سليمان من القمة العربية: نأمل أن تؤدي مساعي أنان لحل سياسي لأزمة سوريا
Read this story in Englishأعلن رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان أن لبنان قرر النأي بنفسه عن تداعيات الأحداث في سوريا والإلتزام الحياد الإيجابي للمحافظة على استقراره، آملا بالتوصل الى حل سياسي ينهي الأزمة ، و مؤكدا الإبتعاد عن سياسة المحاورما عدا في ما يخص الصراع مع إسرائيل والقضية الفلسطينية، مشددا على ضرورة الإلتزام بالفكر القومي الجامع وبالعروبة الديمقراطية.
وقال سليمان في كلمة له ألقاها خلال مشاركته بالقمة العربية في بغداد اليوم الخميس: " في زمن التحديات والأزمات والتحولات الكبرى، كتلك التي يشهدها العديد من دولنا العربية، تبرز الحاجة الى القرارات الحكيمة والشجاعة".
ورأى سليمان أن هذه القرارات تتخذ على الصعيد الداخلي ، من ضمن اعتبارات السيادة ومستلزمات الحكم الرشيد، بما يضمن تلبية المطالب المشروعة للشعوب، بعيدا من التطرف والعنف، وعلى المستوى العربي الأشمل".
وأضاف: "لقد اختار العراق الجديد طريق التوافق والمشاركة والتعددية من ضمن الوحدة، بعيدا من مخاطر الدكتاتورية أو التقسيم أو الهيمنة"، مؤكدا أهمية " دعم وتأييد العراق للتغلب على ما زال يواجهه من صعوبات وتحديات".
وإذ لفت الى أن " أحداث العالم العربي قد طغت على المشهد الدولي منذ مطلع العام الفائت" أشار سليمان الى أن "هذه الأحداث بدأت تثير في الوقت نفسه بعض المخاوف الناتجة عما تشهده المرحلة الانتقالية في عدد من الدول العربية من مظاهر تشرذم وانقسام، ومن مخاطر انحراف نحو منزلقات الأحادية والغلو".
كما شدد سليمان على أمن هناك "حاجة قصوى للالتزام بالفكر القومي الجامع، وبالعروبة الديموقراطية الحقة، وبقواعد الحكم المبنية على المواطنة والمساواة؛ مع ضرورة المحافظة على التنوع من ضمن الوحدة في المجتمعات التعددية".
وعليه، أكد أن "هذا يستدعي تطبيق الديموقراطية بصورة تسمح بالمحافظة على المكونات البشرية المتنوعة للعروبة، والمتمثلة بمختلف الطوائف والمذاهب الموجودة على الأرض العربية منذ أقدم العصور، وإشراكها في الحياة السياسية، وفي إدارة الشأن العام، بصورة عادلة ومتكافئة".
وأردف : " لقد كانت لهذه المكونات، ومن بينها المكون المسيحي، مساهمات جوهرية في بلورة الفكر القومي وتحقيق النهضة العربية، وفي الدفاع عن قضية العرب الأولى، قضية فلسطين، في مجالات الفكر والفن والأدب والديبلوماسية، وكذلك في ساحات المواجهة والنضال"، موضحا أن المكونات المسيحية "أعطت للعروبة معان ومضامين تتخطى الطائفية والمذهبية الضيقة، بحيث لا يعود من الجائز الحديث معها عن الأقليات، بل عن العناصر المتنوعة المكونة للذات العربية بمختلف أبعادها الحضارية والثقافية والفكرية والعلمية".
واعتبر أن "لا تعارض بين التنوع وبين العروبة"، شارحا أن "الدليل الى ذلك أن بلدا متنوعا كلبنان يعتمد في دستوره نصا يؤكد أنه بلد عربي الهوية والانتماء، وهو جمهورية برلمانية تعتمد نظاما ديموقراطيا يحمي التعددية ويحافظ على الحقوق، علما بأن الديموقراطية هي قبل كل شيء نظام قيم وحريات واحترام للرأي ولكرامة الإنسان"
وتابع: "إ لبنان الذي اعتمد الديموقراطية الميثاقية منذ الاستقلال ويقارب موقع الحياد الإيجابي، مبتعدا عن المحاور والأزمات والصراعات، ما عدا ما يتعلق منها بالصراع العربي - الإسرائيلي وبقضية فلسطين وبكل شأن إنساني، يرغب في الاضطلاع بدور يتماهى مع رسالته وفلسفة كيانه القائمة على الحرية والتوافق والعيش المشترك ويساهم بتعزيز روح التآخي ونهج الحوار".
وحول الأحداث في سوريا قال سليمان أن " لبنان الرسمي والشعبي يواكب تطورات الأحداث في سوريا باهتمام بالغ"، مذكرا أنه " يرتبط معها بعلاقات أخوة وجوار مميزة ومصالح مشتركة".
وأكد أن "الدولة اللبنانية قد ارتأت أن تنأى بنفسها عن التداعيات السلبية لهذه الأحداث، حرصا منها على المحافظة على استقرار لبنان ووحدته الوطنية"، آملا أن " تؤدي المساعي الحثيثة القائمة، ومهمة كوفي انان، إلى حل سياسي ومتوافق عليه للأزمة السورية، انطلاقا من جوهر المبادرة العربية، بما يسمح بوقف كل أشكال العنف وتحقيق الإصلاح والعبور إلى ما يريده السوريون من ديموقراطية، تمكينا لسوريا من استعادة استقرارها وموقعها ودورها".
كما تطرق سليمان عند التطورات التي تشهدها منطقة الخليج ، داعيا الى " تضافر جهود، من أجل تغليب لغة العقل ومنطق الحوار، وتعزيز فرص نجاح المساعي الديبلوماسية القائمة على قاعدة مبادئ القانون الدولي".
وحول القضية الفاسطينة، شدد سليمان على "واجب متابعة البحث عن العدالة في فلسطين ورفع الظلم عن شعبها المناضل".
وسأل : " أين هو العالم اليوم من العدوان الاسرائيلي المستمر على غزة؟ ومن تهويد مدينة القدس؟ ومن بناء المستوطنات غير الشرعية في الأراضي الفلسطينية المحتلة؟ وأين هو من الديموقراطية الحقة التي تقضي بقيام دولة فلسطينية حرة ومستقلة وذات سيادة على الأرض الفلسطينية احتراما لمبدأ تقرير المصير".
ودعا الى " توحيد الصفوف، وجمع القدرات مهما كانت الإنشغالات، والى تخصيص الوقت والجهد الكافيين من أجل خلق الظروف الضاغطة الكفيلة بفرض حل عادل وشامل لكافة أوجه الصراع العربي- الإسرائيلي على قاعدة قرارات الشرعية الدولية التي نلتزم بها".
وخلص سليمان الى القول " لنعط العروبة بمفهومها الديموقراطي والإنساني حقها"، لافتا الى نها "عروبة حال الاستبداد والفساد دون تمكينها من تثبيت نفسها وتحقيق أحلامها طيلة عقود".
وكان سليمان غادر الى بغداد اليوم للمشاركة في القمة العربية، برفقة وزيرا الاقتصاد والتجارة نقولا نحاس والمهجرين علاء الدين ترو وعدد من المستشارين، على أن ينضم وزير الخارجية والمغتربين عدنان منصور إلى الوفد هناك.
وقد التقى قبل انعقاد القمة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ورئيس مجلس النواب العراقي أسامة النجيفي.
ولقد شارك منصور في اجتماع وزراء الخارجية العرب في بغداد أمس الأربعاء، حيث شدد على أن "ما ينتظر شعوبنا هو العمل ووضع القرارات موضع التنفيذ".
وتستضيف بغداد اليوم القمة العربية للمرة الاولى منذ اكثر من عقدين، في مناسبة استثنائية يرى فيها العراقيون حدثا تاريخيا يعيدهم الى المحيط العربي بعد سنوات طويلة من العزلة.
وسيصدر عن القمة ال23 التي من المفترض ان تستمر ساعات قليلة، مجموعة قرارات اضافة الى "اعلان بغداد" الذي سيركز بشكل رئيسي على تفعيل العمل العربي المشترك و"حل الخلافات داخل البيت العربي".
وتطغى الاحداث في سوريا على أعمال القمة العربية التي تستضيفها بغداد للمرة الاولى منذ 22 عاما، وسط تباين في وجهات النظر بين الدول العربية حيال كيفية التعامل مع الازمة السورية.