محللون: الجيش المصري يناور ليبقى سيد اللعبة السياسية
Read this story in Englishراى محللون ان الجيش المصري منح نفسه من خلال "انقلاب دستوري" نفذه عشية الدور الثاني الحاسم من الانتخابات الرئاسية، الوسائل الكفيلة بتمكينه من ان يظل لاعبا رئيسيا في السلطة وان يتصدى لخصومه الاسلاميين.
ويعد قرار المحكمة الدستورية الخميس بحل مجلس الشعب استنادا الى عدم دستورية بعض مواد قانون الانتخابات الذي انتخب على اساسه، ضربة قوية للاسلاميين وخصوصا جماعة الاخوان المسلمين التي كانت تسيطر وحدها على اكثر من 40% من مقاعده وتهيمن على ما يقرب من 70% من قوته التصويتية من خلال تحالفها مع الاحزاب السلفية التي دخلت الحياة السياسية المصرية بعد ثورة 25 كانون الثاني التي اطاحت الرئيس السابق حسني مبارك.
وابقت المحكمة كذلك احمد شفيق اخر رئيس وزراء في عهد مبارك والذي يعد مقربا من المجلس العسكري في السباق الرئاسي، اذ قضت بعدم دستورية قانون العزل السياسي الذي وضعه مجلس الشعب في نيسان الماضي وكان يوجب حرمان رموز نظام مبارك من ممارسة حقوقهم السياسية للسنوات العشر المقبلة.
ويقول الكاتب والمعلق السياسي المصري عبد الله السناوي ان "هذه الاحكام تعني اننا امام انقلاب دستوري" يعزز موقع الجيش في الحياة السياسية.
ويضيف "اذا خسر مرشح جماعة الاخوان محمد مرسي في انتخابات الرئاسة فان الضربة الموجهة لهم ستكون مضاعفة" لانهم سيفقدون هيمنتهم على البرلمان.
واذا ما انتخب شفيق فان المجلس العسكري سيسلمه السلطة التنفيذية كما وعد من دون تردد.
في المقابل فان مرسي "سيواجه مشاكل اكبر بكثير" في تسلم مفاتيج السلطة، بحسب السناوي.
ويقول بعض الخبراء ان العسكريين، الذين يتولون السلطة منذ شباط 2011، كان لديهم متسع من الوقت لترتيب اوراقهم واعداد استراتيجيتهم حتى لو اضطروا لاخفائها خلف احكام قضائية مثيرة للجدل.
ويعتقد الخبير في شؤون العالم الاسلامي في جامعة تولوز (فرنسا) ماثيو غيدار ان "الاطار القانوني العام في كل هذه المسألة لا يستقيم" حتى لو لم يحدث "انقلاب".
ويضيف "ان المؤسسة العسكرية اعدت استراتيجية سياسية تم رسمها بجدية وبروية للابقاء على كل الخيارات مفتوحة ايا كانت نتيجة الانتخابات الرئاسية".
ويرى ان حل البرلمان "يترك الباب مفتوحا لاعادة التوازنات في البرلمان لصالح شفيق وعودة النظام الرئاسي" الذي يفضله العسكريون طالما ان على رأس الدولة من يحظى بثقتهم.
ويؤكد خليل العناني المتخصص في شؤون الشرق الاوسط في جامعة دورهام البريطانية ان "ما يحدث الان جزء من خطة شاملة للمرحلة الانتقالية وضعها العسكريون الذين يحاولون منذ ما يقرب عام ونصف العام امتصاص صدمة الثورة".
وتابع "بدأوا بالشباب والان يهاجمون الاخوان المسلمين".
وقبل اربع وعشرين ساعة من قرارات المحكمة الدستورية، اعلن وزير العدل المصري عادل عبد الحميد منح رجال المخابرات العسكرية والشرطة العسكرية حق الضبطية القضائية للمدنيين وهو اجراء يمكن الجيش من التدخل السريع للسيطرة على اي اضطرابات محتملة.
وحتى الان جاء كل رؤساء مصر منذ اطاحة الملكية عام 1952 من الجيش: محمد نجيب وجمال عبد الناصر وانور السادات وحسني مبارك. واذا ما فاز شفيق فسيكون الخامس الذي يأتي من بين العسكريين اذ كان قائدا لسلاح الجو المصري.
وتسيطر على الجيش ثقافة الحفاظ على السرية وهو يدير امبراطورية اقتصادية محاطة كذلك بستار من الغموض وقد فضل على الدوام البقاء مؤثرا في الظل خلف الرئيس على الظهور العلني في الحياة السياسية.
وتبقى جماعة الاخوان المسلمين، اكثر القوى السياسية المصرية تنظيما، خصم الجيش الرئيسي وكانت عانت من القمع طويلا ولكنها نجحت احيانا في التحاور مع العسكريين.
ويقول انطوان بصبوص، مدير مرصد الدول العربية في باريس "اننا نشاهد اعادة مستترة" للنظام العسكري-السياسي المصري.
ويضيف "الجيش المصري ليس مستعدا لترك السلطة ليقوم الاخوان بالقاء الجنرالات في السجون واعادة العسكريين الى ثكناتهم كما حدث في تركيا".