في ساحة القلعة وسط تلعفر، "سيلفي النصر"
Read this story in Englishيتكرر مشهد رفع علم تنظيم الدولة الإسلامية مقلوبا مع تقدم القوات العراقية في أحياء تلعفر، لكن في وسط ساحة حي القلعة كان مختلفا لرمزية المكان واستعادة السيطرة على صرح تاريخي كان التنظيم فجر أحد أسواره مع دخوله المدينة عام 2014.
بعد الاجتياح الأميركي للعراق عام 2003 وسقوط نظام صدام حسين، كانت القلعة تضم مقر البلدية والشرطة المحلية.
واستخدمت القلعة نفسها كقاعدة عسكرية للقوات الأميركية في معركة تلعفر في 2005.
وفي حزيران 2014 ، سقطت مدينة تلعفر بيد تنظيم الدولة الإسلامية خلال هجومه الواسع وسيطرته على مساحات واسعة من العراق وسوريا المجاورة.
ومذ ذاك الحين، استخدم مسلحو التنظيم القلعة كسجن يوضع فيه المدنيون من رجال ونساء، قبل إقدامهم على تفجير الأسوار الشمالية والغربية، ما تسبب باضرار كبيرة واستدعى إدانة من منظمة يونسكو.
يقول المقاتل في قوات الحشد الشعبي عبد الحمد العطار (49 عاما) لوكالة فرانس برس في حي القلعة إنه "خلال عملية التحرير، عثرنا على قيود وسلاسل كان يستخدمها الدواعش مع الأسرى".
ويعتبر العطار أن "للقلعة أثراً تاريخياً عميقاً بالنسبة للعراقيين والعرب أجمعين، أساس الحضارة هنا"، مضيفا "تألمنا للمشاهد البشعة التي خلفها داعش".
واستعادت القوات العراقية السبت السيطرة على مركز مدينة تلعفر وقلعتها التاريخية الواقعة وسط المدينة.
وخلال أسبوع واحد من العمليات فقط تمكنت القوات العراقية مدعومة من فصائل الحشد الشعبي من حسم المعركة في المدينة، غير أن العمليات العسكرية لا تزال مستمرة إلى شمال تلعفر لاستعادة ناحية العياضية التي انسحب إليها معظم مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية.
ولا تقارن مدينة تلعفر بالموصل من الناحية الرمزية ولا من حيث المساحة، لكن استعادتها تمثل ضربة كبيرة للتنظيم إذ أنها تقطع خط إمدادهم بين البلدين.
-"سيلفي النصر"-يشير العطار أيضا إلى أن "لهذه القلعة أهمية استراتيجية اذ انها تربط المحور الشمالي (كردستان) بالمحور الوسطي (الموصل تلعفر الحضر)".
وسط درجات الحرارة المرتفعة التي ضاعفتها حماوة المعارك، شكل نبع ماء صغير ملاذاً بارداً للمقاتلين.
نزل البعض للسباحة والبعض الآخر اكتفى بالاغتسال، قبل التوجه إلى الساحة الرئيسية التي يتوسطها الجامع الكبير.
في أعلى المئذنة المؤلفة من سبعة طوابق رفع على أولها علم أخضر ل"فرقة العباس القتالية"، يتمركز عناصر من قوات الحشد الشعبي لكشف المنطقة تحسباً لأي شيء ليس في الحسبان.
من هناك، يبدو الدمار مركزيا. المنازل والمحال في وسط الساحة تعرضت لدمار كبير بفعل القصف المدفعي والجوي، كما أن الشوارع كانت مليئة بالحفر التي تخطى عمق بعضها المتر.
لكن محيط المنطقة اقتصر على أضرار بسيطة، إذ بدت بعض البيوت على حالها من الخارج، دون التمكن من معاينتها من الداخل خوفاً من التفخيخ.
في الساحة نفسها، يرفع المقاتل الذي عرف عن نفسه باسم أبو عباس من كربلاء هاتفه لالتقاط "سيلفي النصر".
يقول لفرانس برس متهكماً وملوحاً بسلاحه "باقية وتتمدد؟ أين هم؟ ما شفناهم!".
يرفع مع رفاقه راية سوداء كبيرة لتنظيم الدولة الإسلامية بالمقلوب ويبدأون بالتهليل وإطلاق الأهازيج الدينية.
قبل الاحتفال، وأثناء التنعم بمياه النبع الباردة، يخطر في بال أحد المقاتلين القلق متسائلا "يا جماعة، هل يمكن تفخيخ الماء؟".