رحمة السماء تنهي كابوس الحرائق بعد عجز أهل الارض
Read this story in Englishأمطرت فجراً فأخمدت الحرائق، إذن وبعد طول انتظار وصلت الامطار الى لبنان وأخمدت عشرات الحرائق بعد العجز الكلي عن السيطرة على نيران المشتعلة في غير منطقة لبنانية، وهكذا خلف الدخان المشهد الاسود والواقع المأساوي وتظهر عن كارثة طبيعية حولت كل ما هو أخضر الى رماد.
واشتعل لبنان أمس الاحد من شماله إلى جنوبه، ومن شرقه إلى غربه، بفعل 120 حريقاً واصلت التهام ما تبقى من أخضره، وسط إمكانيات متواضعة على صعيد التجهيزات، ما دفع عناصر الدفاع المدني والجيش اللبناني و"فوج إطفاء بيروت"، وقوى الأمن الداخلي، الى التعويض عنها بالبسالة الفردية، في محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
ومن بين 120 حريقاً بقي الحريق المندلع في أحراج فتري ومعيان في قضاء جبيل، هو الأكبر، تضاف اليه الحرائق التي اشتعلت في مثلث بعبدا - وادي شحرور - بطشاي، وفي أحراج وادي الست في قضاء بعبدا، ووادي عين الخربة – إقليم الخروب، وفي أحراج الضنية، وخراج بلدتي حلبا والشيخ طابا، وفي الشهابية ودبعال والمحمودية، وفي بلدة الظهيرة الحدودية في قضاء صور.
كما شبت حرائق جنوبا في خراج بلدة بكاسين - قضاء جزين، ميفدون، تول، النبطية، الصرفند، البياض، وبستات. وشمالا في الحويش، والقبيات.
والواقع ان كارثة "المحرقة" الجوالة اخترقت بقوة واقع الدولة المعطلة تحت وطأة الازمة السياسية، فأعلن أركانها ما يشبه حال الطوارئ البيئية، ولو من دون مجلس وزراء يجتمع او تنسيق مباشر بين المعنيين.
وقد أحصى وزير الداخلية زياد بارود 120 حريقا شبت امس الاحد منها أربعة حرائق كبيرة، استعصى اخمادها على الطوافات.
وأوضح بارود لصحيفة "النهار" ان المشكلة تتفاقم مع حلول الليل اذ لا طوافات يمكنها العمل ليلا ولا طرق لتصل آليات الدفاع المدني. وقال عن كارثة فتري ان الطبيعة الوعرة والمسافة الحرجية الكبيرة مع غياب هطول الامطار جعلت الحرائق تشب وتتمدد. وأضاف: "نحن نعمل باللحم الحي... وأنا موعود بالمساعدات منذ سنتين ونصف سنة انما لم يحصل شيء. والطوافات الثلاث ليست قادرة على اخماد هذا العدد من الحرائق".
وقبل عودته المرتقبة اليوم الى بيروت بعد زيارته الرسمية الاحد لسلطنة عمان، دعا رئيس الحكومة سعد الحريري الى اجتماع طارئ بعد ظهر اليوم في السرايا يضم الوزارات والادارات المعنية بمكافحة الحرائق ووضع آلية طوارئ للسيطرة عليها قبل تفاقمها.
وكان هذا الموضوع قد شغل الحريري خلال زيارته لمسقط، فأجرى سلسلة اتصالات من أبرزها مع العاهل الاردني الملك عبدالله الثاني بن الحسين طالبا دعم الاردن لجهود لبنان في مكافحة الحرائق، كما اتصل للغاية نفسها بوزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو، وتلقى وعدا من الجانبين بارسال طوافات اليوم للمساهمة في اخماد النيران. كما أجرى سلسلة اتصالات مع الوزير بارود للاطلاع منه على سير مكافحة الحرائق وأطلعه على الاتصالات التي أجراهاا لطلب المساعدة الخارجية.
وأفاد الديوان الملكي الاردني مساء ان الملك عبدالله الثاني أمر بارسال ما يلزم من معدات لمساعدة لبنان على اخماد الحرائق، وذلك بعد تلقيه اتصالا هاتفيا من الرئيس الحريري اشار فيه الى "حاجة لبنان للمساعدة في اخماد هذه الحرائق". وأوضح ان "هذه المعدات ستصل الى لبنان مساء الاحد للبدء بالمساهمة في جهود الاطفاء".
وأعربت الاوساط المعنية بجهود مكافحة الحرائق لـ"النهار" عن مخاوفها من اتساع نطاق الكارثة اذا لم تتساقط الامطار فجر اليوم كما توقعت مصلحة الارصاد الجوية. وقالت ان هناك الكثير من الحرائق، كحريق فتري وحريق وادي شحرور وحرائق مماثلة في عكار والجنوب، ظلت نيرانها ملتهبة حتى ساعة متقدمة ليلا، منذرة بالتمدد نحو مناطق مأهولة وسط عجز عن حصرها واخمادها.
وأشارت الى ان بعض هذه المناطق كفتري شهدت نزوحا لعدد من أهاليها بعدما تسببت الحرائق بحالات اغماء كثيرة وأضرار مباشرة من جراء الدخان والروائح. أما عن احصاء الاضرار البيئية، فقالت ان الامر يبدو صعبا جدا قبل اخماد الحرائق والقيام بمسح شامل، وهو ما ينتظر الشروع فيه بعد اجتماع السرايا اليوم برئاسة الرئيس الحريري.
وقد تفقد رئيس الجمهورية ميشال سليمان بدوره منطقة فتري ظهر الاحد واطلع على حجم الحرائق، مبديا أسفه "لأن التجاذبات السياسية تؤخر كل الانجازات التي يجب ان نقوم بها". وقال: "نرى الحريق وصل الى بيوت الناس الذين لا دخل لهم بالسياسة لذلك يجب ان نعرف أن لبنان يفقد لونه الاخضر ويجب ان ننكب على درس خطط حقيقية لا ارتجالية لاطفاء الحرائق".