ولي العهد السعودي يعتبر مقتل خاشقجي "حادثا بشعا": لن ينجحوا بإحداث شرخ بيننا وبين تركيا

Read this story in English W460

وصف ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مقتل الصحافي جمال خاشقجي بـ"الحادث البشع"، متعهّدا بمعاقبة "كل مجرم ومذنب" بالتعاون مع أنقرة، في أول تصريحات علنية له حول القضية التي أدخلت الرياض في أزمة ووضعتها في مواجهة ضعوط دولية كبرى.

وجاءت تصريحات الامير النافذ في منتدى "مبادرة مستقبل الاستثمار" المنعقد في الرياض بعد اتصال هاتفي أجراه مع الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الذي طالب الرياض أكثر من مرة بالكشف عن الجهات التي أصدرت الأوامر لتنفيذ العملية.

وقال الامير محمد تعليقا على قضية خاشقجي "الحادث (...) مؤلم جدا لجميع السعوديين، خاصة لانني مواطن سعودي، واعتقد انه مؤلم لأي انسان موجود في العالم، وحادث بشع غير مبرر تماما".

وأضاف "اليوم المملكة العربية السعودية تقوم باتخاذ كافة الاجراءات القانونية للتحقيق واستكمال التحقيقات بالعمل مع الحكومة التركية للوصول الى نتائج وتقديم المذنبين للمحاكمة وأخذ العقاب الرادع".

واعتبر ولي العهد أن التعاون بين الحكومة السعودية وتركيا "مميز وأعرف أن الكثير يحاول استغلال هذا الظرف المؤلم لاحداث شرخ بين المملكة العربية السعودية وتركيا واريد ان ارسل لهم رسالة من هذا المنبر: لن يستطيعوا ان يعملوا ذلك".

وتابع "لن يحدث هذا الشرخ وسوف نثبت للعالم ان الحكومتين متعاونتان لمعاقبة أي مجرم وأي مذنب والعدالة في الاخير ستظهر".

وبدا ولي العهد هادئا وهو يتحدث من على المنصة في الجلسة الختامية لليوم الثاني للمنتدى، وإلى جانبه رئيس الحكومة اللبنانية المكلف سعد الحريري وولي عهد البحرين الأمير سلمان بن حمد آل خليفة.

ومازح ولي العهد الحريري قائلا ان رئيس الحكومة "سيبقى ليومين" في السعودية "وأرجو الا تكون هناك شائعات بأنه مختطف"، في إشارة إلى إعلان الحريري استقالته من الحكومة العام الماضي أثناء تواجده في الرياض واتهام مسؤولين لبنانيين للسلطات السعودية باحتجازه.

- اتصال باردوغان -

والاتصال الهاتفي بين الرئيس التركي وولي العهد السعودي الذي تحدثت صحف تركية عن احتمال تورطه في قضية خاشقجي، هو الأول منذ مقتل الصحافي في قنصلية بلاده في اسطنبول في الثاني من تشرين الاول/اكتوبر، وفق مصدر في الرئاسة التركية.

وقال المصدر إن الجانبين بحثا "مسألة الجهود المشتركة والخطوات التي ينبغي اتخاذها بهدف إلقاء الضوء على كل جوانب مقتل جمال خاشقجي".

وبعد 17 يوماً من الإنكار، أكّدت الرياض السبت أنّ خاشقجي قُتل من طريق الخطأ في قنصليتها خلال "شجار" مع عناصر أتوا للتفاوض معه حول عودته الى المملكة، مشدّدة على أن ولي العهد لم يكن على علم بما حصل. وشّككت دول ومنظمات عدة في الرواية السعودية.

وكان خاشقجي يكتب مقالات في صحيفة "واشنطن بوست" الاميركية ينتقد فيها سياسات ولي العهد الذي يتولى مناصب قيادية عدة في المملكة.

وأدخلت القضية المملكة الساعية لجذب الاستثمارات في أزمة دولية، وطغت على أعمال المنتدى الاقتصادي إذ أعلنت شخصيات سياسية واقتصادية وإعلامية عديدة مقاطعته على خلفية القضية.

وتسعى المملكة من خلال استضافة المنتدى الذي أطلق عليه اسم "دافوس في الصحراء" تيمنا بمنتدى دافوس الاقتصادي العالمي، للعام الثاني، إلى استقطاب استثمارات جديدة.

ويبذل المنظمون جهودا كبيرة لإبراز المنتدى على أنه مؤتمر استثماري ناجح، والتأكيد على أن أعماله وأهدافه لم تتأثّر بتداعيات قضية الصحافي.

وقبل ساعات من تصريحات ولي العهد، أفادت صحيفة "صباح" التركية، إحدى أبرز الصحف القريبة من السلطة والتي تنشر "تسريبات" تركية منذ بدء قضية خاشقجي، أن أجهزة الاستخبارات التركية أطلعت مديرة المركزية الاميركية (سي آي ايه) جينا هاسبل على العناصر التي جمعتها في إطار التحقيق في قتل الصحافي خلال زيارتها تركيا الثلاثاء.

وكانت المملكة أعلنت توقيف 18 سعوديا على ذمة القضية، وتعهدّت بمحاسبة "المقصّر كائنا من كان" في مقتل خاشقجي.

- "الاصلاح مستمر" -

وفي هذا السياق، أعلنت واشنطن ليلا بدء العمل على إلغاء تأشيرات 21 سعوديا يشتبه بتورطهم في الجريمة.

وقال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو إن هذه العقوبات التي تشمل عناصر في "أجهزة المخابرات والقصر الملكي ووزارة الخارجية ووزارات سعودية أخرى"، ليست "الكلمة الأخيرة للولايات المتحدة في هذا الملف".

وأشار بومبيو إلى أن الولايات المتحدة تدرس أيضا ما إذا كان عليها اتخاذ إجراءات بموجب قانون "سيرغي ماغنيتسكي"، وهو ما من شأنه أن يفرض عقوبات مالية على الأفراد المتورطين في مقتل خاشقجي.

من جهته، وفي مقابلة مع صحيفة "وول ستريت جورنال"، قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إنه مقتنع بأن العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز لم يعلم مسبقا بعملية القتل.

وردا على سؤال عن احتمال تورط الأمير محمد بن سلمان، قال "الأمير يدير الأمور هناك أكثر من أي شخص آخر في هذه المرحلة. وبالتالي، إذا كان هناك من دور لأي كان (في هذه المسألة)، فسيكون هو".

وكان الرئيس الأميركي قال خلال لقاء مع قادة عسكريين مساء الثلاثاء عن السعوديين المتورطين في القضية "كان لديهم مخطط سيء للغاية أصلا، وتم تنفيذه بطريقة رديئة، وعملية التستر كانت الأسوأ في تاريخ هذا النوع من العمليات".

وأعلنت لندن بدورها الأربعاء سحب أي تأشيرات دخول بريطانية يحملها المشتبه بهم، بينما طالب رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك بتوضيح ملابسات "الاغتيال المثير للصدمة".

ودخلت إيران، الخصم الأكبر للسعودية في الشرق الاوسط، على خط الأزمة الأربعاء، إذ اعتبر الرئيس الايراني حسن روحاني أمام مجلس الوزراء أن "القتل البشع" للصحافي لم يكن ممكنا "بدون دعم الولايات المتحدة"، وفق ما نقل عنه التلفزيون الرسمي الإيراني.

وخلال مشاركته في النسخة الاولى للمنتدى العام الماضي، تعهّد الأمير محمد بن سلمان بالانفتاح والقضاء على التشدّّد في المملكة المحافظة، مطلقا حملة تغييرات اجتماعية شملت السماح للنساء بقيادة السيارات، لكنها ترافقت مع حملات توقيف طالت كتّابا ورجال دين وحقوقيين.

وقال ولي العهد الأربعاء خلال مشاركته في اعمال المنتدى "الإصلاح مستمر (...) ومهما حاولوا كبح جهودنا لن نتوقف"، من دون أن يسمي أي جهة.

ويرى محللون أن قضية خاشقجي أضرّت بصورة ولي العهد كإصلاحي، وتسببت بأزمة علاقات عامة كبرى بالنسبة للسعودية.

التعليقات 0