فرص واعدة أمام النساء في إيران لكن عقبات قديمة لا تزال ماثلة

Read this story in English W460

كانت صبا في الخامسة والعشرين من عمرها عندما تخلت عن عملها كمهندسة تصميم داخلي في نيويورك للعمل على مشروع تحديث دار للفنون في طهران، مسقط رأسها، وفي غضون بضعة أشهر، فازت بثلاثة عقود تحديث معماري أخرى.

بعد سنتين من عودتها، تقول صبا "كنت أحلم ببناء شركتي الخاصة، لكنني لم أتوقع أن يحدث الأمر بهذه السرعة. لو بقيتُ في نيويورك، لما سُنحت لي مثل هذه الفرصة".

وأكدت صبا في حديث مع فرانس برس أن وضع المرأة في إيران تغير كثيرا في السنوات العشر الاخيرة، "فاليوم، تعززت الثقة بمقدرة النساء على تولي مناصب إدارية. بالطبع ما زالت هناك صعوبات، خصوصا في ورش البناء، ولكن هذا صعب في كل مكان، في نيويورك أيضاً".

بعد أربعين عاما من انتصار ثورة 1979 وقيام الجمهورية الإسلامية، باتت مسألة مكانة المرأة في إيران مؤشراً جيداً الى المفارقات التي يعيشها المجتمع الإيراني.

يضع القانون الإيراني المرأة في مرتبة أدنى من الرجل. في كثير من الحالات، يتعين على المرأة الحصول على إذن من الأب أو الأخ لمغادرة البلد. وفي المحكمة، تساوي شهادة الرجل شهادة امرأتين، وكذلك الأمر بالنسبة للميراث حيث تحصل المرأة على نصف حصة أخيها. ويفرض القانون على النساء ارتداء الحجاب في الأماكن العامة.

لكن الجمهورية الإسلامية بذلت أيضا جهوداً كبيرة لتعليم المرأة، وهو عامل من عوامل التحرر.

واليوم، يفوق عدد الطالبات عدد الطلاب في الجامعات الإيرانية، ومن ثم فإن حصول النساء على التعليم العالي يوفر لهن فرصاً جديدة.

- "مادة للإثارة" -

وقالت منى الطالبة في علم اللسانيات في جامعة طهران، "بالنسبة لفتيات مثلنا لم نرغب في أن ينتهي بنا المطاف مثل أمهاتنا في مجتمع تقليدي، كانت الجامعة هي الطريق الذي علينا أن ننتهجه".

وأضافت أنها أخفت عن والدها أنها كانت تستعد لامتحان الدخول إلى الكلية و"عندما قُبلت، لم يتقبل أن أترك البيت للعيش في مدينة أخرى، وظل مدة لا يكلمني".

ورأت سارة وهي طالبة آثار عمرها 26 سنة، أن المجتمع الإيراني لا يزال يتوقع "من المرأة أن تنحجب، وان تتصرف بحياء. بالكاد يمكن تصور أن تكون مستقلة أو تتحلى بشخصية مميزة".

وأضافت أن "علماء الآثار الرجال لا يحبذون العمل مع النساء، حتى وإن كانت لديهن الكفاءة، يقولون إن ذلك ليس من شأنه سوى جلب المتاعب. وما إن تحقق امرأة النجاح، حتى يتم وضع العراقيل في طريقها. ليس لدى كل النساء القدرة والعزم على مواجهة كل هذا".

وتؤكد السلطات أن القانون الذي يفرض ارتداء الحجاب مصمم لحماية النساء. في عام 2018، قارن آية الله علي خامنئي، المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية، بين عفة المسلمات و"العري" في الغرب، بقوله إن المرأة الغربية هي "رمز للاستهلاك" و" مادة للإثارة الجنسية".

- "لا صلة" -

والواقع أن معايير الزي تغيرت إلى حد كبير وبات من الشائع اليوم أن نصادف في ظهران نساء يرتدين بنطال الجينز الضيق وحجاباً ملوناً لا يغطي كل شعرهن.

ونادراً ما نرى اليوم الشرطيين المكلفين الحفاظ على الأخلاق يجولون في الشوارع ويجبرون النساء على تصحيح وضع الحجاب على رؤوسهن أو يقتحمون المقاهي لفصل غير المتزوجين.

لكن تبقى مسألة الاعتراض على ارتداء الحجاب في المناسبات العامة خطاً أحمر. في بداية عام 2018، ألقي القبض على عشرات النساء لتحديهن هذه القاعدة وأودعت المحامية الشهيرة المدافعة عن حقوق الإنسان نسرين ستوده السجن بعدما تولت الدفاع عن بعضهن.

ولكن في ما يتعلق بمراقبة السلوكيات، الوضع اليوم "لا يمت بصلة" لما كان عليه في السنوات التي أعقبت الثورة، وفقا لصحافية تعمل في طهران. وقالت هذه الصحافية مشيرة إلى تلك الفترة "لم يكن بوسعنا حتى أن نركب سيارة مع صديق. كنا نعيش حالة هلع من أن يتم إلقاء القبض علينا" من قبل دورية.

أعيد انتخاب حسن روحاني في عام 2017 ووعد الرئيس المعتدل بتحسين الحقوق المدنية، لكنه تعرض لانتقادات كبيرة لأنه لم يعين وزيرة في حكومته.

وقالت الصحافية فرشْته صادقي "هناك سقف زجاجي، وهذا الأمر مستمر. ما إن تولى منصبه حتى بدا أن روحاني لا يريد خوض مواجهة مع كبار رجال الدين. النساء يحصلن على حقوقهن تدريجياً، ولكن في الوقت الراهن، لا توجد حركة نسائية في إيران".

التعليقات 0