محللون: النظام السوري يربح معركة بابا عمرو وليس الحرب على المعارضة
Read this story in English
يرى محللون ان النظام السوري كسب، بدخوله حي بابا عمرو في حمص، معركة في مواجهة الجيش السوري الحر الذي يفتقر الى السلاح والمعدات الثقيلة، الا ان هذا النصر العسكري لا يغير في المأزق السياسي الذي وصل اليه.
فقد دخلت القوات النظامية الخميس حي بابا عمرو الذي تحول الى رمز من رموز الانتفاضة الشعبية في سوريا، بعد انسحاب عناصر الجيش السوري الحر منه وبعد حصار وقصف استمر قرابة الشهر.
ويرى مدير قسم مصر وسوريا ولبنان في مجموعة الازمات الدولية بيتر هارلينغ ان "ما فعله النظام ليس سوى اثبات ما هو معروف اصلا، من حيث تفوقه العسكري".
ويضيف "لكن انتصارات النظام تكون دائما موقتة"، معتبرا ان المسألة لا تكمن في انتصار عسكري في حي بابا عمرو او غيره، بل في عجز النظام عن حل الازمة التي يواجهها مع "مئات الالاف بل ملايين الاشخاص في سوريا".
على مدى 27 يوما، دافع الجنود المنشقون في بابا عمرو عن الحي، مزودين بأسلحة خفيفة ومتوسطة في مواجهة ترسانة عسكرية ثقيلة، في غياب تدخل عسكري اجنبي على غرار الذي استفاد منه ثوار ليبيا، فقرروا الانسحاب "تكتيكيا" كما يقولون، لحماية ارواح من تبقى من المدنيين.
ويقول شادي حميد من مركز بروكينغز للابحاث في الدوحة "لا شك ان التقدم العسكري الذي حققه النظام يعطيه دفعا، لكنه لم يسحق المعارضة".
ويضيف "المعارضون للنظام لم يعد بامكانهم التوقف بعد كل ما خسروه"، في اشارة الى القمع العنيف للاحتجاجات الذي اسفر عن مقتل اكثر من 7500 شخص بحسب الامم المتحدة.
وتقول الخبيرة في شؤون الشرق الاوسط انييس لوفالوا "يمكن للنظام ان يتحدث عن نصر، لكنه حتما لم يربح في حربه مع المعارضة".
وبحسب لوفالوا، فان النظام لم يكن بوسعه ان يترك بابا عمرو معقلا للمتمردين عليه، نظرا للاهمية الاستراتيجة لمدينة حمص، ثالث مدن سوريا.
وتضيف "لكن ذلك لن يفت في عزيمة المعارضة على مواصلة معركتها مع النظام".
وبحسب مصدر امني في دمشق، فان السيطرة على بابا عمرو كانت امرا "بالغ الاهمية لانها كانت تشكل نقطة تجمع الاسلحة التي تهرب الى سوريا قبل ان يجري توزيعها".
وقال المصدر ان العمليات العسكرية الدائرة الان في البلاد تكتسب "اهمية قصوى بعدما اعلن المجلس الوطني السوري ودول عربية السعي الى تمويل وتسليح الارهابيين"، في اشارة الى عناصر الجيش الحر.
ويرى محللون ان النظام تمكن من تسجيل نقطة في هذه المعركة المصيرية بينه وبين المعارضة، لكن ذلك لن يخرجه من المأزق الواقع فيه.
ويقول هارلينغ "على المستوى السياسي، لا يحرز النظام اي تقدم، انه يحرك ما تبقى له من قواعد شعبية متعهدا بسحق باقي المجتمع السوري، وهذا الامر لم يؤد حتى الان الى أي نتيجة ثابتة".
ويبدو ان النظام السوري، بعد استعراض القوة الذي نفذه في بابا عمرو، سيتجه اكثر فأكثر الى الحل العسكري للازمة، مستفيدا من الدعم الروسي ومتجاهلا دعوات يومية من قادة عرب وغربيين الى وقف حملة القمع، وسلسلة العقوبات التي تفرض عليه.
ويقول شادي حميد "كلما تعاظم شعور النظام بانه سينتصر، امتنع اكثر عن الدخول في مفاوضات".
ويرى هارلينغ ان "النظام ما زال حتى الان مرتاحا جدا، وهو لن يضطر الى تغيير مقاربته للازمة الا في حال تغير ميزان القوى عسكريا، او في حال خروج مبادرة سياسية تكون روسيا جزءا منها وتدعو الى انتقال للسلطة".
وكانت روسيا، الحليف التاريخي للنظام السوري منذ الحقبة السوفياتية، عرقلت مع الصين قرارين في مجلس الامن الدولي ينددان بقمع السلطات السورية، الامر الذي اثار غضب الدول الغربية والمجموعة العربية. ولا تزال روسيا احدى الدول القليلة التي تبيع اسلحة الى دمشق.
ازاء هذا الواقع، اعلن المجلس الوطني السوري تشكيل مكتب عسكري للاشراف على تسليح "المقاومة المسلحة".
ويقول بيتر هارلينغ "المجلس الوطني السوري بات يفهم ان الامور تتغير وان عسكرة (الانتفاضة) خيار ذو مصداقية وهو يريد ان يكون جزءا من هذا الخيار وان تكون له هيكليته الخاصة".
وترى لوفالوا "ان المجلس الذي كان يبدي تحفظا في بدء الامر على عسكرة (الانتفاضة)، بات يفهم الان انه في حال لم يجر ذلك، فانهم سيقتلون واحدا تلو الاخر".
وتبدي لوفالوا تخوفها من "الدخول في مرحلة شديدة الخطورة"، مضيفة "العسكرة تعني الدخول في حرب اهلية قد تدوم اشهرا طويلة".