علاج الجرحى السوريين يتأخر حتى يتمكنون من الوصول الى لبنان
Read this story in Englishانتظر مرهف ثلاثة اسابيع في حي بابا عمرو في مدينة حمص السورية بعد اصابته بشظايا صاروخ سقط قربه، قبل ان يتمكن من الانتقال الى احد مستشفيات شمال لبنان، وقد اصبح في هذه الاثناء وضع ذراعه المصابة غير قابل للعلاج، فاضطر الى بترها.
ومرهف (30 عاما) هو احد الجرحى الذين فقدوا طرفا من اطرافهم بسبب عدم حصولهم على العلاج المناسب في سوريا حيث تعاني المناطق التي تشهد اضطرابات وعمليات عسكرية من نقص حاد في المواد الطبية والتجهيزات الاستشفائية.
ويقول لوكالة فرانس برس مشيرا بيده اليسرى الى ما تبقى من ذراعه المضمدة بلفاف ضخم من الشاش تحت الكتف بقليل "اصبت قبل نحو شهر ونصف خلال فترة الحصار والقصف على بابا عمرو عندما سقط صاروخ بالقرب مني".
واضاف "تم نقلي الى مشفى ميداني داخل الحي حيث بقيت 21 يوما عولجت خلالها من اصابات متفرقة في جسمي، في حين كان وضع يدي اليمنى يزداد سوءا نتيجة عدم وجود علاجات طبية. لحظة وصولي الى مستشفى في طرابلس ابلغت بانه يجب بتر ذراعي".
رغم ذلك، يحتفظ مرهف بابتسامته وهو يستعد للخروج من المستشفى ويؤكد انه سيرتاح اسبوعين ثم يعود "للانضمام الى التنسيقيات والمساعدة في عمليات نقل الجرحى".
ويشير الى ان الجرحى السوريين اقاموا قبل ايام حفلة في المستشفى "ورقصت فيها بينما كنت احمل علم الثورة بيدي السليمة".
ويؤكد الطبيب السوري مهند رافضا الكشف عن اسمه كاملا ان بعض الجرحى السوريين يصلون الى لبنان بعد ايام عديدة من اصابتهم "فتفرض عمليات البتر نفسها تجنبا لحصول مضاعفات خطيرة على المصاب".
ويضيف "الاصابات التي تبقى عشرة ايام او 15 يوما من دون علاج تكون في حالة سيئة لدى وصول المصاب الى لبنان، وقد تفشت الالتهابات في الجرح، ما يضطرنا الى القيام بعملية بتر"، مشيرا الى ان عمليات بتر ايضا لاطراف "قطعت اعصابها او اوتارها" بسبب الاصابة.
ومن الصعب الحصول بدقة على اعداد الجرحى السوريين الذين يدخلون لبنان بشكل شبه يومي، كون معظمهم من المناهضين للنظام ويخشون التصريح عن اسمائهم. الا ان مهند يؤكد انه تم خلال شهر اجراء خمس عمليات بتر اطراف في المستشفى الحكومي وحده في مدينة طرابلس، اكبر مدن الشمال.
ويروي خالد (32 عاما) بدوره انه انتظر اسبوعين في مشفى ميداني في بابا عمرو قبل ان ينقل الى لبنان حيث تم بتر قدمه اليمنى. وكان اصيب لدى سقوط قذيفة هاون على سيارة كان يستقلها مع شقيقه الذي جرح ايضا، بينما قتل السائق.
ويقول "هناك اعداد كبيرة من الجرحى في المشفيات الميدانية في سوريا، ومن حالته افضل بقليل من غيره يفسح المجال امام من هو اسوأ للخروج".
ويؤكد الطبيب مهند الذي يعمل مع تنسيقية اللاجئين السوريين في لبنان من اجل مساعدة الجرحى، ان هناك "وعودا من اشخاص عرب ولبنانيين بتامين اطراف للجرحى"، واننا "حضرنا الملفات وارسلناها اليهم".
ويشير الى ان معظم الجرحى الذين يدخلون لبنان "يحملون اجمالا في اجسادهم جراثيم عديدة نتيجة بقائهم اياما عدة في الملاجىء او البساتين واضطرارهم في بعض الاحيان الى الانتقال عبر شبكات الصرف الصحي بعيدا عن اعين قوات النظام".
وسلك خالد ادريس (45 عاما) طريقا عبر البساتين مع طفلتيه اللتين اصيبتا في قذيفة سقطت على مدينة القصير في محافظة حمص بعد ظهر الاحد الماضي بينما كانتا تلعبان قرب المنزل. واستغرقت الرحلة عشر ساعات طوال، بينما يمكن قطع المسافة عادة بين القصير والحدود اللبنانية في اقل من نصف ساعة.
ويقول خالد "مستشفى مدينة القصير تحت سيطرة القوات النظامية، وخفت من أي مساءلة قد تؤدي بي الى الاعتقال"، لذلك لم يذهب بابنتيه الى المستشفى ولم يسلك الطريق الشرعي بين لبنان وسوريا.
ويضيف خالد وقد جلس على فراش وضعه ارضا بين سريري المستشفى اللذين غفت عليهما طفلتاه نور الهدى (اربع سنوات) وقطر الندى (ثلاث سنوات) "عندما سقطت القذيفة، قتل احد ابناء الجيران وعمره سبع سنوات، فيما اصيبت الفتاتان في انحاء متفرقة من جسميهما".
ويتابع "حملتهما وساعدني جيران واقارب. كنت اصرخ خوفا من فقدانهما، وركضت بهما الى داخل المدينة، حيث تم نقلنا الى مشفى ميداني اجريت لهما فيه الاسعافات الاولية".
لكن عدم وجود التجهيزات والمعدات الطبية لعلاج الاصابات، اقنعه بالانتقال بهما الى لبنان.
ويقول "استعملنا وسائل نقل مختلفة (بين دراجات نارية وسيارات). كانت الرحلة شاقة عبر البساتين، وقطر الندى تبكي كل الوقت، حتى وصلنا الى بلدة عرسال في البقاع (شرق لبنان) حيث نقلتنا سيارة اسعاف الى الشمال".
وبينما هو يتكلم، تستيقظ نور الهدى وتبكي، فيمسك بيدها بحنان ويقبلها في جبينها، ويقول بصوت منهك وبتأثر بالغ "توفيت زوجتي بعد ان انجبت قطر الندى بثمانية اشهر. انا ابوهما وامهما، وهما كل ما املك".