الاف التونسيين يحتفلون بالذكرى الاولى للثورة وقرار عفو عن 9 الاف سجين
Read this story in Englishشارك الاف التونسييين رجالا ونساء وأطفالا السبت، في الاحتفالات بالذكرى الاولى للاطاحة بنظام زين العابدين بن علي وتدشين "الربيع العربي"، وذلك خصوصا في شارع الحبيب بورقيبة الرئيسي بالعاصمة التونسية، في وقت أصدر الرئيس التونسي عفوا عن 9000 سجين.
وردد الحشد الكبير في حبور باللهجة التونسية "مالا راحة من بن علي" (كم هو مريح التخلص من بن علي) قبل أن يستعيدوا لحظة خلدها التاريخ هاتفين كما فعلوا قبل عام بصوت واحد الكلمة الشهيرة التي لقيت صدى عربي وعالمي "ارحل" (ديغاج بالفرنسية).
وتقاطر التونسيون منذ الصباح الباكر على وسط العاصمة، وبعضهم قضى ليلته أمام مبنى المسرح البلدي في قلب العاصمة حتى لا يفوت على نفسه الاحتفال بالحدث في الصفوف الامامية.
وفي أجواء مرحة جاب أحد التونسيين مرتديا قناع وجه يجسد صورة بن علي وهو مكبل اليدين ويرتدي لباسا تقليديا سعوديا برفقة زوجته ليلى الطرابلسي، الشارع طولا وعرضا في ما يشبه محاكمة شعبية للمخلوع.
وقال المتشبه ببن علي لوكالة "فرانس برس": "في انتظار جلبه نقيم له اليوم محاكمة ثورية رمزية" وسط هتاف الحاضرين بـ "ضرورة اعدامه".
وتجاهلت الرياض طلب تونس تسليمها بن علي لمحاكمته بتهمة القمع الدموي للثورة على نظامه وايضا في قضايا فساد.
وكانت السلطات التونسية الموقتة قررت في عهد الرئيس المؤقت السابق فؤاد المبزع اعتبار 14 كانون الثاني من كل عام "عيدا للثورة والشباب" تخليدا لليوم الذي أطاح فيه الشعب التونسي بنظام بن علي الذي حكم البلاد بقبضة من حديد طوال 23 عاما.
وقالت نجلاء التي قدمت للاحتفال برفقة افراد عائلتها: "هي المرة الاولى التي نحتفل فيها بالثورة نتيجة الاوضاع الامنية وتسونامي المشاكل التي تتالت".
وكانت وزارة الداخلية التونسية التي شكلت رمز سياسة القمع التي اتسم بها نظام بن علي ونظمت أمامها أكبر الاحتجاجات قبل عام، دعت الخميس الى الاحتفال بهذا الحدث بهدوء وتسامح احتراما "لدماء الشهداء". ونصبت حواجز امام مبنى الوزارة.
ورفع المتظاهرون لافتة كبيرة تتوسطها خريطة تونس محاطة بأسماء شهداء الثورة التونسية، وعلى رأسهم محمد البوعزيزي البائع المتجول الذي أقدم في 17 كانون الاول 2010 على احراق نفسه أمام مقر ولاية سيدي بوزيد (وسط غربي) مهد الثورة التونسية احتجاجا على مصادرة بضاعته واهانته ومنعه من ايصال شكواه الى المسؤولين في المنطقة. وتوفي البوعزيزي في الرابع من كانون الثاني 2011 متأثرا بجروحه.
وأشعلت حركته اليائسة ثورة شعبية لا سابق لها أطاحت بنظام بن علي، واشعلت فتيل الربيع العربي الذي أطاح بأربعة من القادة العرب حتى الان. ولقد منحته صحيفة "تايمز" البريطانية جائزة "رجل العام".
وقتل أكثر من 300 تونسي في الثورة خلال شهري كانون الاول 2010 وكانون الثاني 2011.
وأكد الرئيس التونسي المنصف المرزوقي مساء الجمعة، خلال لقائه أهالي الشهداء في قصر قرطاج في الضاحية الشمالية للعاصمة تونس أن "جرحى وشهداء الثورة لم ينالوا الاعتراف اللائق بهم".
وقرر المرزوقي تسمية ساحة 14 كانون الثاني الواقعة قرب مقر وزارة الداخلية بـ "ساحة الشهداء"، وتشييد نصب تذكاري يحمل أسماءهم ويخلد ذكراهم.
وقال المرزوقي في كلمة ألقاها في الإحتفال الرسمي لذكرى الثورة، أن تونس ماضية على "درب الحرية" والمسار الديمقراطي "بلا رجعة" واقامة "نظام جديد".
واكد المرزوقي، امام حشد من المدعويين في قصر المؤتمرات بالعاصمة التونسية، "سنمضي على درب الحرية وشعارنا اليوم هو بناء نظام جديد يحقق ارادة الشعب و يحترم القانون ويواصل مع المسار الديمقراطي بدون رجعة".
واضاف: "نحتفل اليوم بهذه الذكرى العظيمة وسط شعور بالاسى لكل هذه العقود الضائعة تحت نظام الفساد وما كلفنا للتخلص منها، والنشوة لان الثورة فتحت امامنا الابواب وشكلت فاصلا بين يوم مظلم و اخر مشرق".
وأكد "سنعمل على أن لا تذهب تضحيات الشهداء والجرحى سدى وعلى رد الاعتبار لسلك الامن وحماية الجيش".
ووزع حزب النهضة أكبر الاحزاب في المشهد السياسي التونسي وأهم تشكيلات الائتلاف السياسي الثلاثي الحاكم في تونس، 1500 وردة على خمسة مطارات لتقديمها للسياح الوافدين على تونس في هذا اليوم.
واختارت مجموعة من الطلبة الاحتفال عن طريقتها بالثورة وأنجزوا شبكة كلمات متقاطعة مساحتها 180 مترا مربعا و تتضمن 1850 قطعة من بينها 370 كلمة مستوحاة من الشعارات التي رفعت في مثل هذا اليوم من العام الماضي، شارك في تركيبها الحضور في ممر المترجلين وسط الشارع الرئيسي.
ولم يغفل المتظاهرون عن القضايا العربية بهذه المناسبة، اذ كانت الاعلام الفلسطينة والسورية حاضرة ورفع المتظاهرون شعارات منادية "بتحرير فلسطين" و "برحيل" الرئيس السوري بشار الاسد.
وأعلنت وزارة العدل التونسية السبت بالمناسبة منح حوالي 9000 سجين العفو الخاص والسراح الشرطي.
وقالت الوزارة في بيان، أن العفو تقرر بمناسبة الاحتفال بالذكرى الاولى لثورة الحرية والكرامة "وتحقيقا لمبادئها واهدافها".
ومنح 3868 سجينا عفوا خاصا، في حين شمل السراح الشرطي 4976 سجينا. وطال القراران اطفالا وشبانا تحت العشرين من العمر والبالغين ستين عاما والمرضى الذين يشتكون من مرض عضال او عاهات خطيرة حسب البيان.
وأضاف المصدر ان 122 سجينا صدرت بحقهم احكام بالاعدام تم خفض عقوبتهم الى السجن بقية الحياة.
كما شمل العفو عددا من مواطني الدول "الشقيقة والصديقة" من دون اعطاء مزيد من التفاصيل حول جنسية المفرج عنهم.
ومع الاجواء الاحتفالية التي شارك فيها اطفال لفوا أجسامهم بالعلم التونسي، وعلت فيها منبهات السيارات فرحا، وحضرت فيها الاغاني الملتزمة، شكلت المناسبة أيضا فرصة للاحتجاج والمطلبية.
ورفع متظاهرون أمام المسرح البلدي لافتات كتب عليها "شغل حرية كرامة وطنية"، و"أوفياء لدماء الشهداء"، و"ثورة الاحرار من أجل استكمال مهام الثورة" و"التشغيل استحقاق يا عصابة النفاق".
وقال منصور براهم (50 عاما) :"نحن هنا للتأكيد على ضرورة عدم تفويت الاستحقاقات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي دعت لها ثورة الحرية والكرامة".
ورأى سالم الزيتوني (33 عاما) أن "التونسيين قاموا بالثورة ضد الديكتاتورية من أجل حياة كريمة وليس بدافع مساعدة بعض الانتهازيين لتحقيق اهدافهم السياسية".
ورفعت مجموعة صغيرة بدت من أنصار حزب التحرير علمها الاسود مرددة "تونس اسلامية". كما جاب بعض المتظاهرين شارع بورقيبة مرددين "الشعب التونسي حر، لا اميركا لا قطر".
ويشارك أمير قطر مع عدد من القادة والمسؤولين العرب الاخرين التونسيين احتفالهم الرسمي بالذكرى الاولى للثورة بعد ظهر السبت في العاصمة.
ومن أبرز المدعوين أيضا الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة ورئيس المجلس الوطني الانتقالي في ليبيا مصطفى عبد الجليل.
ويقام الحفل الرسمي بقصر المؤتمرات بالعاصمة احتفالا بالذكرى الاولى للثورة "الكرامة و الحرية"، ومن المقرر أن يتحدث فيه الرئيس المرزوقي ورئيس الحكومة حمادي الجبالي ورئيس المجلس التاسيسي مصطفى بن جعفر.
يشار الى أنه خلال زيارة امير قطر لتونس تم توقيع مذكرات تفاهم بين البلدين في قطاعات تكرير النفط والكهرباء والتعاون المصرفي في دلالة على تنامي اهمية العلاقات بين البلدين.
وكان حزب النهضة الاسلامي أكبر الفائزين في انتخابات المجلس التأسيسي التونسي واجه خصوصا خلال حملته الانتخابية، اتهامات بتلقي تمويل من بلدان الخليج، لكن الحزب نفى ذلك باستمرار.