محللون: سوريا تنزلق الى نزاع مسلح وفوضى قد تصل إلى مصادمات طائفية

تجنح الازمة في سوريا الى النزاع المسلح بين المجموعات المنشقة عن الجيش السوري، وبين النظام الذي يشدد قمعه للاحتجاجات، ما ينذر بان تطغى هذه المواجهة الدموية على مشاهد التظاهرات السلمية، التي كانت سمة الحركة الاحتجاجية في اشهرها الاولى، بحسب ما يرى محللون.

ويقول مدير مركز دراسات الشرق الاوسط في جامعة اوكلاهوما جوشوا لانديس لوكالة فرانس برس "انها بداية نزاع مسلح شامل، نحن نتجه الى فوضى حقيقية".

واتخذ هذا النزاع في بعض الاماكن مثل حمص، شكل النزاع الطائفي في حمص، حيث وقعت مصادمات وعمليات قتل في الاحياء المختلطة بين السنة والعلويين.

وبدأ اسم الجيش السوري الحر يظهر الى الواجهة أخيرا كرأس حربة في التصدي لقوات النظام التي تعمل على قمع التظاهرات الاحتجاجية في البلاد.

وقد شن الجيش الحر المكون من مجموعات وافراد انشقوا عن القوات النظامية، هجمات نوعية وصلت الى مقربة من العاصمة دمشق.

ويرى المحللون ان الازمة السورية لن تسلك مسار الازمة الليبية، وعلى المعارضين للرئيس السوري بشار الاسد ان يجدوا حلا بانفسهم.

ويقول لانديس "بدأت المعارضة تعي انه ينبغي تدمير القوات النظامية من اجل كسب المعركة" مضيفا "لن يأتي احد لنجدة السوريين، لا العرب ولا الغرب.. ولن ينزل الاميركيون بدباباتهم في سوريا كما فعلوا في العراق".

والثلاثاء، تجاهل النظام السوري وحليفته موسكو في جلسة مجلس الامن الدولي الدعوات التي تطالب بوقف "آلة القتل" التي يحركها النظام.

ويقول لانديس "الشعب السوري كان لديه الامل في دفع الاسد الى التنحي عن السلطة من خلال تظاهرات سلمية، وان يتكرر ما جرى في ميدان التحرير" في العاصمة المصرية.

ويضيف "لكنه يعي الان انه لا حل سحريا للازمة".

وانطلقت الاحتجاجات في سوريا في منتصف اذار الماضي وعمل النظام على قمعها بقسوة، الا ان مستوى العنف ارتفع اخيرا الى مستويات قياسية اذ تجاوز عدد القتلى في اليومين الماضيين مئتي قتيل، في ظل حملة هي الاعنف التي يشنها النظام منذ عشرة اشهر.

واذا كان اللجوء الى العنف المسلح للرد على ممارسات النظام يجد اصواتا كثيرة مؤيدة، الا ان البعض يتخوف في المقابل من ان يؤدي ذلك الى انفلات الامور.

وترى الباحثة في الشؤون السورية انييس لوفالوا ان "النزاع المسلح يعطي النظام ذريعة للقيام بمزيد من القمع وللقول ان العنف مصدره المجموعات الاسلامية المسلحة التي تأتي من الخارج".

وقد شهدت سوريا في الايام القليلة الماضية امتدادا لرقعة المعارك لتشمل اضافة الى حمص وادلب وحماة، محافطة دمشق لا سيما في ريفها.

ويقول الخبير في الشأن السوري والاستاذ المحاضر في جامعة ليون 2 فابريس بالانش "ليس مفيدا القتال في جبل الزاوية في ادلب، وحتى في حمص، التحدي الاساس هو دمشق، من يسيطر على دمشق يسيطر على كل سوريا".

وبحسب بالانش فان الاحتجاجات بدأت تتحرك في ضواحي دمشق، وهي مناطق تنتشر فيها احزمة البؤس وسكانها من اصحاب التوجهات الاسلامية المحافظة.

ويتخوف الخبراء من مصادمات طائفية شاملة بين الغالبية السنية والاقلية العلوية التي ينتمي اليها الرئيس الاسد، مشيرين الى "تفجر النقمة الطائفية" بين الطائفتين.

ويرى بالانش ان "النظام يظن ان بامكانه التلويح بالتجربة اللبنانية والتجربة العراقية ليخيف السوريين من نتائج اندلاع حرب طائفية".

لكن هذا الاسلوب قد يرتد سلبا على النظام نفسه في حال انفلات الامور، بحسب لابلانش.

وترى لافالوا ان النظام السوري بات "يستخدم أوراقه الاخيرة لانه محكوم عليه بالسقوط في نهاية المطاف".

وتضيف ان تعليق عمل بعثة المراقبين العرب وتحويل الملف السوري الى مجلس الامن امران "يحشران" النظام السوري، فيما الدعم الروسي له قد لا يستمر الى ما لا نهاية.

ويخلص بالانش الى القول "من الممكن ان ينجح بشار عسكريا، لكنه لن ينجح سياسيا ولا اقتصاديا، وهو في النهاية سيضطر الى الرحيل".