قهوجي ينبّه من خطر التلاعب بالامن: لا يراهننَّ أحد على انقسام الجيش
Read this story in Englishيجد قائد الجيش جان قهوجي نفسه معنياً بجانب واحد فقط من الجدل الدائر بين قوى 8 و14 آذار، حيال المحكمة الدولية في اغتيال الرئيس رفيق الحريري وحيال القرار الظني المتوقع صدوره عنها، وهو موضوعي المحكمة والقرار الظني، والأمن الذي يقتضي أن يكون في منأى عن تداعياتهما.
وذكرت صحيفة "الاخبار" ان قهوجي يحاذر من الخوض في موضوع المحكمة الدولية والقرار الظني والمشاكل التي يمكن ان يثيراها.
ويرى قهوجي انه غير معني بهما سياسياً وقضائياً ولا يدخلان في نطاق مهمة الجيش.
وكان قد أرسل إلى سياسيين رسائل تنبّه إلى "خطر التلاعب بالأمن" وسمع من زواره، كالسفيرة الأميركية مورا كونيللي وممثل الأمين العام للأمم المتحدة مايكل وليامز وسفراء أجانب آخرين، وكذلك من رئيس المحكمة الدولية القاضي أنطونيو كاسيزي عندما زار لبنان، أسئلة احتملت مخاوف من تأثير الصراع الداخلي على المحكمة الدولية والقرار الظني على الوضع الأمني في البلاد، في ظلّ الانقسام الحاد وانحسار فرص تسوية وشيكة.
وذكرت "الاخبار" ان قهوجي كان يوضح لزواره انه يخشى من أن يؤدي اتهام أعضاء في حزب الله باغتيال الرئيس رفيق الحريري إلى مشكلة، لأن اتهاماً كهذا سيجد مَن يحمّله بعداً مذهبياً لافتعال نزاع داخلي.
ويؤكّد لهم: ان الجيش سيقوم بواجباته كاملة وسيمنع الفتنة بالقوة, الجيش يتحمّل مسؤولية الأمن والاستقرار، وسيتخذ الإجراءات الكفيلة بضمانهما وسلامة المواطنين.
واوردت الصحيفة ان قهوجي حدّد دور الجيش في خضم التشنّج القائم تبعاً للمواقف الآتية ومنها ان الصراع الناشب في لبنان بين قوى 8 و14 آذار هو "انعكاس صراع مشابه في المنطقة، أخذ اتساعاً أبعد مدى، إلا أن لبنان لم يتمكن من النأي بنفسه عنه. وتبعاً لذلك يدور النزاع الداخلي على صورة النزاع الإقليمي بأبعاده السياسية والمذهبية".
وكذلك تحدّث عن أن الأمن سياسي، وان المناخات السياسية المتشنّجة "تجعل الأمن أكثر حساسية، وتضع صعوبات في طريق ضمان الجيش أمن المواطنين"، مشيراً الى انه يراقب الحركة السياسية، ويلاحظ أن تأزمها يضع الجيش دائماً في موقع دقيق، ممّا يحمله على حضّ هؤلاء السياسيين على إبعاد خلافاتهم السياسية عن عناصر الاطمئنان والاستقرار. في ظلّ اضطراب سياسي متأثر بمناخات مذهبية "يصبح دور الجيش أكثر صعوبة، إلا أن ذلك لا يثنيه عن القيام بدوره كاملاً".
يضيف: "حيث يقع خلل أمني، الجيش جاهز لمواجهته وسدّ الثغرة فوراً".
يؤكّد قهوجي انه قلق، ولكنه ليس خائفاً. كما يتلقى يومياً التقارير الأمنية من المناطق ويدرسها بعناية إلا أن مراقبة الوضع الأمني تستنفد وقتاً طويلاً من جهد القيادة بغية ألا تفاجئها الأحداث.
ويوضح أنه مطمئن إلى قدرات الجيش وهي تواكب حال الاستنفار التي يسبّبها التشنّج السياسي. "لدينا في بيروت 4000 عسكري إلى قوى احتياط للتدخّل عند الحاجة، عند أي أعمال شغب أو فوضى. في طرابلس هناك فوج كامل للجيش، إلى قطع من اللواء العاشر، وفوج مغاوير متمركز في عمشيت جاهز للتدخّل عند أي اضطراب أمني".
ويؤكّد قهوجي ان هناك سلاح بين ايدي المواطنين وفي بيوتهم ويقول ان: "هناك سلاح في كل بيت تقريباً، وهذه مشكلة مزمنة، لكن ذلك لا يعني على الإطلاق أن الوضع سائب، ولن نسمح بتسيّبه.
واوضح قهوجي انهم حتى الآن لم يرصدوا سلاحاً ثقيلاً عند أحد ويقصد بذلك المدافع والدبابات والهواوين بالرغم من وجود أسلحة آر. بي. جي متوافرة لدى أفرقاء، بيد أنها ليست مصدر قلقه كما يشير.
وقد استثنى قهوجي المقاومة التي تملك سلاحاً ثقيلاً لدوافع تتصل بعملها في مواجهة العدو الإسرائيلي.
وعن وجود سلاح ثقيل لدى أفرقاء اشار الى انهم تحققوا، ولم يتثبّتوا من صحة ما قيل موضحاً ان الجدل الدائر اليوم بين الأطراف هو الاتهام بالتسلّح، وهو أشبه بمَن يلقي الحرام على الآخر فيما الجميع لديهم سلاح خفيف، وهم يعرفون أن الجيش يعرف غير أن إجراءات الجيش ترمي إلى كشف الأمر مشيراً الى ان الجيش لا يسأل عن هذا الطرف أو ذاك، بل ماذا لديه.
ويردف قهوجي في موضوع السلاح انه من الصعوبة بمكان تهريب سلاح إلى أي فريق لبناني عبر البحر، الجيش والقوة الدولية العاملة في نطاق القرار 1701 يسيطران على حركة العبور إلى المرافئ. اما براً لا حدود لنا إلا مع سوريا، وعبر المعابر الشرعية لا تسلّح سوريا أحداً، لأنها تشاركنا همّ الاستقرار الداخلي.
وذكر قائد الجيش ان تهريب الاسلحة يمكن أن يحصل من خلال معابر غير شرعية بكميات قليلة تنقل من خلال وسائل نقل بدائية، ومواجهة أي تهريب سلاح إلى الداخل يتم تقاسمه مع السوريين.
وعن بدء المواجهة الداخلية من طرابلس يرى ان هذا الكلام لا يعدو كونه جزءاً من حرب سياسية تتوسّل الشائعات التي هي أخطر من الحرب الحقيقية.
كما تستند الشائعات حول طرابلس لوجود معارضة وموالاة وسلفيين، واكّد أن الجيش لن يترك طرابلس فريسة هذه الشائعات التي تريد استدراج المدينة إلى نزاع مسلح.
وتشير الاخبار الى ان قائد الجيش وجّه رسائل صريحة إلى كل الأفرقاء يقول فيها: "اشتغلوا في السياسة مقدار ما تشاؤون، ولكن حذار مسّ الأمن، على الأرض احسبوا من الآن حساب الجيش. ادرسوا الوضع كما شئتم، لكنّ الجيش لن يسمح بجعل الأمن إحدى وسائل الخلاف السياسي".
يطمئن قهوجي أيضاً إلى أن الوضع الأمني متماسك أكثر ممّا يشاع. بالتأكيد لا يستبعد محاولات متعمّدة لافتعال خلل أمني. وفي النهاية يقول هذا هو لبنان.
وجاء ردّ قهوجي حاسماً في الاجتماع الذي عقده الخميس الماضي في اليرزة مؤكّداً ان الوضع اليوم مختلف كلياً عن عام 1976 عندما انقسم الجيش. وذكر انه حينذاك تدخل السياسيون في شؤون الجيش وأبقوه بعيداً عن مهمته سنة ونصف سنة في ثكنه فانقسم، بينما الأفرقاء يتقاتلون على الأرض من حوله، من غير أن يُسمح للجيش بالقيام بدوره الحقيقي وكاملاً مشيراً الى ان الوضع الآن ليس كذلك فلا الجيش على الحياد عندما يتعلق الأمر بسلامة المواطنين وحفظ النظام والاستقرار، ولا أحد من السياسيين يسعه التلاعب به والتأثير عليه. ودعا أصحاب هذه الشائعات ألا يراهنوا على انقسام الجيش لانهم يستخدمون الورقة الخطأ في التوقيت الخطأ. واكّد ان الجيش أصلب ممّا يتوقعون، ولا مجال لإثارة حساسيات مذهبية داخل صفوفه.
وقهوجي لم يلمس أيضاً أي إشارة من أي فريق سنّي أو شيعي على أداء الجيش ودوره الوطني: واشار الى ان الجميع ملتفّون حوله، رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، والأفرقاء الباقون الذين يعوّلون على هذا الدور، وكذلك المقاومة.