مشاورات "جدية" بين ميقاتي و"الكتائب" لاختبار النيات

Read this story in English W460

بدأ حوار "جدي"، في إطار المشاورات والاتصالات الجارية لتأليف الحكومة الجديدة، بين رئيس الوزراء المكلف نجيب ميقاتي والفريقين المسيحيين الاساسيين في قوى 14 آذار حزب الكتائب وحزب "القوات اللبنانية" في شأن آفاق الوضع الحكومي والسياسي العام، مما يخدم اكتشاف موقف الفريق الآخر ونياته.

وفي هذا السياق، كشفت مصادر مطلعة لصحيفة "النهار" أن "ميقاتي يجري اتصالات تبقى طي الكتمان في محاولة لاقناع قيادات في قوى الرابع عشر من آذار بأن تتمثل في حكومته التي يحضّر لها في ظروف لم تشهدها البلاد من قبل، حتى في ظل المواجهات العسكرية الخطيرة التي كانت تقع بين الاطراف المتحاربين".

وأكدت مصادر بارزة في حزب الكتائب لـ"النهار" جدية هذا الحوار الذي بدأ بالاتصالات التي أجريت بين ميقاتي والرئيس أمين الجميل أولا ومن ثم في زيارة الجميل السريعة مساء الاحد لميقاتي قبل انعقاد لقاء لقيادات 14 آذار في بيت الوسط ليلا، وبعدهما في اللقاء العلني لميقاتي والجميل أمس الاثنين في فردان والذي تلا على أثره رئيس الكتائب بيانا مكتوبا دلل فيه على جدية مسعاه.

وإذ علم ان رئيس الهيئة التنفيذية لحزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع التقى بدوره ميقاتي مساء الاثنين، كشفت المصادر الكتائبية البارزة ان اتفاقا حصل بين الرئيس سعد الحريري وكل من الجميل وجعجع على المضي في هذا الحوار ضمن الثوابت التي تجمع عليها قوى 14 آذار والتي أبلغتها الى رئيس الوزراء المكلف في الاستشارات النيابية التي أجراها لتأليف الحكومة.

وإذ فهم ان التفاوض لا يزال في بدايته، فان أوساط الرئيس ميقاتي تتوقع ان يؤدي فتح باب الحوار والتفاوض مع قوى 14 آذار ممثلة بالكتائب و"القوات" الى تأخير ولادة الحكومة، خصوصا ان لقاءيه والجميل لم يدخلا بعد في التفاصيل ولا في الحصص بل تناولا عناوين من شأنها ترميم الثقة بين الفريقين على طريق التفاهم وترجمته بالتعاون داخل الحكومة إن على صعيد حجم المشاركة، أم على صعيد بت المواضيع الاساسية وإدراجها في البيان الوزاري اذا قيض لهذا المسعى أن ينجح.

وقال الوزير الكتائبي سليم الصايغ لـ"النهار" انه "لا يمكن تحديد موقف الحزب من المشاركة في الحكومة بابيض أو أسود، ويجب ن نعطي حلفاءنا فرصة الحفاظ على الحلف وعلى الثوابت وضرورة ان يطمئن حلفاؤنا الى ادائنا، وللرئيس امين الجميل طول باع في مسائل كهذه وهو في النتيجة لن يفرط في قضية استشهد من اجلها ابنه ورفيقه ولا يمكنه الذهاب الى تسويات أقل من تاريخية".

وتساءل: "هل هذه الحكومة قادرة على تسوية تاريخية؟ لا. ولكن اذا اتفقنا على قواسم مشتركة قد تكون قادرة على مواكبة التطورات وتشكيل مظلة سياسية لكل الاطراف".

واوضح ان الرئيس ميقاتي يعيد مقاربته للحكومة وقد طرح عليه الجميل مقترحات وافكاراً "ويمكن القول ان امكان المشاركة جدي. فنحن جديون والمطلوب ملاقاتنا في منتصف الطريق بالنسبة الى الثوابت التي نتمسك بها في موضوع المحكمة الدولية ومعالجة السلاح وملف المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية".

وأفادت صحيفة "السفير" ان الجميل وعد ميقاتي بجواب قريب، إلا ان اوساطه تكتمت عما انتهى اليه النقاش بينه وبين قادة "14 آذار" ولا سيما مع الرئيس سعد الحريري.

واكتفت مصادر كتائبية واسعة الاطلاع بالقول لــ"السفير" إن نقاشاً جدياً جرى على مستويات قيادية في حزب الكتائب خلال الساعات القليلة حول جدوى المشاركة وعدمها، وبرز رأي يفيد بأن الثمن السياسي الذي قد تدفعه الكتائب من خلال مشاركتها اقل بكثير من الثمن الذي قد تدفعه إن كانت خارج الحكومة.

وقالت مصادر كتائبية لصحيفة "الحياة" ان "لدى معظم الأطراف في قوى 14 آذار رغبة في قبول مبدأ التفاوض على المشاركة بدلاً من المقاطعة المطلقة"، وأكدت ان قرار المشاركة يتخذ في ضوء ما ستسفر عنه المفاوضات "لأن ما يهمنا التوجه الى الرأي العام بموقف يبرر عدم مشاركتنا في حال تبين لنا ان الرئيس المكلف يريد إشراكنا من موقع تبقى فيه المشاركة رمزية في الحكومة وبلا أي فاعلية أو تأثير".

وأوضحت المصادر الكتائبية ان الحزب انطلق في دعوته الى التفاوض من المذكرة التي تقدمت بها كتلة "المستقبل"» من ميقاتي، خصوصاً إذا قرر تبني ما فيها من بنود.

وأضافت ان تبني ميقاتي ما هو وارد في المذكرة "لا يكفي ما لم تكن مقرونة بآلية سياسية تبدأ بحرصه على الميثاقية في تأليف الحكومة من جهة، وبتوفير الضمانات لقوى 14 آذار بعدم تفرد الأكثرية الجديدة في اتخاذ القرار، وهذا لا يتحقق إلا بمشاركة تتيح لها الاعتراض، وبالتالي تعطيل إصدار اي موقف لا توافق عليه".

واعتبرت المصادر ان الموقف من المحكمة الدولية الخاصة بلبنان يشكل حجر الأساس لأي موقف تتخذه قوى 14 آذار، وقالت ان الحريري في صورة الاتصالات الجارية بين ميقاتي والجميل، مشيرة الى ان الاتجاه الغالب لدى الكتائب المشاركة معاً أو البقاء معاً خارج الحكومة على رغم ان هناك في الحزب من يفضّل المشاركة في الحكومة.

ورأت ان التفاوض ضروري "لاكتشاف موقف الفريق الآخر ونياته، لقطع الطريق على لجوئه لاستغلال موقفنا الرافض مبدأ المشاركة".

الى ذلك، استرعى الانتباه ان المكتب السياسي لحزب الكتائب لم يصدر عقب اجتماعه مساء الاثنين بيانا كالمعتاد، اذ علم ان اجتماعه استمر أكثر من ساعتين ونصف ساعة وتخلله نقاش مسهب للمسعى الذي يتولاه الجميل ودوافعه وظروفه.

وقد اتسم النقاش، بحسب صحيفة "النهار"، بالصراحة من حيث طرح كل الاحتمالات التي يتعين على قوى 14 آذار مواجهتها انطلاقا من التطورات التي حصلت أخيرا وطريقة الحفاظ على الثوابت في أي موقع تكون فيه الكتائب مع حلفائها في 14 آذار\

وشدد المجتمعون على الاقتناع بعدم التصرف بأحادية وتفرد في مقابل ضرورة وضع رئيس الوزراء المكلف أمام مسؤولياته لجهة هذه الثوابت وواجبه في أن يؤمن للفريق الذي كان ينتمي اليه قبل تسميته الصوت الفعال والمؤثر في الحكومة بمعزل عن الحديث عن ثلث معطل أو ما شابهه.

كما تناول النقاش الضمانات التي يجب ان تعطى في عملية تأليف الحكومة وآلية اتخاذ القرارات وبنود البيان الوزاري من أجل تكبير القواسم المشتركة بين فريقي 14 آذار و8 آذار وسائر مكونات الحكومة اذا كان يراد للرئيس المكلف ان يخطو فعلاً نحو عملية انقاذ وطنية.

ولفت المجتمعون الى ان 14 آذار لا تزال تملك في الحكومة كتلة كبيرة جدا من 60 نائبا مما يبقي الباب مفتوحاً امام لعبة سياسية يمكن معها ايجاد تكتلات ظرفية وفقاً للملفات المطروحة، وهذا كله يشجع على درس مسألة المشاركة في الحكومة أو عدمها بجدية وعناية وليس من باب المناورة.

التعليقات 0