محمد بدر يسائل "القوة ..." عبر معرض يعكس فيه ثقافة "الألم المقدس"
Read this story in Englishمن تصوير فوتوغرافي جمالي للأزياء بالأسود والأبيض، إلى تصوير سرمدي لظلال تداعب حائطاً، فصور تستحضر عزلة محطة قطار وأخرى تروي ذاكرة عطر.. هذه كلها صور محمد بدر الفوتوغرافية التي تخرج بشاعرية، لتمثل لحظات شفافة ببلاغة عالية.
محمد بدر حكواتي بصري وشاهد عن كثب، أدار عدسة كاميرته ليؤرخ عددا وافرا من القصص. بدر، نقل إلينا بعدسته لحظات غامرة وخاصة كالطقوس "الشيفارترية"، ومراسم الحرق العلنية للموتى.. في وداعهم الأخير. ووثّقت صوره الحياة اليومية للسكان المحليين في مناطق نائية واستثنائية من منطقة أعزاز الواقعة عند الحدود السورية التركية إلى المناطق على طول الطريق إلى جبال الهيمالايا.
وتشهد عدسة محمد بدر مرة أخرى على تقليد محلي في عرضه التفاعلي الفريد من نوعه "القوة ..." الذي يقام في غاليري "أيام" – بيروت من 19 نيسان إلى 18 أيار، 2012.
في المعرض، يُقدم بدر عرضيين تصويريين وعشر صور فوتوغرافية مطبوعة التقطت في عام 2011 خلال مراسم عاشوراء في النبطية، جنوب لبنان. كما تُعرض الأدوات الفعلية التي يستخدمها المشاركون في هذا الطقس.
معرض "القوة .." سيغمر الزائرين بهذه التجربة المتعددة المستويات، حيث ستنقلهم إلى الوقوف جنبا إلى جنب مع ممارسي هذا الطقس وتعيشهم هذه التجربة الخاصة، عبر الصور. وقد رُشِّحت الصور الفوتوغرافية التي يتألف منها معرض "القوة.. " لجائزة بيكتيه (Prix Pictet) في دورة العام 2012. وتعتبر هذه الجائزة من أهم الجوائز للصورة الفوتوغرافية في العالم.
الصور هذه تدعو الزوار إلى التفاعل معها، وتدفعهم إلى طرح أسئلة ومناقشة فحوى هذه التجربة الثقافية وشكل القوة الحاضر والممارس فيها. كما تحثهم أساساً على مساءلة معنى القوة بالمطلق، وكيفية تمثيلها وتأثيرها، سواء كان هذا التأثير ايجابي أم سلبي.
ما قد يعتبره البعض مثيرا للصدمة هو في الواقع، أمر حاضر وطبيعي للبعض الآخر. من هنا، يكمن فن هذه الصور ومغزاها، في كونها لا تهدف أساسا إلى تحقيق صدمة لدى متلقيها، بل تطمح إلى ما هو أكثر عمقاً من هذه الصدمة، إلى تصوير واقع فعلي أحمر وأبيض، يتجسد بوضوح أمام المشاهد.
لن يكون بمقدور المشاهد لهذه الصور الهروب من صور أشخاص يجلدون أنفسهم بقوة، ومشاهد شباب يجرحون رؤوسهم بالشفرات بكامل إرادتهم. وسيكون من الصعب عدم التملي في صور نساء موشحات بالسواد، وأشخاص يذرفون دمعاً سخياً ووجه ملطخ بالدماء ويحدق بنظرات هائمة وبعينين فيروزيتين نحو واقع مختلف. واقع يمارس السلطة ولكنه بنفس الوقت يمنح السلطة. سلطة الإرادة والرغبة في الحياة من خلال حمام دمائهم ونظرات العالم المتحاملة.
ولد محمد بدر عام 1981، مبادر اجتماعي، مصور فوتوغرافي وشاعر، ذو خلفية في التسويق والإدارة، مبتكر مشروع "لكم حمرائكم ولي حمرائي" والذي يعد أول مشروع تصوير فوتوغرافي محترف في لبنان عام 2009، ومبتكر ومنظم مشروع التصوير المعروف "موزاييك: مسابقة الأشرفية العالمية للتصوير الفوتوغرافي"، وهذا المشروع عبارة عن مسابقة لبنان العالمية الأولى والأضخم للتصوير الفوتوغرافي في عام 2010.
في عام 2011، مُنح محمد بدر جائزة "عيش الأشرفية" الفخرية عن مساهمته في المجتمع اللبناني. واختير ليكون ضمن الخمسة الأوائل الفائزين، في مسابقة التصوير الفوتوغرافي للشباب العرب التي أقامتها أيام غاليري عام 2011، من خلال مجموعته "صلاة النور". في عام 2012، ترشحت مجموعته "الشوارع الدامية – تعبير عن القوة" لجائزة بيكتيه (Prix Pictet).
أعمال محمد بدر الفوتوغرافية الفنية المتنوعة سواء تلك التي تسرد القصص، أو أعمال التوثيق التصويري، والشعر البصري يتم تمثيلها من خلال غاليري أيام.