدولي".

واضاف "قلنا جميعا ان لا وجود للخطة ب. علينا ان ننفذ معا ما قررناه جميعا".

وكان المرصد السوري افاد صباحا بـ"تنفيذ طائرات حربية لم يعرف اذا كانت روسية ام تابعة لقوات النظام غارات عدة على ست بلدات، ابرزها دارة عزة وحريتان وعندان وكفرحمرة" في ريف حلب الشمالي والغربي، ادت الى مقتل شخص واصابة اخرين بجروح.

كما اشار الى ثماني غارات استهدفت بلدة حربنفسه في ريف حماة الجنوبي. وبحسب المرصد، تسيطر فصائل مقاتلة واسلامية على معظم هذه البلدات فيما يقتصر وجود جبهة النصرة (ذراع تنظيم القاعدة في سوريا) المستثناة من وقف اطلاق النار على بلدة كفرحمرة واطراف بعض هذه البلدات في هذه المنطقة.

- "اعطاء فرصة" لوقف النار-وقال مأمون الخطيب، الناشط في ريف حلب الشمالي ومدير وكالة "شهبا برس" المحلية للانباء ان "الغارات شنتها طائرات روسية واستهدفت مناطق مدنية". واضاف "طال القصف الجوي فرنا في بلدة دارة عزة عند الصباح" متسائلا "ماذا سيفعل مقاتلو النصرة في الفرن؟". 

وشدد على ان "القصف الروسي يعد خرقا للهدنة التي لم نكن نتوقع نجاحها بحجة ان الروس سيواصلون التذرع بوجود جبهة النصرة او تنظيم الدولة الاسلامية لقصف اهداف مدنية ومواقع الثوار". 

ويستثني الاتفاق الاميركي الروسي تنظيم الدولة الاسلامية وجبهة النصرة، لتقتصر المناطق المعنية بالهدنة عمليا على الجزء الاكبر من ريف دمشق، ومحافظة درعا جنوبا، وريف حمص الشمالي (وسط) وريف حماة الشمالي، ومدينة حلب وبعض مناطق ريفها الغربي.

وشدد مدير المرصد رامي عبد الرحمن على ضرورة "توضيح خريطة المناطق المشمولة بوقف اطلاق النار ليتسنى التاكد من تطبيقه".

وافادت صحيفة الوطن السورية القريبة من دمشق الاحد ان هذه "الخرائط لا تزال تحظى بصفة السرية"، لافتة الى "وجود حالات محدودة من الخروقات لم +يعلق+ عليها أحد، على اعتبار أن وقف هذه العمليات يحتاج إلى يومين أو ثلاثة أيام لتظهر جديته ومدى الالتزام فيه".

واكد المسلط عدم تلقي المعارضة نسخة عن الخرائط التي تم اعتمادها من قبل راعيي الاتفاق.

في واشنطن، دعا مسؤول اميركي كبير الاحد الى "اعطاء فرصة" لاتفاق وقف اطلاق النار رغم العقبات التي لا تزال "كثيرة"، بحسب قوله.

وقال هذا المسؤول في بريد الكتروني ارسله لفرانس برس ان "التعقيدات قائمة ولا يمكن تجنبها. وحتى في افضل الحالات لم نكن نتوقع ان يتوقف العنف على الفور".

ومساء الاحد اعرب منسق الامم المتحدة للشؤون الانسانية في سوريا يعقوب الحلو عن امله في استمرار الهدنة، مشيرا الى ان المنظمة الدولية تعتزم "ارسال مساعدات اعتبارا من يوم الاثنين والايام التالية الى مدينة معضمية الشام" التي تسيطر عليها المعارضة في ريف دمشق وتحاصرها قوات النظام.

واوضح الحلو انه بالاضافة الى المساعدات الانسانية الجاري ارسالها حاليا، فان الامم المتحدة تعتزم "في الايام الخمسة المقبلة ادخال مساعدات الى حوالى 154 الف شخص في مدن محاصرة"، مذكرا بأن المنظمة الدولية تنتظر الحصول على الضوء الاخضر من الاطراف المتقاتلة "لمساعدة حوالى 1,7 مليون شخص يقطنون في مناطق يصعب الوصول اليها".

- "بصيص امل"-في اليوم الثاني على بدء تطبيق الاتفاق، نعم سكان مدينة حلب التي تشهد معارك شبه يومية بين الفصائل المقاتلة وقوات النظام منذ صيف 2012، بهدوء استثنائي بحسب مراسل فرانس برس في المدينة.

واشار الى ان التلاميذ تنقلوا بحرية في الشوارع في طريقهم الى المدارس بعدما كانوا قبل بدء سريان الهدنة يسيرون بحذر لصق الابنية خوفا من القصف.

وهذه الهدنة هي الاولى بهذا الحجم التي تلتزم بها قوات النظام والفصائل المقاتلة منذ بدء النزاع الذي اسفر خلال خمس سنوات عن سقوط اكثر من 270 الف قتيل.

وقال ابو عمر (45 عاما) وهو يعمل في احد الافران في حي المعادي في شرق حلب لفرانس برس "اشعر ببعض الغرابة لاننا اعتدنا النوم والاستيقاظ على اصوات القصف والاشتباكات".

وفي حي العزيزية في غرب حلب الذي تسيطر عليه قوات النظام، قال احد السكان لوكالة فرانس برس عبر الهاتف "الحركة اعتيادية لكن سقوط القذائف توقف".

وشهدت اطراف دمشق وفق مراسل لفرانس برس هدوءا الى حد كبير. وقال ان سكان العاصمة استيقظوا من دون سماع دوي القصف من مناطق ريف دمشق.

واعتبر إحسان ضوّا، وهو طالب في كلية طب الاسنان في دمشق لفرانس برس ان "الهدنة اظهرت كمية التعب المتراكم لدى الناس طيلة خمس سنوات"، مضيفا "كنا جميعا بحاجة الى بصيص أمل نتعلّق به".

التعليقات 0