سعوديات يتجولن بسياراتهن في المملكة غداة رفع حظر استمر عقودا
Read this story in Englishتقود نساء سعوديات سياراتهن الأحد في شوارع عدد من مدن المملكة بعد رفع حظر استمر عقودا، في خطوة اصلاحية تاريخية قد تشكل بداية مرحلة جديدة من المرونة الاجتماعية في هذا البلد المحافظ .
ويعد رفع هذا الحظر الذي يأتي بعد سلسلة توقيفات طالت ناشطات سعوديات في مجال حقوق الانسان، أبرز التغييرات الاجتماعية التي تشهدها المملكة منذ تسلم ولي العهد الشاب الامير محمد بن سلمان منصبه قبل عام.
وكانت السعودية حتى منتصف ليل السبت الاحد بالتوقيت المحلي، البلد الوحيد في العالم الذي يمنع النساء من القيادة. وعلى مدى عقود، قال رجال دين متشددون في المملكة ان السماح للنساء بقيادة السيارة "معصية"، وان المرأة ينقصها الذكاء لممارسة حقها هذا.
لكن هيئة كبار العلماء السعودية اكدت في تغريدة الاحد ان "ولاة الامر- أيدهم الله- اتخذوا قرار السماح للمرأة بقيادة السيارة، ناء على ما رأوه من المصالح الراجحة في هذا الموضوع، وبعد أن أخذوا برأي أغلبية أعضاء هيئة كبار العلماء الذين أفادوا بأن الأصل الإباحة".
وكان ينظر الى الحظر على انه أكثر الاجراءات قمعا للمرأة، وسيؤدي رفعه الى تغيير كبير في الحياة اليومية للنساء اللواتي لن يعدن بحاجة الى سائقين ذكور للتنقل وسيسمح بتوفير الأموال التي كانت تدفع لهؤلاء السائقين.
وكتبت الناشطة هالة الدوسري على حسابها على موقع تويتر "البهجة والثقة والفخر الذي ابدته النساء السعوديات اللواتي قدن السيارة للمرة الاولى في بلادهن، دون خوف من الاعتقال جعل الدموع تنهمر من عيني"، مشيدة بالناشطات السعوديات المعتقلات.
واضافت "انا سعيدة ومرتاحة (...) الفتيات في السعودية سيعشن حرية اكبر قليلا من امهاتهن".
وفور بدء تطبيق قرار رفع الحظر، انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي وعلى شاشات القنوات السعودية صور النساء وهن يقدن في شوارع المملكة.
ونشر الملياردير السعودي الامير الوليد بن طلال تسجيلا مصورا على حسابه على تويتر وهو يجلس في سيارة الى جانب ابنته ريم التي كانت تقود سيارة. وقال "المرأة الآن انطلقت وأخذت حريتها".
وصفّق شبان وقفوا على جانب الطريق في أحد شوارع الرياض لسيدات وهن يعبرن بسياراتهن، بينما قام رجال المرور في جدة بتوزيع الورود على سائقات.
وكانت المملكة بدأت في حزيران/يونيو الحالي بإصدار رخص القيادة للنساء للمرة الاولى منذ عقود، وقامت النساء اللواتي يمتلكن رخصة قيادة دولية باستبدالها برخصة سعودية.
وتشير شركة "برايس واتر هاوس كوبرز" للاستشارات الى ان عدد السعوديات اللواتي سيمتلكن رخص قيادة بحلول عام 2020 قد يصل الى ثلاثة ملايين.
وسمحت السلطات، منذ صدور القرار الملكي القاضي برفع الحظر في ايلول/سبتمبر الماضي، بفتح معاهد تعليم قيادة السيارات والدراجات النارية.
- اسلام معتدل -يرى خبراء ان القرار جاء نتيجة الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها المملكة بسبب تراجع اسعار النفط. وتقدّر وكالة بلومبرغ المالية ان الخطوة ستساهم في إضافة تسعين مليار دولار الى الناتج الاقتصادي بحلول عام 2030.
لكن السيدات اللواتي يرغبن بقيادة السيارات يتخوفن من ان يصبحن عرضة لهجمات من المحافظين، في دولة يمارس فيها الاقارب الذكور -- الاب او الزوج او غيرهم من الذكور -- الوصاية على النساء من خلال نظام "ولاية الرجل".
وتمهيدا لرفع الحظر عن قيادة السيارات، قامت السعودية بإقرار قانون يعاقب من يدان بالتحرش بالنساء بالسجن لمدة يمكن ان تصل خمس سنوات ودفع غرامة قدرها 300 الف ريال (80 ألف دولار).
والسماح للنساء بقيادة السيارات في المملكة سبقته خطوات اصلاحية اجتماعية عديدة، بينها اعادة فتح دور السينما واقامة فاعليات موسيقية مختلطة، ضمن حملة تغييرات قال ولي العهد انها تهدف الى اعادة المملكة للاسلام المعتدل.
وعلى الرغم من الايجابية التي تُرافق وضع قرار السماح للنساء بقيادة السيارات موضع التنفيذ، تراجَع الى حد ما التفاؤل حيال الإصلاحات بعد اعتقال نشطاء بارزين لطالما دعوا الى رفع حظر القيادة.
وأعلنت السعودية في أيار/مايو الماضي اعتقال 17 ناشطا وناشطة بارزين في مجال حقوق المرأة، قالت وسائل اعلام محلية انهم متهمون بالخيانة والعمل على تقويض استقرار المملكة. وتم الافراج عن عدد منهم ثم اعتُقل آخرون.
- "قمع مستمر" -بين المعتقلات لُجين الهذلول (28 عاما) التي احتُجزت في العام 2014 لأكثر من 70 يوماً لمحاولة دخول المملكة وهي تقود السيارة من دولة الإمارات العربية المتحدة، وعزيزة اليوسف، الأستاذة المتقاعدة من جامعة الملك سعود بالرياض.
وقالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" هذا الاسبوع ان السلطات السعودية تمارس "قمعا مستمرا"، معلنة اعتقال الكاتبة والناشطة نوف عبد العزيز في السادس من حزيران/يونيو الحالي بعد ان "عبّرت علنا عن تضامنها مع ثلاث من ناشطات حقوق المرأة اللواتي اعتقلن في أيار/مايو".
في 10 حزيران/يونيو، اعتقلت السلطات الناشطة مياء الزهراني، صديقة نوف عبد العزيز، بعد أن نشرت رسالة طلبت منها عبد العزيز أن تكشفها في حال اعتقالها، بحسب المنظمة الحوقية.
ووصف مراقبون كثير بينهم بعض أشد المؤيدين لولي العهد السعودي، اعتقال النشطاء بأنه "خطأ".
لكن آخرين رأوا فيه تحركا محسوبا لاسترضاء رجال الدين في ظل حملة التحديث، ولتوجيه رسالة للنشطاء مفادها ان التغيير لا يحصل تحت الضغط انما بقرار من السلطات.
وقالت "هيومن رايتس ووتش" انه "إذا أقرت السلطات بدور النساء اللواتي ناضلن من أجل رفع الحظر عن القيادة، سيعني ذلك الإقرار بأنه يمكن كسب الإصلاحات من خلال النضال، ومن ثم قد يطالب السعوديون بالمزيد".