بييتون: من مصلحة لبنان أن يتجنب استيراد نزاعات الآخرين على أرضه
Read this story in Englishاعتبر السفير الفرنسي في لبنان دوني بييتون أن "من مصلحة لبنان أن يتجنب استيراد نزاعات الآخرين على أرضه"، ناقلاً بذلك قلق فرنسا من انعكاسات الأزمة السورية على لبنان.
وأوضح أنه "من المشروع أن نحمل بعض القلق، فلا يمكن أن تدور حوادث دراماتيكية في بلد مجاور للبنان وتربطه به علاقات ثقافية وإنسانية واقتصادية بلا وجود مخاطر لتبعات تنعكس على لبنان".
ورأى بييتون أن "من مصلحة لبنان أن يتجنب استيراد نزاعات الآخرين على أرضه وبالتالي من المهم جداً بالنسبة الى مجمل الطبقة السياسية اللبنانية أن تبدي نزعة الى الاعتدال وألا يكون هنالك تحريض على الكراهية والجميع مدعوون الى إشاعة مناخ من التفاهم والإلفة والعيش المشترك".
جاء هذا في حديثه الى صحيفة "السفير"، حيث أشار بييتون أنه لم يسمع "بعد بطريقة واضحة كما تقولين من أن لبنان لا ينوي تطبيق العقوبات التي أقرتها جامعة الدول العربية بحق سوريا".
وفي ما خصّ المصارف اللبنانية، قال "ليس لدي أي قلق محدد في هذا الشأن، فأنا أعرف بأن المصارف اللبنانية العاملة في سوريا مدركة للوضع ولديها اتصال دائم مع مصرف لبنان وهي تريد أن تتجنب أي حادث ممكن أن يعنيها أو يؤثر عليها في سوريا، أعتقد أن المصارف تملك مقاربة واعية واقعية وحذرة في ما يتعلق بهذا الملف".
وعن الأزمة في سوريا، وصف بييتون الوضع بالـ"كارثي بحق وهو يزداد سوءاً يوماً بعد يوم"، وقال "نحن قلقون إزاء استمرار الحائط المسدود الخطر بالنسبة الى سوريا وإلى المنطقة برمتها".
وأعلن في حديثه الى "السفير" أن فرنسا "تدعم جهود جامعة الدول العربية ومشروعها بإرسال مراقبين إنسانيين الى سوريا، وتأمل أن يتم التوصل قريباً الى اتفاق لإرسال مراقبين غير منحازين يتمتعون بحرية الحركة على الساحة السورية".
وعن قيام فرنسا بتدريب عناصر من "الجيش السوري الحر" في تركيا وشمال لبنان، جدد بييتون نفي فرنسا الأمر، قائلاً، "لا وجود البتة لأي شيء من هذا القبيل، بل على العكس نحن نتمنى أن تستمر المعارضة في التظاهر السلمي".
وشدد أنه "منذ البداية قلنا بأن استدعاء باريس للسيد شوفالييه (السفير الفرنسي) مؤقت، وقد عاد الى سوريا منذ 3 أيام، إن وجود سفير فرنسا في سوريا يعبّر عن اهتمامنا بمصير الشعب السوري ولا سيّما المعارضة. ومن المهم أن نتواجد على الأرض لكي نراقب ونجري اتصالات مع الشخصيات السياسية السورية كافة".
وقال لا يستطيع "الاخوان المسلمون" أن يحكموا فقط على أساس نتيجة الانتخابات بل عليهم أن يشكلوا ائتلافات والتفاوض مع الغير وهو عبارة عن ممارسة ديموقراطية".
وتابع بييتون "هنالك قلق دائم في ما يتعلّق بالمجهول، وفي سوريا نولي أهمية للاتصالات مع المجلس الوطني السوري والرسالة التي نوصلها إليه على الدوام هي أنه يجب أن يتم تمثيل كافة أطياف الشعب السوري تمثيلاً صحيحاً وكاملاً".
ولدى سؤال "السفير" عن السبب في عدم "أخذ وجهة نظر روسيا في الشأن السوري في الحسبان" أجاب بييتون "نحن أسفنا لأن روسيا لم تدعم مشروع القرار الذي طرح بخصوص سوريا في مجلس الأمن الدولي، وقال أنه "كان ينبغي على روسيا أن تلعب دورها شأنها شأن الدول الأخرى كالصين مثلاً في مجلس الأمن الدولي من أجل إدانة ممارسات النظام السوري غير المقبولة في ما يعني حقوق الإنسان من دون أن يعني ذلك أي تدويل للأزمة ونحن لدينا أمل في أن تتمكن روسيا من لعب دور إيجابي مستقبلاً".
وخلال الحوار مع الصحيفة، عبر بييتون عن "قلق فرنسا بعد الاعتداءات على قوات "اليونيفيل" على الكتيبتين الإيطالية والفرنسية وقد أشار رئيس الجمهورية نيكولا ساركوزي الى هذا الموضوع بتأثر كبير وبعبارات شديدة في الرسالتين اللتين وجههما الى الرئيسين (الجمهورية) ميشال سليمان و(الحكومة) نجيب ميقاتي في شهر آب الفائت"، مضيفاً "نحن نعلم كذلك بأن السلطات اللبنانية تقوم بجهد كبير من أجل تعزيز أمن قوات "اليونيفيل" خارج منطقة عملياتها.
وفرنسا منخرطة في قوات "اليونيفيل" منذ نشأتها في العام 1978، وزاد التزامها بعد حرب تموز 2006، وهي أحد البلدان التي لديها أكبر مشاركة عددياً في "اليونيفيل" الى جانب إسبانيا وإيطاليا.
وحول وضع المسيحيين في لبنان أشار بييتون الى أنه أصغى "الى الرسالة التي وجهها غبطة البطريرك الماروني بشارة الراعي". وتابع "نحن نفهم هواجس المسيحيين بالنسبة الى التطورات الجارية في المنطقة"،
نافياً أن يكون الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي قد اقترح على الراعي أن يأتي المسيحيون الى فرنسا.
وذكّر بييتون أن "المسيحيين هم جزء من هذه المنطقة ووجودهم قديم فيها ومستقبلهم يكمن فيها، من هنا ضرورة إيجاد طريقة في كافة عمليات انتقال السلطة لاحترام التعددية والتنوع، نفهم وجود أسئلة كثيرة بما يتعلق بالمنطقة لكن ليست لدينا إجابات عليها كلها".
وقال "أن لبنان على الرغم كل الصعاب يبقى مثالاً يحتذى وليس من الأمر السهل أن يتمّ عيش الديموقراطية اللبنانية كل يوم، ولكننا نلاحظ أنه في سياق الثورات العربية الحالي، يبقى العيش المشترك في لبنان واحترام واعتراف الطوائف ببعضها كافة ولديها أيضاً مكانتها في المؤسسات وهذا بالنسبة إلينا كنز ثمين جدا حتى ولو كان النظام اللبناني لا يعمل دوماً كما يجب لكن أي نظام في العالم يعمل على الدوام كما يجب؟".