قوات سوريا الديموقراطية تؤكد خروج المزيد من المحاصرين في الباغوز
Read this story in English
أعلنت قوات سوريا الديموقراطية الثلاثاء أن مزيدا من الأشخاص الخارجين من الجيب الأخير لتنظيم الدولة الإسلامية في الباغوز في شرق سوريا، "سلموا أنفسهم"، وذلك بعد ليلة عنيفة من القصف المدفعي والجوي.
ويوحي استخدام عبارة "سلموا أنفسهم" أن بين الخارجين مقاتلين من التنظيم المتطرف، وإن كانت هذه القوات ترفض أن تجزم بذلك قبل إجراء تحقيقاتها مع الخارجين.
واستأنفت هذه الفصائل العربية والكردية المدعومة من واشنطن هجومها على البقعة المحاصرة في الباغوز ليل الأحد، تمهيداً للقضاء على من تبقى من مقاتلي التنظيم. وتستهدف مدفعية قوات سوريا الديموقراطية وطائرات التحالف الدولي بقيادة أميركية منذ ذلك الوقت مواقع التنظيم بكثافة، لا سيما خلال الليل.
في فيلا قيد الإنشاء في الباغوز حولها مقاتلو قوات سوريا الديموقراطية الى مقر لهم، أفاد فريق وكالة فرانس برس الثلاثاء عن سماع رشقات نارية وقصف متقطع، بينما لم تفارق طائرات التحالف الأجواء بعد ليلة تخللها قصف عنيف تسبب بحرائق وشهب أنارت السماء.
وأشار القائد الميداني علي الشير (27 عاماً) إلى أن "اشتباكات عنيفة" وقعت ليلاً وتزامنت مع "استهداف طائرات التحالف لتحركات" مقاتلي التنظيم.
وأوضح أن هدف التقدم "تخويف الدواعش من أجل تسليم أنفسهم، وفي الوقت ذاته خروج المدنيين".
وأكد لوكالة فرانس برس هذا الصباح، "وقف إطلاق النار بشكل كامل"، مشيرا الى أن هناك "أشخاصا يسلمون أنفسهم الآن".
لكنه لم يحدد عددهم، ولا إن كانوا مقاتلين أو من أفراد عائلاتهم.
وبحسب قيادي آخر رفض الكشف عن اسمه، تستهدف قوات سوريا الديموقراطية والتحالف الدولي مواقع التنظيم خلال الليل فقط، قبل أن تتراجع وتيرة القصف خلال النهار.
وأفاد صحافيون في وكالة فرانس برس كانوا على تلة مشرفة على الباغوز تمركز عليها مقاتلون من قوات سوريا الديموقراطية الليلة الماضية، أنه تمّ إطلاق نحو ثلاثين قذيفة دوشكا في اتجاه مواقع التنظيم في الباغوز.
وفي كل مرة كانت القذيفة تنطلق، كان المقاتلون يراقبون مسارها قبل أن يصرخ أحدهم "ممتاز.. أصابت هدفها" لتندلع على إثرها الحرائق.
- "133 وفاة" -
ويقتصر وجود التنظيم في الباغوز حالياً على مخيم عشوائي على الضفاف الشرقية لنهر الفرات محاط بأراض زراعية تمتد حتى الحدود العراقية.
وفي الأسابيع الأخيرة، علّقت هذه القوات مراراً هجومها ضد جيب التنظيم، ما أتاح خروج عشرات الآلاف من الأشخاص، غالبيتهم نساء وأطفال من أفراد عائلات مقاتلي التنظيم.
وبدأت قوات سوريا الديموقراطية منذ أيلول/سبتمبر عملياتها العسكرية ضد منطقة سيطرة الجهاديين في شرق سوريا. وعلى وقع تقدمها العسكري، خرج نحو 59 ألف شخص منذ كانون الأول/ديسمبر من مناطق التنظيم، بينهم أكثر من ستة آلاف مقاتل تم توقيفهم، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وخضع الرجال والنساء والأطفال وغالبيتهم من عائلات مقاتلي التنظيم إلى عمليات تفتيش وتدقيق في هوياتهم بعد خروجهم. وتمّ نقل الرجال المشتبه بأنهم جهاديون إلى مراكز اعتقال، فيما أرسل الأطفال والنساء إلى مخيمات في شمال شرق البلاد أبرزها مخيم الهول الذي يشهد أوضاعاً إنسانية بائسة.
وذكر مكتب تنسيق الشؤون الانسانية التابع للأمم المتحدة في سوريا، في تقرير نشره الثلاثاء، أن عدد الوافدين إلى الهول تباطأ منذ استئناف الهجوم ليل الأحد.
وأورد أن نحو أربعة آلاف شخص وصلوا إلى المخيم منذ الخميس، ما رفع عدد قاطني المخيم إلى اكثر من 66 ألفاً.
ووصل غالبية الوافدين الجدد، وفق الأمم المتحدة، "ببنية جسدية أكثر سوءاً من أولئك الذين وصلوا في الأسابيع السابقة".
وتحدث الخارجون من الباغوز لفرانس برس عن نقص كبير في المواد الغذائية وجوع.
- دعوة إلى "الثبات"-
ومُني التنظيم الذي أعلن في العام 2014 إقامة "الخلافة الإسلامية" على مساحات واسعة سيطر عليها في سوريا والعراق تقدر بمساحة بريطانيا، بخسائر ميدانية كبيرة خلال العامين الأخيرين بعد سنوات أثار فيها الرعب بقوانينه المتشددة واعتداءاته الوحشية.
وفي شريط مصور نشرته حسابات جهادية على تطبيق "تلغرام" ليل الإثنين، دعا التنظيم أنصاره المحاصرين في الباغوز إلى "الثبات"، في مواجهة الحصار والقصف الذي يتعرضون له.
وتضمن الشريط صوراً لخيم وغرف من الطين وشاحنات، تشبه الى حد بعيد الصور التي سبق لوكالة فرانس برس أن عاينتها من نقاط متقدمة على الجبهة قرب الباغوز.
وقال أحد المتحدثين في الشريط "إن قُتلنا وإن أُبدنا عن بكرة أبينا، فهذا نصر (...) والثبات هو أن تبقى على ما يحبه الله".
وأضاف الشاب الذي يبدو في الثلاثينات، وقد جلس قربه طفل ورجلان آخران وضعا كوفية على رأسيهما وهما يتناولان الحساء، "إذا كان عندنا آلاف الكيلومترات ولم يبق إلا بعض الكيلومترات، فيقال خسرنا"، لكن "المقياس عند الله يختلف".
وندد بالحصار "الخانق" الذي فرضه "هؤلاء الكفرة والمرتدون"، مؤكداً أن "النصر قريب.. والحرب سجال ولم تنته المعارك".
ولا يعني حسم المعركة في دير الزور انتهاء خطر التنظيم، في ظل قدرته على تحريك خلايا نائمة في المناطق المحررة واستمرار وجوده في البادية السورية المترامية الأطراف.