"فيسبوك" تبلغ مرحلة مفصلية من تاريخها وسط تحديات جمّة
Read this story in Englishفي ظلّ تبدّل عادات المستخدمين والتخمة التي تعانيها شبكات التواصل الاجتماعي والحاجة إلى إنفاق مليارات الدولارات لترتيب الوضع، تجد "فيسبوك" نفسها في مرحلة مفصلية من تاريخها بعد 15 عاما تقريبا على تأسيسها.
كشفت أكبر شبكة تواصل اجتماعي في العالم الثلاثاء عن نتائجها المالية الربعية التي كانت محطّ ترقّب كبير وأتت لتؤكد تباطؤ نموّ المجموعة على الأصعدة كافة، من رقم الأعمال إلى الربحية مرورا بالشعبية. ومن المتوقع أن تستمرّ الحال على هذا المنوال في 2019، بحسب مسؤولين في المجموعة.
وقال مارك زاكربرغ خلال مؤتمر مطوّل عبر الهاتف مع محللين "نواجه كمّا من التحديات والفرص على عدّة جبهات"، مقرّا بأن العام 2018 الذي عانت فيه "فيسبوك" من مشكلات كثيرة (كالجدل بشأن تسريب البيانات الشخصية والتلاعب بالنتائج وعمليات القرصنة) كان "صعبا".
وكان توتّر المستثمرين واضحا بعد الإعلان عن النتائج وراحت أسهم الشركة تتقلّب في البورصة في خلال بضع دقائق على وقع تصريحات زاكربرغ.
- نقلة صعبة -
وأكبر تحدّ تواجهه "فيسبوك"، بحسب زاكربرغ، هو أن الناس يعكفون بشكل متزايد على تبادل الرسائل والصور والتسجيلات المصورة "في سياق خاص" أكثر منه على نشرة "آخر الأخبار" (نيوزفيد) التقليدية في "فيسبوك".
وهم يفضلون تطبيقات الدردشة من قبيل "مسنجر" و"واتساب" المملوكين لـ "فيسبوك" ونسق "القصص" (ستوريز) الذي تُزال فيه المنشورات بعد 24 ساعة من عرضها والرائج خصوصا على "إنستغرام" التي هي أيضا ملك لـ "فيسبوك".
وقال الملياردير الشاب إن "الناس يكونون مرتاحين أكثر ... إن علموا بأن منشوراتهم لن تكون متاحة سوى لعدد قليل من المستخدمين وهي لن تبقى على الانترنت إلى الأبد"، مشبّها هذه النقلة بتلك التي حدثت مع الأجهزة المحمولة قبل بضع سنوات.
وقد اعتمدت "فيسبوك" نموذجا يركز على نسق "القصص" أكثر منه على "آخر الأخبار"، غير أن النقلة كانت أصعب من المتوقع، بحسب زاكربرغ.
فهذا النسق لا يستوعب كمّا كبيرا من الإعلانات كما الحال مع الشريط التقليدي، "ولم نعد نكسب الأرباح عينها"، بحسب زاكربرغ الذي شدد على أن "الأمر يتطلب وقتا" قبل ان تعكس العائدات نجاح هذه الإستراتيجية الجديدة.
وتعدّ مسألة الأمن من التحديات الأخرى التي تواجه "فيسبوك". وقد أنفقت المجموعة مبالغ طائلة (7,9 مليارات دولار خلال الربع الأخير في مقابل 5,2 مليارات قبل سنة) للتصدّي لعملية القرصنة التي طالت 29 مليون حساب في نهاية أيلول/سبتمبر والحدّ من انتشار المحتويات المثيرة للجدل.
وستكون 2019 "سنة جديدة للاستثمارات المهمة"، بحسب ما قال مارك زاكربرغ الذي يزيد من فرص العمل في مجموعته ويستثمر في تقنية الذكاء الاصطناعي التي من شأنها أن تساعد على التحكّم بالمحتويات المنشورة على الشبكة.
وأكد مؤسس "فيسبوك" أن الانتخابات التشريعية المزمع عقدها في السادس من تشرين الثاني/نوفمبر في الولايات المتحدة تشكل "اختبارا فعليا" لتقييم الآلية المعتمدة لصدّ التلاعب بالمستخدمين لأغراض السياسة.
- تخمة -
وتستثمر المجموعة أيضا مبالغ طائلة في إنشاء "مراكز بيانات" لتقنية الواقع المعزز أو الفيديو، وهو مجال تعدّ فيه "متخلّفة جدا جدا عن يوتيوب" التابعة لـ "غوغل"، على حدّ قول مديرها التنفيذي.
ولا تزال "فيسبوك" تسجل نموّا في البلدان النامية، غير أنها قاربت "التخمة" في الدول المتقدمة، بسحب مارك زاكربرغ.
وتنعكس هذه التخمة في النتائج المالية للربع الثالث من 2018. وباتت الشبكة تضمّ 2,27 مليار مستخدم شهري نشط (10 %)، أي أقلّ من توقعات الأسواق.
وبلغ رقم أعمالها 13,727 مليار دولار وهو أتى دون التوقعات، شأنه في ذلك شأن النمو الذي لم يتخط 33 %. وسجّل تباطؤ أيضا في الأرباح الصافية التي بلغت 5,14 مليارات دولار (+9 %).
وتتوقع "فيسبوك" أن تستمر الحال على هذا المنوال في الربع الأخير من العام.
وكانت المجموعة قد تكبّدت انتكاسة شديدة في البورصة إثر الإعلان عن نتائجها الربعية المخيبة للتوقعات في تموز/يوليو مع خسارتها 120 مليار دولار من رأس مالها في خلال جلسة واحدة، في ضربة لم يشهد لها مثيل في وول ستريت.